31 ديسمبر 2007

بخاطرك 2007

ساعات قليلة وتنتهي..
لم أحبها، أخرجت لسانها لي،مازلت أسمع باقي صوتها في رأسي، سأنجو، والأرجح أن أموت، لاثالث لهذين الاحتمالين، فإذا مت فسأهنأ في الترنح، أغيظ الحزن، والتعاسة ، والوجع، وقرصة القلب.. وإن نجوت فتلك حياة..!البارحة آخر الشتاء، شوك في رئتين مصابتين، يقتلني الكلام، كل ماقيل إسطوانة مشروخة، لاتعرف الا العتب، أيتها البردانة، سأحبكِ، - مثلي مثل باقي خلق الله- فما الذي يمكن أن يحدث..؟ وماالجديد في أن يأتي الغد بالرضا او أن يأتي الرضا دون غد؟ وماالذي بقي مني فيكِ..؟
المؤشرات لاحدس لها، لن أقرأ الطالع في صفحة الغيب، العيون المغمضة في التوابيت تنام قريرة، كذلك المعارك التي بلا أظافر أو أنياب.
الرمل ماكان آمناً داخل قبضة محكمة، الخطأ ليس في التسرب بل في الرهان على الرمل، وعلى قدرة الأصابع..
ساعات قليلة وتنتهي ..
لم أحبها، أخرجت لسانها لي، ولا حاجة بي لأكثر من أيام أخرى كي أكبر أكثر، وأعيش في دهشتي، لطالما كانت الوساوس سهلة، ليس عليك إلا أن تنظر إلى يدك عقب كل مصافحة، أو أن تلبس قفازاً تحسباً لأي احتمالات طارئة، الأصعب أن تكون طفلاً وتبقى كذلك، عقب كل خسارة وعقب كل موت وعقب كل مفاجأة.. ليت الرياح تهب بما تشتهي السفن، العيب في السفينة إذن، مادامت الرياح عصية طوال هذا العمر، ومادامت الجهات تؤدي إلى مثوى وحيد، لايتغير، فلماذا التشهي..؟
ساعات قليلة وتنتهي..
لم أحبها ، أخرجت لسانها لي، أتساءل حقاً مافائدة الذاكرة والخطوات دائماً في رحيل، وكما وضعت تيماء القحطاني لنفسها اسماً على الماسنجر" كل الأحياء يصلحون للموت" ولاأدري ان كانت الفكرة لها أم منقولة، لكنها شرسة وتضع الاصبع داخل الجرح، لابأس من الهذيان ولابأس من الخسارات ولابأس بالموت أيضاً على أن تواجه كل ذلك دون أدنى بكاء.. في الندوب نعتمد على الزمن لتجدد خلايا البشرة، والضمادة حل فوري لتجاهل الندوب، الأقسى هو السوط الذي يلسعنا في كل مرة، مستهدفاً المكان نفسه، " القلب" تحديداً
...و..يتبع

29 ديسمبر 2007

حزن مقدس أكثر من نبي


في الحزن كل شيء يبدو صغيراً وغير مهم.. حتى حين أقرر ألا أحزن، وأن هذا الضجِر ماكان يوماً على حق. ولا شيء يكبر بما يكفي ، لعلي تمنيت حقاً ، لكن الصور لم تتطابق.. بقيت بؤرة الضوء بعيدة، احتاج عكازاً للطرقات المزدحمة بشبهة الظلال والخوف، ولاأمشي، لست قلبي اذن ، إن لم أعرفك، وأنت الذي تفوح بالبكاء.
الخسارات السانحة تشرب نخبنا ..فيرتفع الحزن مقدساً أكثر من نبي
فلتحتفظ برائحتي الاخيرة. وبطعم دموعي بين شفتيك.
كانت الايام خمراً أزرق ، تيناً وصباراً، قبل أن يدون الفراق اسمه على جبين الغيب ، ويقول لي: احزني.

28 ديسمبر 2007

قبليني ولا تتركي أثراً( جاكلين سلام)

قبليني ولاتتركي أثراً
احضنيني بشغف ولا تدعي عطرك يتعشّقُ بجلدي
امسحي عنكِ حمرة الورد
شَعركِ اربطيه إلى الخلف جيداً
لا تهدني قصيدة، بطاقة عليها اسمك الكامل
لاتذكري اسمي في دفتر اليوميات
لاتعتبي إن كلّمتكِ بإيجاز
إن لم أقل كم أحبّكِ
افرحي لي، لقد أصبحت أباً لأطفال
وشريكاً لامرأة لاتقاسمكِ قلبي
لاتقرعي بابي بمفاجآت سارة أو صاعقة
لاتنظري في عينيّ مباشرة حين أكون في ضيافة العالم
دعي صدرك رحباً لاحتمالات الغياب
لا تضميني إلى قلبك ساعة الوداع
دمعتي لاتمسحيها بزهد أصابعك
انتظريني،
أنا العاشق الذي لم يعدُكِ بشيء
أحبّكِ، ولا أريد أن أحبّ
لا أعرف لماذا سأرحل
لربما هناك نساء لي
أن أمتصّ وردهنّ بحواسي
أن أقطف ربيع أشجارهنّ بأصابعي
وفي اللحظة الحرجة، أغادر
بوقار
بوجع
وحرقة
أغتسلُ منك ومنهن
في وحدتي يأخذني البكاء
أكتب أغنية إلى المجهولة التي ستحبني حتى الموت،
المرأة التي لاأعرفها بعد،
أجمل النساء.

عن موقع كيكا
جاكلين سلام الشاعرة السورية المقيمة في كندا

14 ديسمبر 2007

قمة الرومانسية

وسط ضغوط الحياة وزحمة المرور والغلاء المتصاعد والوعود المتتالية بزيادة الرواتب، والتي إذا صدقت فهي ستخص فئة وتنسى أخرى.. وسط أخبار الفضائيات واختلاف الراي الذي يفسد للود ألف قضية.. وسط العولمة وارتفاع النفط وتدهور سعر الدولار.. وسط المشاكل البيئية المتفاقمة، والاحتباس الحراري وثقب الأوزون.. وسط تدهور حالة الكتاب من سيء الى أسوء، وتصاعد نسبة الأمية في الأوساط الثقافية المأزومة والمصابة بأمراض عضال قادتها الى غيبوبة (لامن تمها ولا من كمها).. وسط موجة الهز التي صارت شغلة المالو شغلة .. وسط القمم التي تنعقد ثم تنفرط، ثم تنعقد ثم تنفرط... وسط معارك الكراسي التي تدور رحاها بشراسة حتى لو كان الكرسي للسيد البواب.. وسط كل ماسبق من الظروف المحبطة يصبح لزاماً علينا أن نجد وقتاً لبرهة من الرومانسية، صحيح أنها صارت موضة قديمة ، وقد لاتناسب المتقدمين في السن ، إلا أن القليل منها ينعش الفؤاد على حد تعبير شاعر مات بحسرتها. وبسهولة يستطيع أي منا ابتكار رومانسيته الخاصة بحسب أوضاعه وظروفه ، فمثلاً يمكنك ان تسعد صباحك بأغنية فيروزية جاعلاً منها لحظة رومانسية، ويمكنك أن تشتري وردة لنفسك واعتبارها شأناً خاصاً رومانسياً،كما يمكنك أن تضع قسيمة السحب التابعة لمشترياتك داخل صندوق الجمعية وتعتقد أنها ستفوز، أما إذا عثرت على وجه ضحوك لايعقد حاجبيه ولاينفخ زفراته في وجوه خلق الله فتلك صدفة رومانسية بحتة... أما بالنسبة لي فإني أترقب عرض فيلم " الحب في زمن الكوليرا" على شاشاتنا المحلية متوقعة ألاتمسه يد السيدة الرقابة بسوء، وتلك بالطبع قمة الرومانسية..!
نشر في جريدة النهارالكويتية

30 نوفمبر 2007

جهة الزرقة: وجوه


بعض الوجوه لها قامة في القلب لا يغيرها تعاقب الفصول، ولا وطأة المرض، ولا قسوة المسافة.
.بعض الوجوه عصية على التعب، وعلى اللوم، وعلى سوء النية..
بعض الوجوه لا تتهشم كما الزجاج، ولا تصطنع المعروف، ولا يعنيها الحضور أو الغياب..
بعض الوجوه لا تشحب.. ولا تبخل.. ولا تنأى..
بعضها بستان نبل؛ ذاكرة لا تشيخ؛ نجوم لكل ليل محتمل..
بعض الوجوه تقول لنا ان الدنيا بخير ماداموا فيها، وان الإنسانية تكمن في نقطة من القلب لايستطيع أنذال العالم افسادها..
لذلك فمن غير المهم أنها وجوه تخاف، لأننا جميعاً خوّافون أمام النصل والفخ وعتو البرد،
ومن غير المهم أن تبتعد، فالمسافة دائماً بلا منطق،
ومن غير المهم أن تنتابها الهواجس، فتنسى لبعض الوقت حسها الساخر، ومصائد نوادرها، وتعليقاتها المتربصة، والممرات القصيرة إلى قصائد تأتي عفو الخاطر،
بل ومن غير المهم أبداً أن تقلق وتقلقنا، فحتى اليقين لايمكن أن يكون حتمياً، والعبث مسرح الحياة.
سنغفو قليلاً ننتظر قهوة على رائحتها تفوح الأحاديث، تدغدغ ضحكات ستمتطي الريح والضوء، ثم سنغزل من ألوان الفراشات أزماناً قايضنا يباسها بالحنين، سنسرقها على غفلة من ورقة الرزنامة، لأنه ليس إلا توقيتاً متمرداً، ونحن لن نستهلك أصابعنا في تعداد المودات القادمة، والألفة التي بمحض العادة تعودت ألا تعتب ولا تعاتب..
سنسكت.. لبعض الوقت فقط، فالأحزان كما الأفراح تباغتنا كأنها تحدث للمرة الأولى، والزفرات الثقيلة لم تكلف نفسها مرة واحدة عناء التبرير، كما أن الله لم يمنحنا فضيلة الانبعاث من سطوة الوجع.
أنظر إلى داخلي، فأرى تلك الوجوه متعبة تعلن وحدتها، تكبت البكاء، تستغرق في مساءاتها البعيدة، وتنسى أن الأصدقاء هالات نور لوقت العتمة.
سيتشرد الكلام،ويترقع بألف رقعة..
سنقف على أطراف الوقت، ننتظر، فبعض الوجوه نادرة لا ترضخ لقوانين الوجود، ولأنها كذلك فعلى العالم انتظارها. ستعود.

21 نوفمبر 2007

الجمال يكسب

أثناء أحد تجليات 'الصفنة' -وهو تعبير يطلق على حالة الشرود التي تفاجئك وأنت في خضم حدث اجتماعي حاشد- اكتشفت أن غالب السيدات الحاضرات يبدون أصغر من أزواجهن بكثير، وبعد التمحيص والتساؤلات الفضولية، اكتشفت أن الفارق شكلي فقط، ولاتؤكده البطاقات الشخصية.. ففي الوقت الذي تبدو فيه المرأة المتزوجة منذ أكثر من عشرين سنة أختا كبيرة لابنتها، يظهر الرجل وكأنه أب للاثنتين، خاصة أن الحزام يقسم كرشه المنتفخ إلى قسمين، فيما تلمع صلعته أكثر من شمس ساطعة، أما تنفسه المتقطع بعد التهام وجبات العشاء الرسمية، فهو دليل قاطع على أنه في سن الشيخوخة.أما الزوجة ( زوجته)، فيبدو أنها تتدارك نفسها أولا بأول، فهي تواظب على رياضة الايروبيك، وتسبح مرة أو مرتين في الأسبوع، ولها اشتراك أسبوعي لتسريح شعرها وصبغه ونكشه وتلوين بعض خصلاته، كما أنها تقف على الميزان كل عشر دقائق لتتأكد أن كارثة الوزن الزائد لن تغافلها لا سمح الله..ولست على ثقة تامة، بأن الوعي قد داهم المرأة وحدها من دون زوجها، لتكتشف أساليب الحياة الصحية، والعمر المديد، والشباب الدائم.. بل أغلب الظن أن المجتمع الذي طالبها منذ جدتها حواء بأن تكون جميلة وتصمت، والذي فاجأها بأن عمرها رذيلة غير مبررة، وبأن صلاحيتها يمكن أن تنتهي في لحظة ما حين يستبدلها الرجل بأخرى أكثر شبابا وحيوية.. كل ذلك جعلها فطنة لتعرف بأن الجمال - طبيعيا كان أو صناعيا - هو بطاقتها الرابحة، وهي لم تصدق ما يتشدق به هواة التنظيرات عن أن الجمال هو جمال الروح، وأن الأخلاق تاج كاف واف، مادام الواقع يدحض كل ذلك.. فالخطاب يطرقون باب الجميلات، والوظائف المهمة والراقية تنالها الجميلات، والانطباع الأول لكل العلاقات الاجتماعية يعززها الجمال، والشعراء لايتغنون إلا بالجميلات. لذلك شئنا أم أبينا، فإن الجمال ورقة تميز لا يمكن تجاهلها.
جهة الزرقة:
نشرت في القبس23/8/2007

