27 مايو 2007

القول خطفاً: غناء


كلما أرهقتني لعبة الغميضة
سأتلمس قلبي، أطمئن أن طفلتي مازالت تتأرجح على كتف الريح

سأركض نحوالله، أستحلفه بالبكاء الذي شردني
أن لا أضيع ثانية

24 مايو 2007

النداء الأخير لركاب الهوب هوب السورية

كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا و أنت السبيل
فلابد إذاً لمغتربي هذه الـ حلب أن يحنّوا لها، و إن لم يخب ظني فهم يعتبرونها، أعز مكان في الدنى مخالفين المتنبي نفسه وسرجه السابح. ولابد لمن حالفه الحظ ووجد تذكرة على متن ناقلتنا الوطنية أن يدخلها (آمناً ) عبر مطارها الدولي جداً دون أن يخشى ( مثلا ) وقوع سقف صالة الركاب على رأسه لان سقف الصالة القديم قد وقع -وخلص - بعد تحوله الى مخزن للشحن، وأؤكد ليس من المعقول أن يسقط السقف في المطار الجديد على الاقل في غضون سنة من الآن، لانه حديث جداً ولم تنته تجهيزاته إلى الان رغم أنّا ضربنا الرقم القياسي السابق للصبر والذي سجله الاستاذ الصابر أيوب في موسوعة غينس!!