أهمية أدب الأطفال ودوره

في مناخ وأجواء عائلية يشح فيها تواجد الكتاب بكل أنواعه يصبح من الصعب الحديث عن كتاب الطفل وأسباب فقدان الطفل لشهية القراءة، ففاقد الشيء في النهاية لايعطيه. ففي الحقيقة لايمكن فصل ثقافة الكبار عن أطفالهم، فالكبار ينقلون ثقافتهم وثقافة مجتمعهم سلباً وإيجاباً إلى صغارهم، وقد كانت حكايات الجدات هي الناطق الرسمي بذلك، سوى أن تلك الوسيلة الشفاهية من النقل المعرفي للتراث آلت إلى الانقراض.الحكي يحقق الألفة والعلاقة الحميمية، لكن غياب الجدة وحكاياتها المتخيلة عن فراش الطفل لم يترافق مع الحضور الفعلي للكتاب كما في الغرب سواء مصوراً للصغار أم النص المكتوب للفتية الأكبر سناً، فالطفل عبر القصة أو الحكاية أو الحكي يستحضر في ذهنه مسرحاً متخيلاً للأحداث مما ينمي لديه أكثر من ملكة. وتعد وسائل الإعلام مصدراً من مصادر ثقافة الطفل، وقد برز مؤخراً مصطلح الإعلام الثقافي للدلالة على صناعة ثقافية تهدف إلى صناعة المستقبل وتثقيف الطفل وإمداده بما يلزم من كتب ومجلات موجهة له.. لكن أي منهج يحتاج في العادة إلى أهداف واضحة، والإعلام الثقافي على امتداد الوطن العربي الحاضن لهذه الثقافة يختلف في أولوياته من بلد إلى آخر، فما تختاره السعودية لتقديمه للطفل يختلف عن ماتتطلبه دولة الكويت، والوضع أيضاً مختلف في سوريا عنه في مصر عنهما في المغرب وهكذا..تُعرف ثقافة الطفل أنها مجموعة العلوم والفنون والآداب والمهارات والقيم التي يستطيع الطفل استيعابها وتمثّلها في كل مرحلة من مراحله العمرية الثلاث، ويتمكّن بوساطتها من توجيه سلوكه داخل المجتمع توجيهاً سليماً.وتعتبر مجلة (العربي الصغير) الصادرة عن وزارة الإعلام بدولة الكويت منذ عام 1986 والتي حددت أنها موجهة للأطفال من عمر 9 سنوات إلى 14 سنة وقد خصصت ثماني صفحات للأطفال الأصغر سناً، وكانت أهدافها التي حددتها في الأعداد الأولى من إصدارها «خلق جيل من أبناء الوطن العربي مخلص للثقافة العربية بروافد المعرفة، معتز بعروبته ومعتقده» وبالفعل، جاءت أبواب المجلة منوعة وغزيرة، فقد اهتمت بالموروث العربي الحكائي جنباً إلى جنب مع الحكايات المعاصرة والحكايات المصورة، ومن الملفت اهتمامها بالجانب العلمي الذي تغفل عنه الكثير من منشورات الأطفال، وجاء فيها باب للتعريف بالفن والفنانين العرب والأجانب،وآخر للتعريف بالشخصيات الإسلامية، إضافة إلى الصفحات المخصّصة لإبداعات الأطفال ورسائلهم وعناوينهم. ويتضح من أبواب المجلة شيء آخر إضافة إلى التنوّع هو الحرص على إضافة أبواب جديدة وعلى تعديل أساليب طرح الأبواب الثابتة. كما أن هناك توازن بين الجانبين الماضي والحاضر والأدبي والعلمي والاهتمام بتنوع القيم وتنمية القدرات والمهارات، لكن يأتي كل هذا بعيداً عن توعية الطفل ولفت انتباهه إلى المشاكل التي تحفل بها مجتمعاتنا من فقر وجهل واستلاب للحريات ومشاكل الرأي والتهديد بالحروب وعدم الأمان. إضافة إلى العربي الصغير فهناك مجلة (أسامة ) التي تصدر عن وزارة الثقافة السورية منذ 1969 وأيضاً مجلة سامر الصادرة في بيروت ومجلة (ماجد) الصادرة من أبو ظبي، وغيرها من إصدارات لا يتسع المكان للحديث عنهم بالتفصيل رغم جودة وأهمية ما تقدمه للطفل في مراحل حياته المختلفة لنمو الطفل، ونفرق هنا بين ماقبل سن التعليم ومابعده، إذ ينبغي ألا يقتصر المنتج الثقافي على الحشو المعرفي والمعلوماتي، بل لابد من الانتباه لتنمية الذكاء واعتباره قيمة موجودة بشكلها الفطري الغريزي عند الأطفال ، والذي يساعد على تنمية القدرات العليا أكثر مما تفعل الذاكرة.إن التحصيل اللغوي والثراء في استخدام المجازات وتنوع الدلالات والاستخدامات هي قدرات يكتسبها الطفل جراء القراءة والمطالعة، خاصة وأن هناك الكثير من أطفالنا ممن يعانون مشاكل نقص مهارات اللغة العربية، نتيجة تحصيلهم في مدارس أجنبية اللغة، فكتاب القراءة ماقبل النوم يسد تلك الثغرة بسهولة حين تستوفي القصة أو المجلة أو الكتاب أهدافها التربوية، وتجذب اهتمام الطفل، وهذا ماتفعله أيضاً الافلام والحكايات والاناشيد والمسرحيات ، حين تتوافق مع حاجة الطفل من الخيال والجذب. إن الاكتساب المعرفي في الاطلاع على ثقافات أخرى، وتكوين عادات وجدانية صحيحة وتنمية العواطف السليمة بالنسبة للطفل الذي يكون في العادة يملك مشاعراً رقيقة وخبرات فطرية عن الخير والسعادة كما أن سعة خياله وحبه للاكتشاف والتعلم يجذبه نحو كتاب متوفر وفي متناول اليد، ففي مكان خال من مكتبة وكتب لن تستطيع لفت انتباه الطفل إلى أمر طارئ وجديد عليه حين تجبره على قصة يتيمة اشتريتها بحكم الواجب.. إذ أن الألفة بين الطفل والكتاب تبدأ منذ اللحظة التي يضعه فوق ركبتيه مقلباً صفحاته دون أن يعي تماما مادة الكتاب في متابعة مدهشة للألوان والصور، وهذه تجربة أولى وهامة في حياة الطفل، تولد فيه البذرة الصغيرة لبوادر النضج والتوهج الذهني والوجداني وتنشئة الشخصية إضافة لنمو الحس الذوقي لما يسمعه من حكاية أو قصة. بعدها تتكون عادات التذوق السليمة والاختيار الجمالي في كل مايتصل بالحياة اليومية والاجتماعية والحضارية، فالطفل يتعلم انشاء علاقات ايجابية بناء على مااطلع عليه من تجارب لأبطال قصصه، ويتعلم إصدار أحكام ايجابية حول ما يخص النظافة والانضباط والنظام والتصرف اللائق.. والقيم الأخرى من التصميم والشجاعة والجلد وتحمل الأعباء ولابد من الانتباه أيضا إلى السلوك الجانبي الذي يعنى بإرادة التغيير والعزم والتنافس، إذ الهدف دائما بناء الشخصية السليمة الخالية من الاضطرابات العصابية.هذا يعد انعكاساً للآفاق التي أتيحت له مما يعالج سلبيات الأطفال وانطوائهم وعزلتهم وارتباكهم أحياناً، بما لديهم من خبرات نقلتها لهم الأجواء القصصية.. فلايتخوف الصغار من المواقف المشابهة. إذ لابد من الاهتمام أثناء الكتابة للطفل إلى:-ربط الطفل بتراثه الحضاري والاسلامي. - ربط الطفل بواقعه اليومي المعيشي.-الاطلالة على منجزات التطوّر العلمي والتكنولوجي.- غرس القيم الأخلاقية.- تشجيع الطفل كي لايكون سلبياً بل مبادراً لكل مافيه خير وبناء للوطن. - مساعدته على توجيه أوقات فراغه، والاستفادة من هذه الأوقات بما يعود عليه وعلى من حوله بالنفع. إن الكتابة للطفل بعكس مايتصوره الكثيرون، فأنا شخصياً أتهيب منه، وهو بالفعل من أصعب أنواع الكتابات، وتتحكم فيها عوامل كثيرة، منها السن كمرحلة عمرية، فكل سن له طريقة فى الكتابة والرسوم والإخراج الفني لابد من اطلاع تخصصي عليها ، والحق ان الكتاب بشكله الإخراجي الحالي فقير بالنسبة لطفل صارت الالكترونيات في متناول يده قبل أن يعرف إمساك الملعقة، ولابد من نسف كل الطرق القديمة في نشر الكتاب الذي يعتمد فقط على اللون والصورة، فالكتاب الحديث يجب أن تتنوع مصادر الإثارة فيه فيكون ملحقاً أيضا بحسب عمر الطفل بميزة تحويله إلى ورشة رسم أو خيال الظل، كما أن الفكرة نفسها يمكن نقلها إلى المدرسة بجذب الطفل إلى تحويل قصة ما إلى مسرحية يمثلها أصدقاؤه وتكون الورشة كلها من صنع الأطفال، ويكون الكتاب القصصي المؤلف هو محور تلك الورشة، فيصبح من خلالها الكتاب بقصته عدة قصص وعدة رسوم وعدة قطع موسيقية وعدد من العرائس وعروض فنية متكاملة. والبعد عن الأسئلة الساذجة التي تعقب القصة من مثل « ماذا تعلمت من القصة؟وما الذي أحببته في هذه القصة؟ وغيرها من أسئلة انتهى زمنها، واستبدالها بأسئلة جادة حول كيفية البحث عن المعلومة والمتعة والفن. والبعد عن السطحية في مواجهة الأمور، وتنمية قدرة الطفل على الخلق والتفكير والابتكار بدلا من الحشو المدمر للعقول.الحقيقة أن الكثير من الأمور تقصي الطفل عن اكتساب عادة القراءة، فهناك نقص في عدد ومحدودية المجلات والكتب وقصص الأطفال، خاصة تلك التي تستهدف المراحل الأولى من الطفولة، بعيداً عن طريقة التوجيه المباشر المتعارف عليها.. خاصة أن المعارف والمعلومات صارت متغيرة بشكل سريع، ولابد من أن نربي طفلاً قادراً على التكيف مع عصر متغير، معتمداً على عقله ومنطلقاً من التساؤل والبحث، من دون أن تقتصر المعرفة على التاريخ والأدب بل الانتباه أيضا للنواحي العلمية والاكتشافية وتذوق الفنون حتى التجريدي منها
اعداد: سوزان خواتمي.

05 نوفمبر 2007

صورة مسروقة من مدونة أحمد محجوب طيب الله ذكره


أخلاقنا ياعيني

يبدو أننا سنحتاج إيمانويل كانط ليفسر لنا الأخلاق ، فيقول لنا مثلاً بأن علينا أن نعامل كل شخص على أنه غاية في ذاته وليس مجرد وسيلة، أو إن على الفرد أن يجعل سلوكه قاعدة للإنسانية، فلا يتفاوت في تصرفاته بين مستويين للعدالة ومستويين للرأي ومستويين للمعايير، في ازدواجية غير محمودة العواقب.
من المؤسف حقاً أن تغيب عن مداركنا العقلية والسلوكية المنظومة الأخلاقية الصارمة وغير مزدوجة المعايير رغم تبجحنا بمرجعية دينية يُفترض أنها قادرة على أن تكون وازعاً إضافياً مسانداً للضمير الذي يغفو ويفيق بحسب الحالة.
بينما نجد أن أمماً أخرى " متقدمة " تشكلت لديها منظومتها الأخلاقية، دون أن ترتبط بالدين حتى! بالطبع لا يمكن القول أن كل فرد ينتمي لتلك الأمم هو مثال ملائكي النزعة، أو خال من أهواء فردية شريرة، لكن الأخلاقيات التي تحكمه بالعموم نشأت في ظل قوننة الحياة، واتساق هذه القوانين مع حاجته، كونها تقدم منفعة متساوية للجميع. لذلك نرى الغالبية تلتزم بقوانين العمل والنظافة و المرور، و حتى الضرائب لأنها تعود عليهم بخدمات عامة لمجتمع يعتد بتنظيمه، وعلى ذلك تقاس كل الأمور، فهو يعلم أنه مسؤول عن أقواله وأفعاله ومصداقيتهما التي ما أن تقع في مخالفة ما حتى يحاسبه قانون لايتسامح ولا يعرف الوساطات، وتقبيل الجباه والخشوم، على رغم أنه - ومازال الحديث عن مواطن الأمم الأخرى " المتقدمة "- يعتبر حريته الشخصية حقاً مقدساً كفلها القانون، ولا يحق لأحد المساس بها أياً تكن جهة التدخل.
لذلك تستطيع محكمة أمريكية على سبيل المثال، وكما جاء في الخبر الذي نشرته النهار في صفحتها الأخيرة منذ أسبوع، أن تقضي بسجن سيدة من ولاية فيلادلفيا عامين مع وقف التنفيذ على أن تؤدي 200 ساعة عمل في خدمة المجتمع بأحد المساجد وأن تحصل على دورات تدريبية في إدارة الغضب والتنوع العرقي. وقد كانت جريمة هذه السيدة أنها بعثت رسالة تهجم إلى رئيستها في العمل، وهي أمريكية مسلمة من أصل مصري، ما اعتبرته السلطات الأمريكية القضية جريمة كراهية.
إنه مثال للعدالة، على رغم أن الأمر ليس كذلك على جميع الأصعدة، لكن القانون حجة هناك، وهو قادر على أن يعطيك حتى حقك المعنوي. إنها ضوابط تحدد أن مالاترضاه لنفسك لاترضاه للغير، فيما تتنازعنا أهواء بين مانحن عليه فعلاً ومانريده لأنفسنا أن نكون،فتختلط الأمور بين واقع نراه في قلة الانضباط والتهرب من المسؤولية، والشطارة بمعنى أن كل ماتستطيع اغتنامه من غير أن تتعرض للمساءلة، هو مُشرعن!
الأخلاق ليست تنظيراً ، ولا تملك مستويين سري وعلني، لذلك فلابد من الاعتراف أننا نرضخ لسلطة الأخلاق التي تمارسها الأسرة والسلطة القانونية والدين وفي حال غياب أي منهم أو كلهم معاً نتصرف على علاتنا ، وينكشف المستور
.

04 نوفمبر 2007

شرطة مرور حلب حفظها الله تستخدم طائرات الهلوكبتر

إذا كنت- على غير العادة- تعبر الشارع من ممر المشاة، محتمياً بالإشارة الضوئية الخضراء التي تعني –إعبر- وكانت السيارات مازالت تندفع من حولك، رغم أنف الإشارة الضوئية الحمراء التي تعني – توقف
..
إذا كانت الأرصفة محطمة، وبارتفاعات مختلفة، وتُستخدم كمصف للسيارات، بحيث يصبح المشي فوقها أشبه بمشي البهلوانات فوق سلك
..
إذا رأيت دوار (عين الله عليه) مع ذلك فهو محاط بالإشارات المرورية، فاعلم أنه إنجاز خاص لا علاقة له بعجائب الدنيا بل بتنظيم السير، ورغم ذلك فهناك سيارات توفر على نفسها البنزين، فلا تتكلف مشقة الالتفاف الكامل حول الدوار
..
إذا كنت شاهدَ عيان على مخالفة سرعة صريحة، أو وقوف في الممنوع، أو عرقلة سير، والتفت لتجد شرطياً مستكيناً يرى ما رأيته دون أن يحرك ساكناً
..
إذا هاجمتك سيارة فخمة أو حتى سيرفيساً شعبياً (المساواة الطبقية هنا واضحة)من غير أن تخفف سرعتها، رغم أنك تركض بكل طاقة ساقيك، ولهفتك على الحياة، لتصل مقطوع الأنفاس إلى الرصيف المقابل
..
إذا كنت في شارع عجائبي (له علاقة بعجائب الدنيا السبع) قديم ورصين في منتصفه جزيرة من الأشجار الظليلة والوارفة الممتدة لكن كلا الطرفين باتجاه واحد
..
إذا كنت في طريق بين المطب والمطب هناك مطب، هذا غير المطبات التي أحدثتها الطبيعة في الإسفلت القديم والمشروخ، وجميعها مفاجئة لأنها غير مخططة، فعليك إن أردت أن تتفاداها أن تحفظ مكانها.. وإلا
..
إذا كنت في شارع يشبه يوم الحشر، بحيث يختلط فيه الذي يمشي على قدمين، بالذي يركب السيارة، بالذي يقود دراجة هوائية، بالذي يركب – طرطيرة- بالذي يتعكز على عصاه، بالتي تدفع عربة أطفالها، دون أي فارق بين شيء وآخر..
إذا كنت في شارع باتجاه واحد، وفاجأتك سيارة قادمة من حيث لا تعلم، فأنت أمام احتمالين إما أن يرسل لك قائدها ابتسامته اللزجة، أو أن يضطهدك بنظرة فوقية.. وفي كلا الحالين عليك أن تفسح له الطريق
..
إذا كنت ممن أنعم عليهم الله بمقود سيارة، واعترضك كائن يقف في منتصف الشارع دون أن يتحرك، لأنه يريد أن يوقف تاكسياً أو سرفيساً، فعليك أن تعتمد شطارتك فتلتف من ورائه أو من أمامه، دون أن تلمس ظهره أو بطنه أو حتى تخترق نظرته – المستنكرة- التي يطلقها عليك لأنك أزعجته
..
إذا كنت تمر تحت جسر، والسيارات تطلق زماميرها فتملأ الأرض والسماء، دون سبب معروف، وهي تقف في أنساق ( ملخبطة) لأن الخطوط الأرضية مفقودة تماماً، و يقسم العارفون بواطن الأمور أن أي شارع يتم تخطيطه يزول بعد أيام معدودة، أو حتى ساعات معدودة
..
إذا كنت في عز الظهيرة- مسلوق مثل دجاجة- أو في آخر المساء – متعب ومنهك- وأشرت إلى تاكسي كي ينقلك بضمان مكان الإقامة إلى حيث تريد، فإنك ستصدم بأن السائقين هم اللذين يقررون وجهة مسيرهم، وأنت وحظك الذي غالباً ما ينتهي بانطلاقهم، تاركين حضرتك للأقدار السماوية
..
إذا ركبت سيارة إجرة، وأردت أن لا تسمع شتيمة تخص كرمك المشكوك بأمره، فعليك الامتثال إلى ما يطلبه السائق منك بغض النظر عما سجله العداد
..
إذا ركبت تاكسي مع سائق لا يعرف أيا من شوارع المدينة الرئيسية ولا الفرعية، ولا أي معلم من معالم المدينة، وكان ينطلق مثل سهم، و(يزوبق ) بين السيارات الأخرى في حركات بهلوانية، فيما يلتصق ظهرك بالمقعد، وأنت تصلب أو ترتل آيات قرآنية على نية الوصول بالسلامة
..
إذا كنت في سيارة أجرة، وفتح السائق معك حديثاً يسألكِ عن دينك، وعن السبب الذي يجعلكِ تسيرين دون حجاب رغم أنك - ماشاء لله عليك- تبدين بنت ناس أوادم ومحترمين
..
إذا شاءت أقدارك أن تعلق بزحام المدينة دون أن تجد مكاناً تركن فيه سيارتك، أو تجد نفسك محاصراً في شارع ضيق لا تستطيع أن تمر به لأنه مشغول برتل من السيارات على جانبيه
..
إذا صدف أنك مستعجل، وليس أمامك خيار سوى السيارة القديمة المتهالكة التي وقفت لك ، فستجد أن مقعدها وسخ وأنك لا تستطيع أن تسند ظهرك، ولا أن تلمس المسند، ولا أن تفتح النافذة لأنها معطلة، فتتساءل ببراءة متى كانت آخر مرة دخلت تلك السيارة الفحص الفني وخرجت بختم اللياقة
..
فيما لو انطبقت عليك كل الاحتمالات السابقة، فهذا يعني أنك مواطن يعيش في مدينة حلب، وأن احتفالية عاصمة الثقافية الإسلامية قد انتهت وأخذت معها التنظيم الظاهري الذي رافقها، وأن أياً من المسؤولين المعنيين بقضية المرور والتنظيم لم يعد يستخدم شوارع المدينة، بل صاروا يركبون طائرات الهلوكوبتر، لأنه السبب الوحيد الذي يجعلهم يتغاضون عما يحدث في شوارع الموت والفوضى
..

وشوشات الشاي

حنجرتي
الصدأ العالق بما لم يقله الحنين
حنجرتي..
جروح الوردِ في شاسع غربتي
يرتد الصمت محتقناً بمواجع الرحيل..
وما سمعتني الليالي حين ذرفتها على صدرك
كنتُ وحيدةً، وكنتَ تزفر ما بقي من روحك
قاتماً.. صامتاً.. تخربشُ الوقتَ بأظافرك..
اخفضْ قسوتك قليلاً كي تسمع فراشاتي المأخوذة بطفولتها
سنتبادل الأسماء حقاً.. بقيد الوعود
قريباً من الحياة
تطلقنا النداءات حباً
أجفلتك الحروف وأجفلتني
أحركُ السكر في الشاي
أصابُ بالدواروأنتَ ترتكب الغرور..
كأنك لن تحتاج كفي يقود وجهك
كأنك كارثة الكسور.. لا تشتهي ارتشاف الشاي
****
الفجر ملء السماء، ومازلنا فارغي الوفاض، هالات السهر بيننا والصمت..
المرآة تبالغ : قلتَ لي
وكان
قد آتاك الحب .. ودمي قربان
الوجع ينقض الوضوء..
والحاضر يشرق في الظهيرة..
يغني مسالك العشاق الغاويين
أقدامهم الربيع تنبت عشباً، وتطير لأجلهم الحساسينتذكرتَ كيف يكون انهمار اللون
تمتمات على سجادة فارسية، تحكي ماكان سراً، ماكان افتراضاً، ماكان حياء الشفاه
تذكرتَ عجين اسمي في زادك.. في خمر بصيرتك
في سراب منافيك البعيدة .. في خرمشات عتمتك.. إذا التفت الظلال على الظلال
فلا نبت حلم.. ولا ترجتك الأشواق
حيث تركتَ الحقائب جثثاً فوق خزانتك
واستلقيت كالموت على برد فراشك
لم أشعر بك
لم تشعر بي
كنا كخشب المنافي..كعفن الأزقة الحائرة
كنا كالتهاب الصدأ على أسيجة الحدائق المهجورة
كنا مواسم السواد.. غربان الغصات.. جفاف الحقول
****
الفجر ملء السماء، ومازلنا فارغي الوفاض، هالات السهر بيننا والصمت..
المرآة تبالغ : قلتُ لك..
وكان
ثمة مرة أخرى
قد داهمني وجهك شمساً/ سماءً / ريحاً
حتى ثملتُ.. أطير إليك بمعصية الجناح
أحمل معي ليالي شوق لم تنم.. ولم تستريح..
أحبكَ
أعلق بالغيم خلاخيلي
أركض ..أركض حتى آخري
بين الجنون والهاوية
أواصل في الهذيان، خطط النجاة
زاد من كحل وضوء، قد قامت الروح من الأسى
لتنفض ماعلق بها من جفوة السنين
أحبكَ
ألهث في حناء سمرتك
وأنت الفرح سكينة الطيبين
رائحة المطر في أنفاس عاشقة
وأنت ابتكارات أول النهار
انسلال السحر من أصابع عرافة
أشواق الوصول
****
كنت أحرك الحلم في فنجان الشاي
ثلاث قطع من السكر.. وجهك.. وصباحي
إذ كلما كتبتك أكثر
كلما ظننت أني أعيش

03 نوفمبر 2007

كما الرغبات المحققة
هنا ثانية
أو مرة أخرى : أسرح في المدى حافية شمساً تمشي فوق الماء ولا تغرق

31 أكتوبر 2007

ياله من وطن!

كتب يقول " المحبة وطن"، ولم يقل الوطن محبة، من يومها وأنا أفكر بأوطان غادرناها، وتلك التي غادرتنا، بأوطان لها طعم الخبز، وأخرى لها طعم الحلم، أوطان ليست لنا رغبنا بها، وأوطان أحببناها فخذلتنا، وأوطان أحبتنا ولم نكن أولادها الطيبين، أوطان رحيمة كقلب أم، وأوطان عابسة على الدوام، كأن قدرها أن تكون أرض السواد. الأوطان توقعات غير محسوبة لإفتراضات لاتتحقق غالباً.
فإن كان الوطن أهزوجة للمناسبات الرسمية والسعيدة، فالتاريخ حافل بمطبات لاعلاقة لها بالسعادة، يدعونها الحروب، التي ما إن تنتهي حتى يعرف طرفاها أنها كانت مجرد "سوء تفاهم" ستحله كونداليزا رايس. وإن كان الوطن رقعة أرض، فما معنى الجهات الأخرى تلك التي قطعوها أو وصلوها أو استغنوا عنها، فنكون هنا مرة، ونصبح مرة هناك. وإن كان الوطن محض شعور ففي القلب نفق صغير تهرب المشاعر منه..
فهل هو حاجة، أم فكرة فاضلة عن الحب؟. يبدو فيما يبدو أن لاشيء أكثر مخاتلة من معنى الوطن.. الوطن زمن طويل، لا نحتفظ بالوطن كصورة تذكارية نضعها داخل إطار، ثم ننساه.. إنه ذاكرة نحضر فيها ونُخلص لها، دون سؤال ولامساءلة، لأن عصفوراً غرد نافضاً ريشه دون أن يخاف .. ولأن عيني التقيتا بعينيه فظننت أني أعرفه، لكنه مضى، ولم يلتفت، ومع ذلك لم أنسه.. ولأن مدام (بيزر) تركض وفي يدها ملعقة وراء الطفلة المسلمة التي كنتها، فتطعمني ثم تعيدني إلى أمي، فقد أنجزت بنجاح مهمة تغذيتي.. ولأنه الاعتراف بأن الضحك والبكاء تساويا حين حاولت أن أتذكر أكثر ولم أفلح.. لذلك فإن أختي مثلاً، والتي تقطن على الضفة الأخرى من المجهول، تردد أشواقها بصوتٍ عال، ربما لأنها تريد لأولادها أن لا ينسوا..
فإن كان مسقط الرأس، يعني المكان الذي ولدتَ به، وشرشت به جذور آبائك هو الوطن، فما معنى أن يسجى جسد سركون بولص كاملاً برأسه وقدميه في كاليفورنيا وهو من حبانية كركوك؟. ومامعنى أن يموت عبد الرحمن منيف في دمشق، ويتسلى الأشقياء بنبش قبره؟. ومامعنى أن تحلم سعدية المفرح بوطن بحجم بيت شعر؟.
"قال ممدوح عدوان رحمه الله: " يا بلادي التي علمتني البكاء
مقال نشر في جريدة النهار الكويتية

17 أكتوبر 2007

مصطلح الأدب النسائي يحتاج إلى مراجعة

قبل أكثر من مئة عام قالت جيني هيربكورت : "سادتي لاأستطيع أن أكتب إلا كامرأة بما أن لي شرف كوني امرأة "
كان ذلك رداً على الجدل الدائر آنذاك حول قيمة ما تكتبه المرأة، والذي مازال قائماً عندنا على الأقل..!
وتاريخياً في الأدب العربي الحديث تقدمت السردية النسائية على ماكتبه الرجل، فأول رواية عربية كتبتها اللبنانية زينب فواز عام 1899 وكانت بعنوان" حُسن العواقب أو غادة الزهراء" بعدها بفترة زمنية لابأس بها كتبت ليبية هاشم رواية " قلب الرجل" .. إلا أن سياق الكتابة الإبداعية بشكل عام لم يثبت حضور المرأة وقضيتها في المشهد الثقافي بقي خجولاً حتى منتصف الخمسينات ليتصاعد مع كوليت خوري وليلى بعلبكي ولاحقاً غادة السمان، وأخريات..

لماذا الأدب النسائي أو النسوي، ولماذا هذا الإصرار على دلالة الإحالة إلى نسوية القلم، كصفة بيولوجية لنوعية الكتابة؟

منذ فترة، وقضية مصطلح " الأدب النسائي " تأخذ مكاناً واسعاً من الاهتمام، باعتبارها قضية ذات دلالة، ما بين مؤيد ومابين رافض، فهل جاء هذا التخصيص بعد أن كتبت المرأة بشكل مختلف عن السياق، أم أنه أمر يتعلق بالتنظيم فحسب.!
هناك من يتهم نص المرأة بأنه بقي مذكراً، فما قدمته من نتاج لايخولها أن تحجز مكانة متفردة، مادامت لم تحقق خصوصية ولم تقدم جديداً، حتى في قضايا المرأة وطرحها، إذ سبقها إلى ذلك عدد من الرجال الذين طرحوا قضية المرأة وعلى رأسهم قاسم أمين، وتلاه آخرون.. وفي الكتابة الإبداعية كان إحسان عبد القدوس أكثر من عبر عن قضايا المرأة في قصصه ورواياته، ولم تضف الكتابة الإبداعية النسوية في مجال القصة والرواية شيئاً يذكر على من سبقها أو حتى عاصرها، وبالتالي لايمكن إطلاق مصطلح " الرواية النسائية أو الرواية النسوية" على هذا النتاج.
في ورقة الأستاذة يسرى المقدم التي قدمتها في ندوة ( الخطاب النقدي العربي- الانجازات والأسئلة) ضمن مهرجان القرين الثقافي الثالث عشر
إنه لا يوجد خصوصية كتابية تنقض الصورة النمطية الشائعة عن المرأة، وبالتالي لا فرق بين ما يكتبه الرجال عما تكتبه النساء. فإذا ماعدنا إلى مناقشة مصطلح نسائي ونسوي في جذره اللغوي فإن نسائي هو جمع امرأة كمعني بيولوجي لفئة من الاناث، أما مصطلح ( نسوي) فله معنى أشمل يضم مختلف الأطر الاجتماعية لمواقع النساء.. ويرتبط في معناه بالخطاب التنويري الذي ساد في أوروبا والداعي إلى مناصرة حقوق النساء، وهو يحمل بعداً ايديولوجياً، وهذه القسمة في التسمية والمصطلح – ومازال القول ليسرى مقدم- يتسلح بمنطق الهوية الجنسية ويروج لها في كتابات الرجال لتستنسخها النساء،فتكتبن مايحسبنه مغامرة أو محاول الذات للخروج عن الصورة المدسوسة وإثبات الهوية وأنتصار الذات، لكنهن يبقين عاجزات بسبب افتقار الذات نفسها على استطاعة الفعل، لتنتهي البطلات المتمردات إلى مصير مؤلم، إما الجنون أو الذبح أو الانتحار"
مهما يكن من أصل التسمية وفروعها، إلا أن الرواية النسائية بحسب تقارير التنمية تدعّم تحسين صورة المرأة داخل المجتمع .

صورة المرأة
إن ماكتبته المرأة عن المرأة ، يبقى ضمن أطر رسمت لها بشكل مسبق، فهي لاتعبر عن ذاتها بقدر ماتعبر عن صورتها المتخيلة، والمطلوبة منها، فمن الملاحظ على سبيل المثال أن خصوصية الأمومة تبقى في شكلها الطهراني دون أن تخدشها كتابة الواقع أو واقعية الكتابة، يحدث هذا بسبب أن المرأة مازالت ذات غير واعية لنفسها وغير قادرة (كأمرأة) على خلق كيانها الخاص، بعيداً عن تأثيرات المجتمع ورغباته، وتصوراته عنها، بمايفرضه من سطوة..
فلم تخرج المرأة في صراعها الفكري داخل الرواية عن نماذج ثلاثة، فهي إما راضخة للواقع ومستكينة لظروفها، أو متمردة لاتجد أمامها باباً للصراع سوى الرجل، أو هي امرأة تخوض صراعها ضد التخلف جنباً إلى جنب مع الرجل..
إن الرواية هي صورة عن الواقع المعيش، وكذلك تأتي بنية الشخصيات النفسية والفكرية والاجتماعية، لهذا سيكون من الصعب على الرواية النسائية اختراع عالم افتراضي لايضطهد أو يعاقب كل من تسول له نفسه الخروج عن العرف الاجتماعي، ولو من أجل غاية سامية هي الحرية، ولهذا يصبح من المستحيل أن تنجو الكاتبة ببطلاتها من مصير الذبح أو الانتحار أو التعاسة أو الندم. هذا الأمر لانجده في أعمال إيزابيل اللندي، فالمرأة عندها متقدة بالحياة مفعمة بالشهوة..
على رغم كل الخطوط الحمراء والعواقب المحتملة، فهناك من كن جريئات في طرحهن لمسائل حساسة، إذ تعرضت مسعودة ابو بكر إلى مسألة الخنوثة في روايتها (طرشقانة) ، كما أن ليلى البعلبكي تحدثت عن الجسد في روايتها (حين تساقط الثلج) وقد حوكمت لأجل ذلك عام 1964
لذلك سيبدو اتهام كتابة المرأة بأنها نشاط منغلق على ذاته، ليس دقيقاً بالضرورة، خاصة مع وجود روايات لم تدر بموضوعها حول فلك المرأة، ونذكر منها (شجرة الفهود) لسميحة خريس و(غرناطة) لرضوى عاشور، كذلك ( ذهب مع الريح) لمرغريت ميتشل، و(كوخ العم توم) لهنرييت ستاو، و(الأرض الطيبة) لبيرل باك. (يوم الدين) لرشا الأمير، (مريم الحكايا) لعلوية صبح.

أسلوب الكتابة
لا يمكن اعتبار كتابة المرأة عن المرأة تهمة بحد ذاتها، فالمرأة هي الأكثر قدرة على تلمس التعبيرات الجوانية لذاتها ولبنات جنسها، وبالتالي هي الأقدر على تصور الحالات البيولوجية التي تمر بها المرأة وانعكاسها على سلوكها، وربما الأقدر على ضبط الإيقاع الداخلي لشخصياتها الانثوية...
يقول غالب هلسا:
" من خلال رواية المرأة شعرت بأنني أتعلم أشياء عن المرأة لم أكن أعرفها من قبل"
إن الندّية بين الرجل والمرأة يجب أن تتضمن إقرارا بالاختلافات بينهما حتى فيما يخص طريقة تناولهما لمواضيع واحدة.
إذ تميل المرأة أسلوبياً، في كتابتها " عربياً على الأقل " إلى الجانب الوجداني، مما قد يجعل نصها بمثابة بوح هادئ أو حتى عالي النبرة، فيتحول نصها إلى أداة تفريغ تحول النص السردي إلى ما يشبه السيرة ذاتية
وعلى النقيض من ذلك، قد تتخذ اتجاهاً رافضاً للأنوثة، فتطغى الخطابية مما يحولها إلى بيان إيديولوجي.
أما على المستوى الدلالي، فالمرأة الكاتبة من حيث هي واعية أو غير واعية، تسعى إلى إخفاء أي تمظهر لذاتها فتستخدم لغة مكثفة، واستعارات، وأسلوبية ترمز أكثر مما تفصح لتصنع بعداً بينها وبين أناها..

النقد
إن الرهبة من قسوة النقد سواء الاجتماعي أو الأدبي، يكبل الإبداع عند المرأة، فالنقد الأدبي يتعامل مع ما تكتبه المرأة بفوقية، في الوقت نفسه يغيب مشروع النقد النسائي المغاير لثوابت النقد السائدة والذكورية الأصول، إذا مااعتبرناه –أي النقد النسائي- مواز عادل لمصطلح الرواية النسائية.
فالنقد الذي تتعرض له السرديات النسائية يأتي إما متحاملاً، أو إحتفائياً بشكل مبالغ به، ليس لأهمية الرواية وقيمتها بقدر ماهو محاباة لجنس الكاتبة ، وكثيراً ماتعرضت الأقلام النسائية للتشكيك بإحالتها إلى كتابة رجل، وهذا مانال الكثير من المبدعات .
ففي الحين الذي يعترف به ميلان كونديرا بأنه متأثر بمدام جوستاف التي أسست للتيار الرومانسي، وفي الوقت الذي يقرون بتفوق فرجينيا وولف على أستاذها جورج أليوت، فإن قلم المرأة عندنا مازال متهماً ومغيباً ومستلباً، ومازال النتاج الابداعي للمرأة قليل نسبياً بالقياس مع مايقدمه الرجل، فالسلطة الأبوية للإبداع لا تنفصل عن السلطة البطريركية تلك التي تقصي الأنوثة وتهمشها، وقد قدم الناقد عبد الله الغذامي نظريته حول تحيز اللغة تاريخياً إلى الفحولة
كل هذا لم يمنع أسماء كثيرة أثبتت حضورها على الخارطة الابداعية مثل : بتول الخضيري- ليلى بعلبكي – ليلى الأطرش- غادة السمان- أحلام مستغانمي- حنان الشيخ- رضوى عاشور- هدى بركات- ليلى العثمان- علوية صبح- سميحة خريس- وأخريات
.

26 سبتمبر 2007

من يعثر على وجهي

ما كنتَ بحاجة لمن يرفع العصابة عن عينيك
فقد كان الطريق مستقيماً
وكان من الممكن - دون كثير عناء- أن تمشيه ما بقي لك من أنفاس..
ما الذي جعلكَ لجوجاً، ومغامراً، وقادراً على مواجهة الخسارة؟..
من ضخ الدم في شرايين أصابعك لتتحسس ضلعك الناقص
فتشرعه للغيم ولمجاهل المسير؟..
تلهث أنفاسك بين شهقة الحياة وزفير الموت
مرصودٌ لغواية بحجم الحياة،
لألم كوخز حثيث وعين تذرفها دمعاً بعضاً من سيرة الرحيل..
مشفوعٌ بخريطة الاتجاه عكساً.
ماعادت العتمة شفيعةَ الظلال في كونٍ يحتفل بالضوء انغماساً في اللحظة..
وما عاد الأمس شفيعَ البقاء لأنه صنو قبر دون غطاء..
مرآةٌ عكست النيران تأججاً، وروحٌ طافحة بما يستجلب اللعنة، وأي هراء..!
عتبات القدسية
زحفهم إذ يثرثرون
كان عليك أن تصمت، وتبقي عينيك مغمضتين بقوة
ليقتنعوا بأنك لم تخلع العباءة،
وأن المسارات لمّا تتلوى.
وغاب عنكَ عنكَ بالذات- أنك لم تعد أعمى،
ولن تكون مبصراً.. أي هراء..!
تنفلتُ من صمتكَ .. تستجدي هواءه..
تباغتك قوقعةٌ لا تبقي منك غير المخاط..
هل كنت مهيضاً .. ملتبساً.. متفائلاً؟!
قدماك، والأرض التي تميد،
وأشرعتك في الغيم، كل هذا البهاء ثمناً يفيض في وجدك،
يضخ في قلبك دوالي السُّكر..
تداعى مثل بطل دونكيشوتي....
لستَ معتوهاً..
بل مفتوناً بجهة الشوق شرقاً
حيثما تجيء
.

20 سبتمبر 2007

جهة الزرقة: السقوط عالياً

مثل دهشة تبحث عن جملة أليفة، تتمطى أكثر مما يجب، متناسية نواهي الحذر، وتنبيهات الجدة الطيبة.
تتعلق بالشقاوة، ترّطب بالندى أهدابها.
في العزلة تظن نفسها وردة، تهرّب بين ضلوعها حلماً أزلياً، وتنسى البكاء، تنسى السقوط ..
لا تدفعني من كتفي أيها الشقي.
أعدك أن أسقط جداً حالما تهتف الهاوية باسمي، أسميه قدر الطيران هبوطاً، يسميه الآخرون الموت..
حتف من كوم عظام لا تستقيم يفسر الرقاد .
كنا مجرد حجرين لنار أضرمتها الصدفة، لا أستطيع وحدي أن أحقق الخسارات احتراقاً.
في وجه يشبه الهذيان ألقاك..
هل ترضى بنصيبك من الجمر، لنشم معاً رائحة الشياط كابتهال مقدس أو محاولة ذكية للاختناق.؟
قدمان تخطوان /كنتُ وحدي.. أربع أقدام تخطو/ صرنا معاً..
ثم الكثير من الخطوات لهرولة مجنونة تمتزج بلهفة الأنهار حين تختار تدفقها.
منزلقين إلى المجهول..
لست أسمعك فعلاً !.
ما إن أفك رباط حذائي حتى أطير.. الأشجار سأم مقيم وأنا النزِّقة.. أفتح أبواب المجهول. الاكتشاف لحظة عصية من يباركها.؟
أرجوحتي هذا العالم.. أحتاج القليل من السخرية والكثير من العناد..
وأنا في العلو الشاهق أطوح قدمي.. من هناك أنظر في الاتجاهات جميعاً/ نحوك..
وداعاً يا حذراً بلا فائدة .. مادام الموت وعداً مخبوءاً في جعبة الحياة.

سطر مضيء
أنت وحدك، لم يسهر عليك أحد ولم تعرف حظوة
الدموع، سقطتَ كما يسقط الرجل الميت.
لن يحفظ ذاكرتك أي رخام.
ست أقدام من الأرض هي كل مجدك القاتم
بورخيس
نشرت في النهار الكويتية 19-9-2007

12 سبتمبر 2007

جهة الزرقة:طعم الزبد

والزرقة جهة أيضاً،
حالما تسمح السماء أو ترضى..
فإذا ما اكتظت الأماكن، وضاق الزمن بما رحب، طرقتُ المعنى، لأكتب ما وعيتُ من الحكايا..
كزهرة تركتها عاشقة على أطراف حلم كي لا تفنى.
.الأرق يمكن اقتسامه، كما يمكن للقلوب الشقية أن تتروض.ويل الذي يقول دون أن يحشو فمه بالتردد..
ويل الذي يكتب بألوان القزح، فيتحول إلى غيمة، أو إلى سطر يهزأ بالألم، وفي خاصرته تلك السكين..
ألملم بعضي على بعضي، أغوص في النوايا، وفيما يصوغه الحب من قلائد،
فأفطن لتلك الأرواح التي هامت وهانت..
والكلام كثير..لن أغضب إلا قليلاً.. أعدكم بالبحث حتى الإنهاك عن الدرر المكنونة.. لندندنها معاً..
أنا وأنتم.. ماذا..؟! بالطبع أنا أتحدث إليكم..!
أتحدث عن شهية الرغيف .. عن زوبعة مرت.. عن صوت لم نتعرف عليه اسمه الأمل.. عن قمر يقضم حلواه كل ليلة وينسى أن يبدد العتمة..عن مفقود أو مولود، عن ذنوب مغفورة وأبدان طاهرة تعصى على الإنحناء.الأشياء التي نعرف أسماءَها لا نخطئها.
سأعتمد على ذاكرتكم إذن. تعودت أن أعاند السنين، وأن أضحك كتمارين رياضية تبقيني طفلة.. المشهد مشغول بإبرة ودأب،
عن شخصي بالتحديد،
فلا علاقة لي بالأماني الصغيرة التي ترتع في حياة أحدهم.
إن شئتم سيذوب حديثي في قهوتكم التي ترتشفون؛ أنا الغريبة التي تواصل أنفاسها، وتلتصق بزجاج النوافذ،
لأن الزرقة تتقن الغناء؛ تطلق مواويلها؛ كلمات حب بطعم الزبد.
زيارتي خاطفة، وشرفاتنا الصغيرة وجوهٌ تطل..
ليس شعراً -ديروا بالكم - بل فيئاً أزرقَ أًصافح به أعينكم هذا الصباح..
فهل أدركتم ماأعني؟
سطر مضيء:
الليلة أستطيع كتابة الأبيات الأشدّ حزناً.
أحببتها،
وهي أيضاً أحبّتني أحياناً.
وخلال ليالٍ كهذه احتضنتها بين ذراعيّ.
قبّلتها مرّة بعد مرّة،
سماء بلا نهاية.
(نيرودا)
جريدة النهار الكويتية12/9/2007

11 سبتمبر 2007

جهة الزرقة: خفة النص

كنت أتابع حلقة من – بقعة ضوء - أحد المسلسلات السورية التي عرضت رمضان الفائت، ورغم أن الحلقة قديمة، إلا أني تابعت حركة الكاميرا بنفس حماسة المشاهدة الأولى، فاللقطات البصرية سحرتني بواقعيتها وبما نقلته من تفاصيل مبهرة في إقناعها، وفي نهاية الحلقة حمدت الله أن الدراما خرجت من حقبة التصنع التي كانت فيها أهداب الممثلة تكاد تصطدم بعدسة الكاميرا، فيما هي تتمطى متثائبة بشعر مصفف وأحمر شفاه قان.!
ولاأدري فعلا كيف كنا نتقبل تلك النوعية من المشاهد..! الواقعية أكثر تأثيراً والتصاقاً بالوجدان، لإنها تنقل حالات تشبهنا تماماً .. فنتعاطف معها حد التماهي.. وقتها تصل الرسالة المرجوة من المشهد المصور، لأنها مقنعة، وهو ماأدعوه أضعف الإيمان..
الأمر ينطبق ليس على المسلسلات والتمثيل فحسب، بل ينسحب على حالات الكتابة السردية، إذ أن المبدعين أولئك الذين يكتبون بسلاسة دون حذق الصياغة التي تربك علاقتنا ، و حين أتحدث عن هيمنة النص على القارئ أثناء القراءة فهذا يعني ارتباطه به بشكل أو بآخر ، هذا يحدث فقط عندما نتعاطف مع المادة، والتعاطف يتأتى في درجة انفعالنا مع المادة/ النص، وسلاسته.
لايعني هذا أني أقلل من أهمية الجمال اللغوي في الخطاب السردي، طالما أن الجمال أيضاً لايعني التكلف، كما لايعني استعراض العضلات اللغوية في النحت والصياغة على حساب الحدث، وعلى سبيل المثال في رواية لصديق أقدره، نغص عليّ دون رحمة متابعتي حين استخدم مفردة – جلمود وهي -للذي لايعرفها -تعني الحجر الكبير، فكان بطله يستند إلى جلمود ويفكر في حال دنياه ، مما أفقدني طاقتي على الاقتناع بأن الرجل في ورطة نفسية حقاً..
إن الكاتب سواء أراد أن ينقل واقعاً سحرياً(خليط بين الواقع والفانتزيا) أو غرائبياً فمن المستحب أن يتخفف من الحمولة الزائدة اللغوية كي يحتفظ النص بخفته
نشر في جريدة النهار الكويتية بتاريخ 9/9/2007

01 سبتمبر 2007

مسجات حب

حين تغضب أختي فإنها ترفع حاجباً، وتنزل آخر، أما ابنتها فما أن يتعكر مزاجها حتى تتسع حدقتيها باستنكار واضح..
فالعين نافذة تشرع نفسها على الروح مباشرة، لتفضح مايعتمر داخلها من أحاسيس. ومازلت شخصياًً أؤمن بأن العيون أكثر قدرة على تبادل الشفرات النفسية التي تجعلني أميل أو لا أميل لهذا أو لذاك من الناس دون أن أعرف عنه شيئاً.. ولم تترك اللغة العربية في العين شاردة ولاواردة إلا ووضعت لها مسمى خاصاً، بحسب صفتها فهناك العين الحوراء(اتساع سواد العين كالظباء) والوطفاء (طويلة الهدب) والكحلاء( الجفن الداكن كأن به كحلاً) والدعجاء(شديدة السواد)،فأن ترميك عاشقة بلحظها هذا يعني أنها تنظر إليك بآخر عينها.
وقد أقر بجمال العين الشعراء والعشاق والحكماء وربما الساسة مؤخراً.. بل لم تستطع أياً من أنواع الجمال الأخرى أن تزاحم ماللعين من وضع خاص ومميز بما حباها الله من سلطة وسلطان.. حتى أن الطرف الذي به حور – على حد قول شاعرنا – يصبح خطراً أكيداً يجعل الناظر إليه يخر قتيلاًً.. وقد تكفلت الأبيات الشعرية بوصف العين ومعالم حُسنها، فأفاضت وأبدعت، كذلك تعهدت مستحضرات التجميل من ماسكرا وكحل وعدسات ملونة وأهداب اصطناعية بتوضيح معالم فتنة العين وإظهاره.
ولا تنحصر مخاطر العين عند حدود جمالها الفاتك فحسب، فالعيون تشِّف عما يعتمر في دواخلك من مناوشات، وما يضيق به صدرك أو يتسع .. فالعين تبرق وتلمع عند الفرح، وتكمد وتخبو حين النكد، و تنكسر نهائياً أمام المصيبة أو المحنة، أما إن داهمها العشق، فلابد للعين من أن تفضح العاشق، فهي تصفو وترق كلما طافت بملامح الحبيب،.ويبدو أن حاسة النظر سبباً مباشراً للوقوع في الحب حسب ما قال أحدهم:
إن عشقنا فعذرنا أن في وجهنا نظر
ويبدو أن هذه الطريقة القديمة – أي تبادل نظرات الحب - كانت رائجة قبل موضة رسائل الـ sms
التي
يستخدمها
بعض الشباب في محاولات غزلية فاضحة، توفرعليهم الوقت والجهد، والأدهى حين يتناقلونها علانية على الشريط المتحرك في التلفاز، فيفسدون عليّ متعة متابعة أغنية بمزاج طيب..فأنظر إلى الشاشة وأنا أرفع حاجباً وأنزل آخر كما تفعل أختي
.
مقال نشر في القبس الكويتية.

19 يونيو 2007

هاتف

.
.
رفعت صباحي بين يديه
.تثاءب وأسدل الستائر
.
.
هناك ما يتسرب خلسة
ليخرج النوم من رأس الأحلام
.
.
يرن الهاتف
صوتك : صباحك يا حلو
.
.
يظل الخط مشغولاً حتى الغروب

08 يونيو 2007

06 يونيو 2007

وحدن

وحــــدن

05 يونيو 2007

القول خطفاً: أشعر أني


الشجن بينك وبينك
يعلم

بأن النهايات قادمة

وبأنك تخطف من العمر نسمة عابرة

فالخلود ليس لك

ليس لك

27 مايو 2007

القول خطفاً: غناء


كلما أرهقتني لعبة الغميضة
سأتلمس قلبي، أطمئن أن طفلتي مازالت تتأرجح على كتف الريح

سأركض نحوالله، أستحلفه بالبكاء الذي شردني
أن لا أضيع ثانية

24 مايو 2007

النداء الأخير لركاب الهوب هوب السورية

كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا و أنت السبيل
فلابد إذاً لمغتربي هذه الـ حلب أن يحنّوا لها، و إن لم يخب ظني فهم يعتبرونها، أعز مكان في الدنى مخالفين المتنبي نفسه وسرجه السابح. ولابد لمن حالفه الحظ ووجد تذكرة على متن ناقلتنا الوطنية أن يدخلها (آمناً ) عبر مطارها الدولي جداً دون أن يخشى ( مثلا ) وقوع سقف صالة الركاب على رأسه لان سقف الصالة القديم قد وقع -وخلص - بعد تحوله الى مخزن للشحن، وأؤكد ليس من المعقول أن يسقط السقف في المطار الجديد على الاقل في غضون سنة من الآن، لانه حديث جداً ولم تنته تجهيزاته إلى الان رغم أنّا ضربنا الرقم القياسي السابق للصبر والذي سجله الاستاذ الصابر أيوب في موسوعة غينس!!

وكذلك فقد حطمنا في شوقنا له ( أي المطار ) الرقم القياسي السابق للشوق والذي سجله قيس في موسوعة ليلى، والـ " نـا " عائدة للمسافرين المعترين من أبناء المدينة وجوارها، لأن حلب لم يعد يؤمها أحد كسائح منذ أن تخلصنا من وجع " الروس " والـ " بِِلاروس "
ومطار(نا) الدولي، العزيز حتى قبل انتهاء تجهيزاته، بحسب مواصفات " النشرة " الوطنية، بقراءة ماجدة زنبقة تحديدا وإن كانت متغيبة وقت قراءة النشرة بإجازة ساعية مثلاً، فيمكن أن تقرأها عزة الشرع بصوتها الواثق الواضح: " يعتبر مطار حلب منشأة حضارية متكاملة جمعت بين الفن المعماري الأصيل والحداثة وتم تزويدها بأحدث التجهيزات والتقنيات."
و( أحدث) عزيزي القارئ المواطن أيضاً - للمصادفة السعيدة - هي بديلاً لما هو أقدم.. إذ لا يعقل أن يكون المقصود بـ أحدث و التقنيات والتجهيزات ثلاث أدراج كهربائية أو السوق الحرة المتواضع ( الحجم ) أو المطعم / الكافتريا الوحيدة التي تخدم المكان، وللأمانة هما اثنان واحد في الصالة العامة والآخر في منطقة الترانزيت..
وربما يكون المقصود بالأحدث، عزيزي المواطن دون أن تكون مسافر حتى! ( واعذر لي شرح هذه الـ أحدث لك لأني أعتقد أنها عويصة وفهمها صعب خصوصا إذا كنت قد سافرت أو وصلت، مصادفة الى هذا المطار ) نظام الاعلانات المتحركة التي تعلن عن مواعيد وصول واقلاع الطائرات التي لا تشير غالبا الى أي تأخير لأي رحلة لأي من طائراتنا الوطنية حتى لو كانت قادمة من دارفور فطيراننا لا يتأخر في أفدح الأزمات حتى لو اضطرنا الأمر لإبقاء موعد الوصول نفسه مدون على الشاشة بعد ثلاث ساعات من عدم الوصول
عزيزي المسافر ومهما كانت جنسيتك فأنت مواطن، ألم تصدح إعلاناتنا الطرقية وكتب ( التربية القومية ) التي حلت بديلا (للتربية الوطنية ) بـ " لكل أنسان بلدان، بلده الأم والبلد الثاني سوريا " وقالها خواجة لم يزر سوريا والله أعلم لأني لا أعتقد أنه سيظل متمسكا بمقولته بعد زيارتها وخصوصاً إذا كانت الزيارة عبر مطار حلب الــدولي.
ربما يخطر لك أن الإنتقال من الطائرة إلى مبنى المطار عبر النفق/ السلم المتحرك وسيلة آمنة وسريعة، إلا أننا في زمن طب الأعشاب يا عزيزي والأنتي بيوتك والرياضة التي هي خير وقاية للبدن.. وخير الرياضات المشي ( حتى إسأل مريم نور ) لأنها تقي من داء التقوس( إنحناء الظهر والقامة ) إذاً فعليك أن تنزل في ساحة المطار وبعيداً عن المبنى، لكي تكون المسافة " حرزانة للتمشاية " ولاتخف من طائرة أخرى قادمة " تهفك " وأنت تمشي لأن ادارة المطار تحسبت لهذا الأمر ووفرت منادين يصيحون " عجلوا شباب بسرعة في طيارة تانية نازلة "
وهذا هو السبب المنطقي لعدم إستعمال النفق السلم الحديث الصالح للاستعمال في تجهيزات المطار الحديث، ظاهريا على الأقل! فلا يعقل أنهم لا يستخدمونه كي لا يخرب مثلاً أو أنه فقط لكبار الشخصيات
وإذا كنت تعتقد عزيزي المسافر ( حسب نطق الاستاذ نضال زغبور لأعزائه المشاهدين ) أن المدن تعرف من مطاراتها وتشكل خصوصية وواجهة لها فاسمح لي... خصوصيتنا تجدها بكل شي إلا بمطارنا، وإذا كنت مصراً عليها -أي الخصوصية- في مطار حلب أيضاً فاسمح لي - مرة أخرى- أن أقول لك هو :( اعجوبة )، و.. فريد بتواضع مبناه الذي جمع الى الأحدث والأصالة افتقاره إلى أغلب الخدمات الموجودة في مطارات الدنيا في بلدان ليس لديها خصوصيات لذلك اعتنت بمطاراتها ليشكل نتفة خصوصية لها
ومن خصوصيات هذه الأعجوبة ( طالما أنك مصر عليها أخي المواطن ) أنه بعد فترة وجيزة من افتتاحه توقفت خدماته!! إذ اكتشف المهندسون والتقنيون وبخبرات وطنية أن هناك خطأ ما في التدفئة والتبريد.. مما جعلهم يستعيضون عن نظام التكييف المركزي بوحدات تشبه البرادات الكبيرة تضخ الهواء البارد المنعش لمن يقف أمامها مباشرة.. وقبل أن تنتعش أنفاسنا ( الدالة على المسافرين ) توقفت خدمات المطار مرة أخرى لأجل إكمال مواقف السيارات، فقد اكتشف المسؤولون ( طول الله أعمار كراسيهم ) أن مطاراً بلا خدمة مواقف للسيارات أمر مقبول لكنه غير مستحب..! وتم هذا الاكتشاف بتوجيه وإيعاز من الأخوة المسؤولين للسادة مهندسي الانشاءات وقد تم بعون الله انشاء مواقف للسيارات.. يخط لك موظف بشكل يدوي ( وبقلم صناعة وطنية) التوقيت على شقفة ورقة لتدفع التعرفة اللازمة في الجهة الأخرى حين الخروج، وهذه والله خصوصية لن تشاهدها في أي مطار في العالم حتى في مقديشو بعد هروب قوات المحاكم الاسلامية.
هذه الحلول الفنية /الآنية ليس من السهل اكتشافها وتنفيذها دفعة واحدة، فالمعضلات (تنط) في الوجوه كلما قلنا خلاص خلصنا.. آخر هذه المعضلات كان الاتوستراد المؤدي من وإلى المطار، والذي لم يتزامن اكتمال انشائه مع اكتمال المبنى دون أن يسقط سقفه، والذي تزامن ، وأعني اكتماله وعدم سقوط سقفه، مع بدء احتفالية حلب عاصمة للثقافة الاسلامية وأفترض أن الإحتفالية لم تنجح لأن الضيوف المدعوون تكبدوا عناء الطرقات اللولبية والحفريات.. لكن الأوتستراد - وبإذن واحد أحد - اكتمل بأيدي وخبرات محلية بعد شهرين من المناسبة
المطار الحديث حسب مصادر مسافرة وشهود عيان وليس نقلاً عن قيل وقال فيه خصوصية أُخْرَى ( لاحظ التشكيل ولا تتبلاني عزيزي المسافر ) هي الحمام ( الله يكرمك ) الذي تفوح منه رائحه تجعلك... لست بحاجة الى أي يافطة للاستدلال عليه، وإذا لم تمنعك الرائحة من الدخول فمن المؤكد أنك لن تجد ما يساعدك على قضاء حاجتك أيا كان نوعها... وقد تشعر بالاستغراب حقاً حين تجد بجانب حمامات المطار باب مصعد واسع فتقرر الركوب فيه لتجده مستهلكاً .! يحدث هذا في مطار حديث لم تكتمل تجيهزاته الـ ( أحدث ) وهذه خصوصية والله أعلم !!!
هل انتهى كل شيء عن مطار حلب؟
بالطبع انتهى لأننا اختصرناها... لكن مادمنا نتحدث عن مطار فلا بد أن تكون وسيلة النقل طائرة وليس بسكليت أليس كذلك ؟؟
احصل إذاً على بطاقة سفر على متن طائرات الهوب هوب السورية وتمتع بالاحتمالات.. أحد الأحتمالات العادية جداً والمتكررة، هي أن وجهة سفرك يمكن أن تتبدل أو تتغير سواء كان ذلك بالتوقيت ( المحلي أو غرينتش لا فرق ) أو في التوقف الطارئ في مدينة ( على الطريق) وهذا يحدث بشكل شبه دائم خصوصاً أيام الحج الذي يصرُّ أن يأتي كل عام كل عام، وكل عام كل عام تتفاجئ شركة الطيران السورية، وتقع في حيص بيص، وكأنه جاء مصادفة أو خلسة، فلا تحسب حسابها بأن هناك أعداداً من الحجاج يفترضون أنهم سيذهبون ويعودون في توقيت معروف سلفاً..
لاتظن أني أمزح بسماجة أرجوك، فرحلة ذاهبة من الكويت الى حلب يمكن بمشيئة واحد أحد أن تغير موعدها من الثانية عشر صباحاً الى الثانية عشر ليلاً، ويشهد الله أن موظفو مكتب طيران السورية اتصلوا بالركاب قبل الموعد لإخبارهم ..
لكن في الساعة الثانية عشر أيضاً وفي المطار كانت " كاونترات " السورية مقفلة حتى اشعار آخر دون ابداء السبب ودون أي حرج قد يؤدي إلى اعتذار ما.. في الثالثة صباحاً بدأ الموظفون بوزن الأمتعة وتسليم بطاقات دخول الطائرة لتنطلق الطائرة المصون في السادسة صباحاً .. لأشك أننا شعب كادح ومكافح ولا يفترض أن يكون لدينا ظروف أو مواعيد مضبوطة بحسب توقيت غرينتش اللندني ذو التاريخ الإستعماري
وإذ صعدت لأول مرة إلى طائراتنا عزيزي المسافر ( و آخر مرة، وسامحني ) لا تندهش مثلاً من المقاعد المهترئة ومناضد الطعام المخلوعة وسجاد الطائرة القذر، ولا تستغرب ابتسامة المضيفين والمضيفات ورحابة صدورهم، فنحن منذ أن خلقنا الله شعب مضياف وإلا كيف أصبحنا بلد كل إنسان في العالم ؟!! أما إذا هبطت الطائرة في مطار دمشق وأكملت على متن رحلة داخلية إلى مطار حلب الــدولي الحديث علي أن أخبرك منعا للمفاجأة، أن هناك كراسي مخلوعة غير صالحة للجلوس( اطلاقاً ) لكنها مازالت واردة كأرقام جلوس أثناء الحجز!! شو يعني إذا وقفت؟؟ كلها ساعة إلا عشر دقائق!! ( هسسسسسس ولاح
مقال نشر في موقع: جدار/الجمل/صفحات سورية

19 مايو 2007

السر








سأؤجل موتي
حتى ساعة متأخرة
لأمر بالأنهار كلها
لأقلب الكتب
لأطبق على عنق التعاسة
لأعرف: لماذا تنطفئ النيران قبل أن يعم الدفء؟


ولأعرف: لماذا تشيخ الوعود؟




ولأعرف:أين كنا قبل أن نجيء؟

"الأرض والغيم قراءة في نص " انتظرتك طويلاً ولاوقت إلا للوداع/ عدنان المقداد

انتظرتك طويلاً ولا وقت إلا للوداع
ظلمةٌ دامسةٌ لأحدِ احتمالين
إما أنهُ ليلٌ مطبقٌ لا يعرفُ الرحمةَ
أو لأني أغمضتُ جفنَّي بضرواةٍ
كنتُ أهِمُّ بمعرفتِكَ حين تخلى عني العالمُ
لأجدَ نفسي وحيدةً و معَكَ
وجهاً لوجهٍ تقابلنا
اتسعَ الأفقُ بيننا كالمستحيلِ بعينِهِ
وانقلبَ صبري صفحةً بيضاء َلجوجٌ تنتظرُ حِبرَ كلماتِكَ
:الرغبةُ كلَ الأشياءِ التي تخفي بذاءتَها بزيفِ أهميتِها
الفصاحةُ العرجاءُ
التمتمةُ المفهومةُ
الهمهمةُ المدعيةُ
والنقاشُ بالأيدي
والساحرُ الذي من فرطِ سذاجتِهِ لايسحَرُ أحدا
والموسيقا المتهمةُ بالشروعِ في قتلِنا حُزناً
من الجرحِ إلى الجرحِ
صمتَ الكونُ
دارتْ طواحينُ الغوايةِ
كان طعمُ التفاحةِ تحتَ الضرسِ الشرهِ
مزاً .. حامضاً ، ولذيذاً لايقاوم
كانت القضمةُ الأولى كافيةً
لينتفضَ الجوعُ وحشاً مفترساً لا يعرفُ الشبعَ
حين ظهرتْ الحقيقةُ عاريةً
احمرَ وجهانا خجلاً
وبدا الصدقُ أقصرَ الطرقِ بين قلبين
كانت شهقةُ الولادةِ لعمرٍ سيكتبُني من جديدٍ
خفقةً .. خفقتين
كطبولٍ افريقية
تعلنُ انتصارَها المجنونِ للحياةِ
انحنيت لألملمَ كلَ ما سقطَ مني
عنقي والقلادةُ
أقنعتي والكفنُ
رشدي وأنفاسُ روحي المقتضبةُ
ضريرةٌ تلكَ اليدُُ لا حولَ لها ولا قوةً
ومذعورةٌ حتى النفسِ الأخيرِ قبل الموتِ
تتوجسُ مهابةً
تندفعُ لهفةً تتلمسُ الطريق
يا للأصابعِ المشتعلةِ شوقاً في تحسسِها المعجونِ بالفضولِ
وشغفِها لكشفِ ما استعصى على الفهمِ الخجولِ
كانت تجوسُ في خفايا الحبِ
تمارسُ لذتَها الأولى
حين اكتشفتْ اللحظةُ الحاسمةُ
ذابتْ قاراتِ الجليدِ القطبيةِ
فاضَ التنورُ
اضطربتْ الحواسُ لذهولِ الاكتشافِ
تجلى الحبُ ناعماً كجدرانِ الوهمِ الزلقةِ
حنوناً كقطرةِ ندى
مفطوراً على الأوجاعِ
تبادلنا الألمَ المقسومِ على اثنين
وما تذكرناه من قاموسِ الشتائمِ
اتهمتَني بأني بطيئةٌ كسلحفاةٍ تختفي تحت صندوقِها الصدَّفي
واتهمتُك بأنكَ مجردَ أرنبٍ مذعورٍ هاربٍ
سوزان خواتمي
تمهيد
في الحب ، نحن محكومون ، عادةً ، بأن نعيش " داخل التجربة " فننفعل للبعد ، و القرب ، و الرضا ،و الخصام ... إلخ ..
لكن من منا يملك " ترف " إضاءة هذه التجربة ، كما لو كان خارجها ؟ لكن من منا يحتاج هذا الانفصال عن التجربة ؟ بل هل من السهل تحقيق ذلك ، لو أراد ؟
قد يرغب أحدنا بذلك إذا تعرض لضغط تجربته في الحب ، و ضغط مشاعره ، إلى حد أنه يريد فهم ما الذي يحدث له ؟
ما الذي يجعل هذه التجربة استثنائية إلى درجة سلْب راحته ، و حريته التي يعتد بها ، و يحد من فاعليته التي يجدها من ذاته ، ليكون " منفعلاً " في علاقته مع ( آخر ) .الحب ، أولاً و آخراً ، هو علاقة مع آخر ، و هذا الآخر – دون غيره – يملك حق امتلاك مفاتيحنا ، و أسرارنا ، و أقبيتنا ، و غرفنا الخلفية ، و زوايانا المعتمة ..
.يملك ذلك باسم الحب
و فيما نحن ذاهلون في هذه التجربة قد تتاح لأحدنا فرصة مترفة بإضاءتها ، فهو " داخلها " و " خارجها " في آن معاً . يضئ الانفعالات الصافية التي يولدها هذا الحب .. فماذا قد يجد ؟
/ 1 /
هذا – باختصار – هو ما فعلته " الأنثى " في نص " انتظرتك طويلاً ، و لا وقت للوداع " لسوزان خواتمي ، و هي تعبر عن ذلك
بقولها " كانت تجوس في خفايا الحب "
تقول الأنثى ، إن الظلام الذي أحاط بها يعود إلى أحد أمرين : إما وقوعه ، فعلياً ، خارجها ، أو إنه حدث بإرادتها عندما أغمضت جفنيها
و لسنا نعرف أيهما الأكثر سطوة في هذه الصورة : هل هو العالم الذي يختفي عنا بليل مطبق ، أم هي الذات التي تملك أن تخفي العالم بمجرد إغماض الجفنين ؟
يا لهذه العلاقة الغربية بين الذات و العالم : يمكن لأحدهما ، ببساطة ، أن يوقع الآخر في مطبّ العزلة عنه ، فيبقى كل طرف وحده ، دون أن يتمكن حتى من معرفة ما حدث ؟
لكن النص يقرر أي الحالتين هي التي حدثت :
( كنت أهم بمعرفتك ، حين تخلى عني العالم ، لأجد نفسي وحيدة ، و معك ) .
فالأنثى تأكد لها أن العالم هو الذي أعتم ، و الظلام مرده إلى هذا لا إلى " فعل " منها بالإغماض ، و قد حدث هذا بالضبط ، في الوقت الذي همت ، فيه ، بمعرفة الحبيب ( كنت أهم بمعرفتك حين تخلى عني العالم ) ..
و النتيجة كانت عزلتها عن العالم ، لكن لا لتكون " منعزلة " بل ليحدث تماماً ما أرادته : أن تكون معه
( وحيدة ، و معك ) !!
بداية معرفة الحبيب تكون بالعزلة عن العالم – هذا ما قاله النص حتى الآن ـ و العزلة قد تأتي لأحد السببين المذكورين أعلاه : إما أن يغمض المرء عينيه عن العالم ، فيحذفه ( و هي حالة إيجابية ) ، أو أن " يتخلى " عنه العالم ،
فيجد نفسه وحيداً – نسبة إلى العالم – لكن مع حبيبه – نسبة إلى نفسه – ( و هي حالة سلبية في جوهرها ) لكن الأمرين يقودان إلى النتيجة نفسها .هذه نقطة بداية : حذف العالم ، و البقاء معه ، وجهاً لوجه .. ثم ماذا ؟
/ 2 /
ذاتها تنتظر الأنثى الخطوة الأولى من الحبيب، صامتة ، فيما هو صامت ، أيضاً ، و بين صمتها ، و صمته يتسع بينهما الأفق – حسب تعبيرها ، و هو تعبير لم يعجبني – و صبرت هي لتسمع منه ، حتى تحول صبرها إلى صفحة بيضاء تنتظر أن يحبرها بكلماته .الذي حدث هنا أن ( الكشف ) بدأ .. رغم الصمت المتبادل .. و هذا الكشف بدأ من " الرغبة " التي " ابتلعت كل الأشياء التي تخفي بذاءاتها بزيف أهميتها "
و هذه جملة مغرقة في الفلسفة تحرض على طرح السؤال التالي :من الذي يسبغ الأهمية على الأشياء ؟ و هل هو متواطئ معها بحيث يمكن لها بعد اكتسابها الأهمية أن " تخفي بذاءاتها " إذ من الواضح في النص أن " البذاءة " هي صفة حقيقية في الأشياء ، بينما " الأهمية " صفة مكتسبة مزيفة .
تعالوا نر هذه الأشياء أولاً :
- الفصاحة العرجاء .- التمتمة المفهومة .- الهمهمة المدعية .- النقاش بالأيدي .- الساحر الذي من فرط سذاجته لا يسحر أحداً .- الموسيقا المتهمة بالشروع في قتلنا حزناً من الجرح إلى الجرح .
هنا يخطر لي :
هل هذه صفات الأشياء في حالتها الصّرف ، أي أثناء امتلاكها صفة البذاءة ، قبل إسباغ صفة الأهمية ؟ أم هي كذلك في حالتها النهائية ؟( الفصاحة – التمتمة – الهمهمة – النقاش – الساحر – الموسيقا ) كل هذه كلمات مجردة لها " أهميتها " فمن لا يرى الفصاحة – التي هي الإيضاح – مهمة ؟
و من يمكنه اتهام الهمهمة ، و التمتمة ، و النقاش ، و الموسيقا ، و السحر بعدم الأهمية ، بغض النظر عن جوهر هذه الأهمية ؟
لكن مكمن البذاءة في الفصاحة أنها عرجاء ، و في التمتمة أنها مفهومة ، و في الهمهمة أنها مدعية ، و في النقاش أنه بالأيدي ، و في الساحر أنه لا معنى له ، و في الموسيقا أنها " متهمة " .
و على هذا فالأشياء خادعتنا بأهميتها الزائفة ، بإخفاء بذاءتها . لكن هل تريد الأنثى أن توضح لنا " فلسفتها " حول هذا كله ؟ النص لا يريد هذا ، كل الأمر أن النص استعمل طريقة " ملتوية " لتجد الأنثى لنفسها ، و لحبيبها عذراً في الصمت ، الذي لم تكن تتوقعه بدلالة انتظارها لكلماته أن تحبر صفحتها ،
فالذي يجمع الأشياء أعلاه أنها كلها " وسائل تواصل " شائعة :
فصاحة ، تمتمة ، همهمة ، نقاش ، سحر ، موسيقا .. ( أوضح فقط أنني استندت في اعتبار السحر وصيلة تواصل على أساس معنى السحر الذي هو إظهار الباطل أو الزائف بصورة الحق ، و هذا لا يعدو كونه خداعاً بصرياً ، فهو وسيلة تواصل على بصرية هذا الأساس ، فيما الوسائل الأخرى سمعية ) .
و هكذا أرادت الأنثى إقناعنا – و ربما إقناع نفسها – أنه لا مشكلة لديها مع الصمت ، و من الملاحظ أن خلفيتها هنا هي " إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون " و أخذت تلتمس الأسباب لذلك بذم اللغة ، و تدافع عن صمته باتهام النطق ،
و هذه نقطة سلبية أخرى تضاف إلى عدم إلغائها العالم إرادياً .و بصمتهما( صمتَ الكون ) - كما تنهي المقطع – فاكتمل إلغاء العالم على مرحلتين ، بصرية ( ظلمة ) و سمعية ( صمت الكون ) ..
و كل إلغاء جديد يقتضي إغراقاً أكثر في " الكشف " .و كانت العلاقة تزداد " حسية " ، فيما يظهر حتى الآن ، ففي حين أدى الإلغاء الأول إلى تضخم الرغبة حتى درجة ابتلاع الأشياء ، انتهى الإلغاء الثاني إلى أن " دارت طواحين الرغبة " .
/ 3 /
بعد إلغاء حاستين هما البصر و السمع ، و هما الحاستان التان تنتقلان بوسيط خارجي ( الضوء ، و الهواء )
تبقى ثلاثة حواس لا تنتقل بوسيط ، بل هي حواس " تماسية " مع الآخر ، و هذا إيغال أكثر في الحسية التي ذكرت ، و إيغال في الآخر / الحبيب ،
و لاحظ كيف ظهرت حاسة الذوق بعد ذلك مباشرة " كان طعم التفاحة..." أضف إلى ذلك أن التفاحة تحيل بسهولة إلى " تفاحة الغواية " التي أظهرت الذكر و الأنثى أحدهما للآخر : أظهرت " جوعهما " و " حقيقتهما " .
فهل بعد هذا كله : أي بعد إلغاء " حواس البعد " و إبقاء حواس التماس ، ثم بعد ظهور الرغبة ، و الغواية و الجوع – هل بعد هذا كله يحتاج المرء إلى لغة أكثر من أن يكون صادقاً مع نفسه ؟ و هل ثمة لغة أكثر إفصاحاً ، في هذه الحال ، من " لغة الجسد " .المقدمات السابقة أوصلت إلى هذه النتيجة الطبيعية ، بما فيها من إلغاء رقابة العالم ، و اللغات المفتعلة ، بحيث لم يبق سوى ذكر و أنثى ، و جسداهما .. و " لحظة الكشف " هذه كانت " شهقة الولادة لعمر سيكتبني من جديد " ..
فكان هذا اكتشافاً للحياة ، و كان انتصاراً للحياة .كان انتصاراً إذا ، فما هي خسائره ؟ - العنق و القلادة ؟- أقنعة و كفن ؟- رشدي و أنفاس روحي المقتضبة ؟و هل هذه خسائر ؟ العنق الذي قد يحمل نير المفاهيم ؟ أو يرمز لمكان القتل ؟ القلادة التي قد تكون طوق المر الذي يربطه بالعالم ؟ الأقنعة ؟ الكفن ( خصوصاً في حالة انتصار الحياة )؟ أن يخسر المرء هذه الأشياء فهذا مكسب جديد يضاف إلى المكسب الأساس الذي هو الحب ،و هنا يستمر الحب اندفاعاً حسياً بيد ضريرة على جسد الآخر ، و رغم خوفها و توجسها ، و تهيبها : تظل مندفعة في ما هي فيه بأصابع مشتعلة ، معجونة الشوق بفضول كشف الجسد . و شغفها هو محركها في هذا الكشف ..
حتى نهاية معرفة الآخر الذي هو الحبيب حين ( فاض التنور ، و اضطربت الحواس لذهول الاكتشاف ) .
/4/
مغامرة الكشف تلك انتهت إلى اتهامات متبادلة بين الطرفين بالتقصير . فهل هذه الخاتمة منطقية مع ما حدث ؟إلغاء العالم ، و إلغاء اللغة التواصلية المعتادة بكل أثقالها .. ثم إبقاء لغة الحس و التماس و التلاصق .. ثم الانتقال المنطقي – تحت هذا المعنى – إلى لغة الجسد ، و الدخول في حالة حب / كشف منسجمة تماماً لنفاجأ ، بعد هذا كله ، بألم مقسوم على اثنين ، و قاموس شتائم ، و اتهامات متبادلة تشير إلى سرعة ما حدث ؟ و باختصار إلى عدم رضا الأنثى ، و كل
واحد يحمل المسؤولية للآخر ؟ أتساءل مرة أخرى هل هذه الخاتمة منطقية ، و منسجمة مع ما سبق ؟
التفات النص
المفاجأة هنا ، في هذا المكان : أن الخاتمة منطقية ، و منسجمة مع .... " العنوان " !!! بل يخيل إليك أن النص ما هو إلا توسيع لمفهوم العنوان ، الذي هو أساس الأمر كله :هذه أنثى انتظرت ، طويلاً ، ما يكاد يأتي إلا ليذهب . ما يكاد يمر بها إلا ليودعها . لكن الأنثى – بما هي أنثى – لا تتفهم هذا ، و لا تفهم لم ينبغي أن يكون الأمر كذلك ؟ ذلك أن الأنثى مناط إقامة و استقرار ، و الرجل مناط سفر .. الأنثى هي الأرض ، و الرجل هو الغيم : ففي حين الأرض باقية ( بطيئة كسلحفاة ..) يكون الغيم إما ذاهباً ، أو ذاهلاً ، أو ذائباً ( مجرد أرنب مذعور هارب ) !فالاتهامات ليست مجرد حديث عن نهاية فاشلة لعملية جنسية ، لكنها خلاف بين متغايرين : بين الثبات و الحركة ، بين الاستقرار و القلقلة ، بين الإقامة و السفر . بين قطبي الحياة .و النص يقول هذا بمجرد " الالتفات " الحاد من حالة انسجام كانت ماضية باتساق تام – الالتفات إلى حالة عدم انسجام ، و هذا الالتفات ، بربطه مع العنوان ، المغاير للنص كذلك ، و المتسق مع الخاتمة ، هذا الالتفات و الربط يظهر لنا المعنى الأخير و المستوى الأعلى من النص لينقلنا مما كنا فيه إلى شئ آخر .و الآن ، و الآن فقط ، يحق لنا استعادة سلبية الأنثى التي ظهرت من قبل في موضعين من النص .لقد كانت الأنثى عاشقة حقاً ، و هي قامت بعملية الكشف كاملة ، و استنفرت كل ما يمكن لفهم عشقها ، و أسست من البداية تأسيساً متصلاً لكل هذا ، لكن هذا كله لا يمكن أن يكون كما ينبغي ما دام بعيداً عن إرادة الثبات لديها ، فهي تدرك أن سلبيتها قسرية لا يد لها فيها ، و لكن جل ما تطلبه ألا يكون الرجل مجرد أرنب مذعور هارب
قراءة للشاعر عدنان المقداد

11 مايو 2007

القول خطفاً: الصوت والصدى


أجشٌ صوت أبي يناديني
والصدى يتمرغ بين الحروف
يشدها لتتلاصق
تنتأ لها آذان لا تسمع
وأنا

منذ خلقتُ أتعاقب على الحزن
وعلى الصمم

القول خطفاً: تعري

باكياً يمشي وعارياًً
يتوسل إلى الأقراط الطويلة أن تستره
قد فتح الملل عينيه
وتثاءبت من فرط سذاجتها القبلات
الحساء ماعاد ساخناً
.منذ أن اكتشفت أنفاسي برودتها

09 مايو 2007

القول خطفاً: مصير


أن أكون امرأة هذا يعني
أني لاأملك العرش
ولاصولجان الحكمة
ولا القوة

كي أقنع هذا الحب أن يبقى

القول خطفاً: هزيمة

من ثقب الباب يشغلون الحيز كله
فتحت
تلفت يمنة ويسرة
السيقان تركت أقدامها وركضت
الفراغ هالني و..الأحذية

03 مايو 2007

بلاكين


بلاكين


بلاكين


بلاكين


جامع الرحمن


تمثال ساحة عبد الله الجابري


بكرا أحلى مو؟


(هذه الصور التقطتها ابنتي جود كيالي مع أصدقائها (لأجل مشروع لهم في كلية العمارة

دوار البولمان : ملفى الصبايا والشباب


02 مايو 2007

نظرة حلبية


حمام النحاسين


حميمية الحجارة


حلب ياأمي


تهيأ لي أني مقصرة في تقديم مدينتي

أمام البعض الذي يزور مدونتي

فسواء كنتم من سوريا

أو من حلب بالذات

أو غرباء عنها

فإني حبلى ومتخمة وممتلئة دائماً بمحبة مدينتي التي أعيش بعيداً عنها

حــــلـــب

مدينة الشمال السورية/ مدينة أبو فراس الحمداني/ حلب الشهباء

سأقدم صوراً للمدينة القديمة

بعض الأحياء

بعض الأجواء

بعض اللقطات المنقوشة في قلبي

القول خطفا: لاتحاول


لم أخلق مرآة لأعكس ألوانك
:سأخبرك مراراً وأنا أمسح عرق عنائي
لي وجه أحبه
لي صوت يطربني
أمشي حافية.. أغرس في الطين الطيب خطوتي
يرتفع جبيني أخضر بمشيئته
أصدق معناي
ولعي بنفسي شاهق أيها الطاووس
!فلاتحاول

قبلة أنيقة لموت وحيد



حين نتأفف الحب...نعاكسه.
هل من سبيل لأقول ببساطة " ما عدت أحبك" ؟
وبأن القبلات التي نتبادلها صارت أليفة مثل قطة تتمسح في النعاس
وبأن الشمس التي نراهن على سطوعها خلعت نعليها وغرقت في السبات
كذلك الوعود..
لا شيء يدوم
قلتُ الكثير واليوم نسيت ..
لعلني لم انس.. لكن الزمن محظية حمقاء تلعن عاشقيها
تنسى..
فلا العصافير تُبكيها.. ولا تتشح بالأسود سموات
لنبض انقطعت أنفاسه، لهاتف لا يلتقطه أحد
يمرون عبوراً فوق أرصفة كامدة ، يتعثرون باللوم
يبدون كالحزانى
جاحظة أسرارهم
تلح مثل حكاية بائسة في فمٍ عجوز
..وماهم حزانى
:كذلك أنا لا تكترث
الألم يرتفع.. يتلاشى مثل بخار
..أعتذرُ بشدة
أني امرأة بلا صدى، ترحل مخلفّة وراءها أحلامها
و باقي العسل فوق أصابعها
أنا امرأة تنسى تاريخ الحب الأول.. ورعشة القبلة الأولى.. وحمى الأبدية
لا أحتفظ بصور محنطة
لا أكتفي بنصف المدى
أنا التي تشّمر الجنون عن ركبتيها
لينحسر صوتك..
تاركاً الصمت يتكور باطمئنان.. لم يبق من حلواك إلا الدبق
دع الحب يركن إلى موته
اترك شفتيك فوق جبينه ..
ليسربك دون ضغينة
أو
يبقيك بلا عتب.

نص نثري نشر في جريدة الراي الكويتية بتاريخ :29-4- 2007

30 أبريل 2007

سوزان خواتمي : أُحبُّ أنْ أكتشفَ نفْسي , و الأفُقُ مُسْتهَلُّ رغْبتِي*/ سعد الياسري


كتب سعد الياسري


مدخل

:
ضمن إصدارات ” سلسلة ولاّدة ” لعام 2006 ؛ تمّ نشر المجموعة القصصية ” قبلة خرساء ” , وهي الرابعة للقاصّة السوريّة ” سوزان خواتمي ” , و تقع في مئة و ثماني عشرة صفحة من القطع المتوسط , ضمّت سبعَ عشرة قصّة قصيرة
و لأنّ ” المرأة ” وقضاياها تمثّل – فيما يبدو – المحرّك الرئيس لنتاج الحكاية عند القاصّة , تدور أحداث القصص في مجملها حول هذا الكائن الفذ , طارحةً قضايا كبرى – أو نحسبها كذلك - تختص بعالمي المرأة السريّ والمعلن , لتكتشف نفسها
في العمل

يقول الفلاسفة التجريبيون – ديفد هيوم على سبيل المثال – بأن ّ ” العقل يقرر الوسائل لا الغايات ” , بمعنى أنّه يعنى بما هو كائن وليس بما يجب أن يكون , وهو ما لايروق ربما للمثاليين . و نحن نقول كذلك بأنّ قصص ” قبلة خرساء ” تتحدث عن واقع المرأة في رقعة جغرافية معينة , دون أن تقدّم معالجةً لهذا الواقع أو ما يمكن أن يسمّى ” تصحيح مسار ” لما هو كائن أصلاً , و ما يجب أن يكون
و لنعدْ للقصص , و نقرأ باختصار ما طرحته كل قصة
أقلّب أوراقهم , مثل شمس تتلصص : تمثّل رؤية من الخارج لتفاصيل دقيقة , ترتكز على أربعة محاور تناقش التطور الطبيعي للعلاقات الأسرية من وجهة نظر مراقب غير محايد فيما أزعم . و برأيي كانت القصة ما ورائية في تعاملها مع القارئ و غامضة في مواضعَ شتّى , و بظنّي – أيضًا – أنّ القاصّة بقيتْ حتى نهاية القصّة مدينة للقارئ بشيءٍ
لا أعرفه
نعي فاضلة : تدرو حول فكرة الموت , و الاحتياج الدائم لعنصر الوفاء . تناقش بشكل بارع يوميات امرأة , و ترقب من الخارج – أيضًا – ما سيفعله الباقون بالانتظار بعد رحيلها , حيث تشهد على أن القلوب لم تكن بيضاء بما يكفي كي تحزن عليها كما ينبغي . هي قصّة متكاملة وفنيتها عالية
ثلاثة ألوان لحكاية بلهاء : عبر أربعة محاور تطرح القاصّة مواضيع هامّة كـ ( الأعراف / الجهل / العادات / العلاقات الأسرية / العلاقات الجنسية العابرة / التشرّد / الظلم .. إلخ )
خرائط الغياب : ترتكز القصة بمرفقيها على شخصية ” سلّوم الراوي ” . احتفت بجمالية تصوير ردود الأفعال عبر شخصيات مختلفة تجاه البطل الغائب أو المختفي . وتناولت معلومة – على لسان شخصية في القصّة - لا أدري مدى دقتها في الصفحة
(لم تقبله أيًا من جامعات العراق , قيل بسبب انتماء عائلته وتحزبها السياسي ) وللأمانة لا أدري كيف تجري الأمور على وجه الدقة في العراق , ولكنني أشكك بإمكانية أن يكون الانتماء الأسري لحزب سياسي معين مانعًا عن الدراسة . وربما هناك منع من تسلم مهام في السلطة والحكم عن بعض الانتماءات وهذا وارد
ظلال حافية : تقول تلك القصة الكثير , و تطرح بوضوح أفكارًا أجدها تقترب من رؤية ” هيراقليط ” عن العالميْن المادي والمحسوس و سواهما من العوالم , و خاصّة في مسائل ” الظل ” و ” دخول النهر ” , و ما يمكن أن يسمى (كل شيء يتحرك ولا شيء ثابت) و ( في التناقض يكمن الناس ) .. إلخ .راقت لي القصة كثيرًا , وقد تناولت بشكل رمزي و فاخر مسائل كـ ( القربان , والنسيج الاجتماعي , الاختلاف الفكري , الرؤى الثابتة لواحد متحرك .. إلخ )
أصابع بطاطا تحترق : تتحدث هذه القصة وبشكل واضح عن مفهومي ” الغيرة ” و ” الانتقام ” . و بها من الروعة في وصف الرجل ما يمكن أن يجعلها في صدارة الذائقة , غير أنّي لم أستسغ توظيف ” عطيل / ديدمونة ” في رائعة ” شكسبير ” و إسقاطهما على أحداث القصة .. و بما أنّني أتوخى الحرص في كلماتي هنا , فسأقول بأنّ التوظيف كان بلا فائدة تضاف إلى النص
الحب أو .. لا شيء عنه : بارعة .. فقط بارعة , و لو تكلمت عنها سأفسدها . و لكنني سأذكر سرًّا , فأنا حين كنت أدوّن ملاحظاتي على ورقة بجواري أثناء قراءة المجموعة … كتبت جوار تلك القصة ” أهم قصّة ”
رقصة الفالس الوردية : تعود مجددًّا إلى فكرة ” الوفاء ” من خلال تصويرها لجشع الرجل وشهوانيته اللا محدودة , تلك التي تؤهله للنشوة في نفس الوقت الذي تغادره شريكة حياته . احتفت بتصوير مميز في جوانب عدّة .و أظن بأنّ القصّة تمثّل حالة فردية .. ولكنها واقعة وموجودة
مواء : كما في القصّة الأولى , أجد بأنّ القاصّة مدينة بشيء ما للقارئ , و إن كانت تتحدث في هذا النص عن الوحشة وانتظار من لا يأتي دومًا وإن أتى فبسرعة . القصّة كما فهمتها تتحدث عن امرأتين و رجل واحد .. و لم تكن يسيرة و لا سهلة .. و سأقسو منطلقًا من مبدأ الحرص آنف الذكر و أقول بأنها لم تكن ممتعة
آل / زهايمر : قصّة فاخرة , وتصوير دقيق و بارع لما يمكن أن نكون عليه في أرذل العمر
قبلة خرساء : وهي القصة التي سُميت المجموعة باسمها . بعيدًا عن موسيقى الاسم رغم صمته , و بعيدًا عن جرأة لذيذة في تصوير أمراضنا الاجتماعية , لقد نزلت ” سوزان خواتمي ” إلى قعر المجتمع و غرفت منه تلك الدهشة , و قد كانت مترجمة أمينة لكل الخدوش التي يربيها النائمون في الأسفل .. أولئك الذين يتأرجحون بين الطبقات بلا قيمة حقيقية .. أولئك الذين سئموا شكل الطعام المتكرر و منظر الأكتاف الوفيرة حول زاد قليل .. أولئك الذين نحبهم بأنانية المستعطِف , ونتذكرهم على سبيل التشبّه بالإنسان . تلك القصة مهمّة جدًّا .. ولا تشبه كل ما في المجموعة
من رحمها أنساب : تتناول قضايا الهجرة والغربة والحنين , من وجهة نظر مهاجر تسرقه متطلبات حياته الجديدة عن تذكر رفقة الوطن والمقهى … إلخ
العتبات المحظورة : تتحدث عن حياة أسرية عادية , حتى يفجر بها تمثال . تتناول الغرور و المغالاة من قبل المبدعين , و الذي يمكن إسقاطه على غير التشكيليين و النحاتين و على كل من يظن أنه قد جاء بما لم تأتِ به الأوائل .. هي جرس تنبيه رؤوف بالآخر , كي لا يقع فجأة من شاهقٍ
امرأة لا تبكي : أظن بأنّها تمثّل كلامًا كبيرًا لقضايا صغيرة , لم توافق ذائقتي كما أنني لن أتجنّى على كامل النص , وسأقول أنها تتمتع بالكثير من المفاصل الشيقة , و لكنها في النهاية كلام كبير لقضية صغيرة
صورة منسية : تنبش في العقل الباطن وتستخرج كل ما يمكن أن يكون مجرد ” تهيؤات ” لدى الآخر . قصّة جميلة , و مجددة , و بها من الإمكانية ما يفضح موهبة بارعة لدى القاصّة .غير أنّي . عانيت من مباغتة لا أدري إن كانت قد أفادت النص بشيء , وهي ما ورد في الصفحة 95
( لم تكن تحب خدمة الآخرين لها , حتى حين تمرض … )
كانت إشارة في غير محلها كما أرى , شقّت النص و تركتني أعيده لأتأكد هل فاتني شيء ما , و قد سرّعتْ بوتيرة التوقّع بعد أن كان الأمر لذيذًا و ببطء المنتظرين للنشوة .أيضًا ؛ كانت القصّة فاتنة في أن يكون هذا الوجه العابر سبيلاً للمرور على كل النساء اللواتي مررن على جادة البطل . و أيضًا , أحيي القاصّة على دهشة النهاية التي لم أتوقعها للأمانة و رغم كل جهودي المبذولة
اصمتي يا زهرة .. أكاد أسمعك : حين مررت على هذه القصّة , عرفت بأنّ ترتيب القصص لم يكن عشوائيًا , و أنّ القاصّة – فيما أزعم – بعد كل نصّ فاخر تضعنا أمام ما يسلب شيئًا من دهشتنا التي استحصلنا عليها قبلاً .و لكن – من باب الإنصاف – نقول بأنّ القصة نجحت في التحدّث بأريحية من خلال مشهد واحد , معتمدّة على الذاكرة الخلفية والمنولوج الداخلي للبطل الراوي . أيضًا وبلا شك بأن لهكذا لحظة هيبتها .. خاصة بين قرينين
كان اسمها سعاد : مرّة أخرى , تؤاخي القاصّة مجتمعها من الداخل العميق والسحيق , وتنقل لنا تفاصيلنا اليومية التي نمرّ عليها دون انتباه .. فيما يصرّ المبدعون على تدوينها .. وقد فعلت ” سوزان خواتمي ” بشكل مريح .فقط أثار انتباهي هذا المقطع في الصفحة 105 :( ثلاث سنوات طرقت خلالها الأبواب والنوافذ وحجارة الصخر .. )لا أدري ما يمكن أن تعنيه ” حجارة الصخر ” , فهي بالنسبة إليّ هنا كـ ” طريق السبيل ” تمامًا .. !! في اللغة
أقف باحترام بالغ أمام رشاقة و جدية المنهج اللغوي السردي الذي تتبعه القاصّة . و لكن في عالم النشر والطباعة تحصل بعض الأمور التي يمكن أن تندرج تحت بند الأخطاء الطباعية , وأخرى تحت بند الأخطاء اللغوية البريئة , و التي لا تُخرج القاصّة من ملّة الجمال بل هي راسخة فيها بقدمين قويتين .و لأنّني لا أحبّ المرور عابرًا , دون أن أنوّه , سأقوم برصد الأخطاء الطباعية واللغوية هنا , و سأشير إلى الأصل والتصحيح بين قوسين , آملاً أن أنفع بذلك القاصّة إذا ما أصدرت طبعة ثانية في مقبل الأيام
الصفحة 27سأسأل أبيه ( أباه )
الصفحة 33كأنّه حديقةً ربيعيةً ( حديقةٌ ربيعيةٌ )
الصفحة 36مكابج ( مكابح )
الصفحة 48الكأس النظيف ( النظيفة )
الصفحة 60عصّة ( غصّة )
الصفحة 70وجوهم ( وجوههم )
الصفحة 90مجرّدُ بائسان ( بائسيْن )
الصفحة 94تتدَّخل شفتيها ( تتدَخَّل شفتاها )
الصفحة 95متابع ( متابعة )
الصفحة 97لصبية ( للصبيّة )
الصفحة 107ركته ( تركته )
هذا ما استطعت أن أرصده من خدوش طفيفة لم تؤثر بأيّ شكل من الأشكال على جمالية و انسياب العمل بشكل عام
في الأفكار

كنتُ قد أشرتُ في محور سابق إلى أن القاصّة مدينة – في نصّين - بشيءٍ ما للقارئ , و هنا أودّ ان أتحدث عن أمر مهم – في ظنّي – وهو أنني قرأت أو استعرضت النصوص أعلاه من وجهة نظر التلقي التي أمثّلها , و من نفس المنطلق أستطيع القول دون إسهاب , بأنّ بعض النصوص في المجموعة كانت ” مغلقة ” بشكل مربك على القراءة
في حين أننا نشهد في أغلب النصوص ؛ مساحات فارهة لتحريك المخيّلة بشكل مريح لا يحدّه سياج , ولا تؤطّره غاية واحدة .. و هو النوع الذي أفضّله في الأدب عمومًا , في أن يكون مفتوحًا لعشرة احتمالات , فيما يكون الاحتمال الحادي عشر بحوزة المبدع نفسه . ولأنني - والقاصّة كما أعتقد - أرى بأنّ الإبداع في جنسه ” الأدبي ” تحديدًا مسألة أخلاقية لا يمكن الوقوف عليها بشيء من التساهل كي لا يجنح إلى العدمية , نجد بأنّ ” سوزان خواتمي ” تعاملت بشكل يحترم الأدب بالأساس و القارئ حتمًا , حين وظّفت مجموعة أفكارها حول المرأة و المجتمع في قالب قصصي رشيق , يقول ما نحتاج لسماعه , و يبتعد عمّا يهوي به حين التقييم المنصف . فقد تحدّثت عن :( الحب / الجنس / الموت / الدين / القربان / الشيخوخة / الشهوة / الوحشة / الغيرة / الانتقام / الغربة / الحنين / الخيال / الجنون / الفقر / الفحش … إلخ ) وبعبارة أخرى , سأقول بأنّها تحّدثت من خلال أفكارها عن الحياة .. كما يجدر بالحياة أن تكون .. صارمة , حادّة كحقيقة . وتحدّثت عن المسحوقين , والعشّاق , و المهاجرين , و المغمورين بلا بطولات أو أمجاد .. و تلك هي القصّة .. كما يجدر بالقصّة أن تكون .. سريعة كنشيد مدرسي .
إضاءات
-1
تم استخدام وجهة النظر الدينية فيما يخص المرأة ” على اعتبارها ” حوّاء ” . و قد وردت إشارات إلى ذلك في
ثلاثة مواضع من خلال المجموعة
-2
المجموعة برمّتها تتناول المرأة كما أسلفنا , و لكن هناك أربع قصص لم يحتف جوهرها على وجود للمرأة , وإن ظهرت بها فهي تظهر بخجل الذي لا يُسمع له نبض . و القصص الأربع كانت : ( خرائط الغياب / من رحمها أنساب / العتبات المحظورة / كان اسمها سعاد ) . فالبرغم من أنه في بعض تلك القصص كان للمرأة وجود , و لكنه كما أسلفنا خجول جدًّا ولا يؤثر بشكل أو بآخر على سير النص
-3
تهتم ” سوزان خواتمي ” من خلال تلك المجموعة ؛ بالموجودات التي تتحرك و تحرّك النص , دون أن ألمح أي اهتمام حقيقي بعنصر ” المكان ” , الذي شهد غيبة كبرى , باستثناء قصّة ” قبلة خرساء ” التي تناولت الأمكنة والمناطق في مدينة ” حلب ” السوريّة بشكل محترف
-4
فيما يخص عنوان المجموعة, فقد جاء كالآتي
قبلة خرساءصوتٌ يصعد شجر الحكاية
و تسأل القاصّة القرّاء في سيرتها الذاتية وتقول ( هل تظن أنّه عنوان طويل ؟ )و أنا أقول نعم , طويل .. وكان يمكن الاكتفاء بـ ” قبلة خرساء ” فقط .و لكنّه في النهاية جميل
خاتمة
بحسب رؤية شيخنا ” كانط “ , فالإرادة الطيّبة هي الخير المطلق الوحيد . و أنا أقول بأنّ إرادتك يا ” سوزان ” طيّبة , و نواياك بيضاء , و نتاجك خيرٌ , لا يشوبه السوء . فشكرًا لـ ” قبلتك الخرساء ” , إذ جعلتني أصعد شجر حكايتك بلا أعوان سوى الحرص . لكِ الأفق و لذّة الاكتشاف



* عبارة وردت في المجموعة ؛ من خلال قصّة ( أقلّب أوراقهم , مثل شمس تتلصص ) , في الصفحة 12 *