وكذلك فقد حطمنا في شوقنا له ( أي المطار ) الرقم القياسي السابق للشوق والذي سجله قيس في موسوعة ليلى، والـ " نـا " عائدة للمسافرين المعترين من أبناء المدينة وجوارها، لأن حلب لم يعد يؤمها أحد كسائح منذ أن تخلصنا من وجع " الروس " والـ " بِِلاروس "
ومطار(نا) الدولي، العزيز حتى قبل انتهاء تجهيزاته، بحسب مواصفات " النشرة " الوطنية، بقراءة ماجدة زنبقة تحديدا وإن كانت متغيبة وقت قراءة النشرة بإجازة ساعية مثلاً، فيمكن أن تقرأها عزة الشرع بصوتها الواثق الواضح: " يعتبر مطار حلب منشأة حضارية متكاملة جمعت بين الفن المعماري الأصيل والحداثة وتم تزويدها بأحدث التجهيزات والتقنيات."
و( أحدث) عزيزي القارئ المواطن أيضاً - للمصادفة السعيدة - هي بديلاً لما هو أقدم.. إذ لا يعقل أن يكون المقصود بـ أحدث و التقنيات والتجهيزات ثلاث أدراج كهربائية أو السوق الحرة المتواضع ( الحجم ) أو المطعم / الكافتريا الوحيدة التي تخدم المكان، وللأمانة هما اثنان واحد في الصالة العامة والآخر في منطقة الترانزيت..
وربما يكون المقصود بالأحدث، عزيزي المواطن دون أن تكون مسافر حتى! ( واعذر لي شرح هذه الـ أحدث لك لأني أعتقد أنها عويصة وفهمها صعب خصوصا إذا كنت قد سافرت أو وصلت، مصادفة الى هذا المطار ) نظام الاعلانات المتحركة التي تعلن عن مواعيد وصول واقلاع الطائرات التي لا تشير غالبا الى أي تأخير لأي رحلة لأي من طائراتنا الوطنية حتى لو كانت قادمة من دارفور فطيراننا لا يتأخر في أفدح الأزمات حتى لو اضطرنا الأمر لإبقاء موعد الوصول نفسه مدون على الشاشة بعد ثلاث ساعات من عدم الوصول
عزيزي المسافر ومهما كانت جنسيتك فأنت مواطن، ألم تصدح إعلاناتنا الطرقية وكتب ( التربية القومية ) التي حلت بديلا (للتربية الوطنية ) بـ " لكل أنسان بلدان، بلده الأم والبلد الثاني سوريا " وقالها خواجة لم يزر سوريا والله أعلم لأني لا أعتقد أنه سيظل متمسكا بمقولته بعد زيارتها وخصوصاً إذا كانت الزيارة عبر مطار حلب الــدولي.
ربما يخطر لك أن الإنتقال من الطائرة إلى مبنى المطار عبر النفق/ السلم المتحرك وسيلة آمنة وسريعة، إلا أننا في زمن طب الأعشاب يا عزيزي والأنتي بيوتك والرياضة التي هي خير وقاية للبدن.. وخير الرياضات المشي ( حتى إسأل مريم نور ) لأنها تقي من داء التقوس( إنحناء الظهر والقامة ) إذاً فعليك أن تنزل في ساحة المطار وبعيداً عن المبنى، لكي تكون المسافة " حرزانة للتمشاية " ولاتخف من طائرة أخرى قادمة " تهفك " وأنت تمشي لأن ادارة المطار تحسبت لهذا الأمر ووفرت منادين يصيحون " عجلوا شباب بسرعة في طيارة تانية نازلة "
وهذا هو السبب المنطقي لعدم إستعمال النفق السلم الحديث الصالح للاستعمال في تجهيزات المطار الحديث، ظاهريا على الأقل! فلا يعقل أنهم لا يستخدمونه كي لا يخرب مثلاً أو أنه فقط لكبار الشخصيات
وإذا كنت تعتقد عزيزي المسافر ( حسب نطق الاستاذ نضال زغبور لأعزائه المشاهدين ) أن المدن تعرف من مطاراتها وتشكل خصوصية وواجهة لها فاسمح لي... خصوصيتنا تجدها بكل شي إلا بمطارنا، وإذا كنت مصراً عليها -أي الخصوصية- في مطار حلب أيضاً فاسمح لي - مرة أخرى- أن أقول لك هو :( اعجوبة )، و.. فريد بتواضع مبناه الذي جمع الى الأحدث والأصالة افتقاره إلى أغلب الخدمات الموجودة في مطارات الدنيا في بلدان ليس لديها خصوصيات لذلك اعتنت بمطاراتها ليشكل نتفة خصوصية لها
ومن خصوصيات هذه الأعجوبة ( طالما أنك مصر عليها أخي المواطن ) أنه بعد فترة وجيزة من افتتاحه توقفت خدماته!! إذ اكتشف المهندسون والتقنيون وبخبرات وطنية أن هناك خطأ ما في التدفئة والتبريد.. مما جعلهم يستعيضون عن نظام التكييف المركزي بوحدات تشبه البرادات الكبيرة تضخ الهواء البارد المنعش لمن يقف أمامها مباشرة.. وقبل أن تنتعش أنفاسنا ( الدالة على المسافرين ) توقفت خدمات المطار مرة أخرى لأجل إكمال مواقف السيارات، فقد اكتشف المسؤولون ( طول الله أعمار كراسيهم ) أن مطاراً بلا خدمة مواقف للسيارات أمر مقبول لكنه غير مستحب..! وتم هذا الاكتشاف بتوجيه وإيعاز من الأخوة المسؤولين للسادة مهندسي الانشاءات وقد تم بعون الله انشاء مواقف للسيارات.. يخط لك موظف بشكل يدوي ( وبقلم صناعة وطنية) التوقيت على شقفة ورقة لتدفع التعرفة اللازمة في الجهة الأخرى حين الخروج، وهذه والله خصوصية لن تشاهدها في أي مطار في العالم حتى في مقديشو بعد هروب قوات المحاكم الاسلامية.
هذه الحلول الفنية /الآنية ليس من السهل اكتشافها وتنفيذها دفعة واحدة، فالمعضلات (تنط) في الوجوه كلما قلنا خلاص خلصنا.. آخر هذه المعضلات كان الاتوستراد المؤدي من وإلى المطار، والذي لم يتزامن اكتمال انشائه مع اكتمال المبنى دون أن يسقط سقفه، والذي تزامن ، وأعني اكتماله وعدم سقوط سقفه، مع بدء احتفالية حلب عاصمة للثقافة الاسلامية وأفترض أن الإحتفالية لم تنجح لأن الضيوف المدعوون تكبدوا عناء الطرقات اللولبية والحفريات.. لكن الأوتستراد - وبإذن واحد أحد - اكتمل بأيدي وخبرات محلية بعد شهرين من المناسبة
المطار الحديث حسب مصادر مسافرة وشهود عيان وليس نقلاً عن قيل وقال فيه خصوصية أُخْرَى ( لاحظ التشكيل ولا تتبلاني عزيزي المسافر ) هي الحمام ( الله يكرمك ) الذي تفوح منه رائحه تجعلك... لست بحاجة الى أي يافطة للاستدلال عليه، وإذا لم تمنعك الرائحة من الدخول فمن المؤكد أنك لن تجد ما يساعدك على قضاء حاجتك أيا كان نوعها... وقد تشعر بالاستغراب حقاً حين تجد بجانب حمامات المطار باب مصعد واسع فتقرر الركوب فيه لتجده مستهلكاً .! يحدث هذا في مطار حديث لم تكتمل تجيهزاته الـ ( أحدث ) وهذه خصوصية والله أعلم !!!
هل انتهى كل شيء عن مطار حلب؟
بالطبع انتهى لأننا اختصرناها... لكن مادمنا نتحدث عن مطار فلا بد أن تكون وسيلة النقل طائرة وليس بسكليت أليس كذلك ؟؟
احصل إذاً على بطاقة سفر على متن طائرات الهوب هوب السورية وتمتع بالاحتمالات.. أحد الأحتمالات العادية جداً والمتكررة، هي أن وجهة سفرك يمكن أن تتبدل أو تتغير سواء كان ذلك بالتوقيت ( المحلي أو غرينتش لا فرق ) أو في التوقف الطارئ في مدينة ( على الطريق) وهذا يحدث بشكل شبه دائم خصوصاً أيام الحج الذي يصرُّ أن يأتي كل عام كل عام، وكل عام كل عام تتفاجئ شركة الطيران السورية، وتقع في حيص بيص، وكأنه جاء مصادفة أو خلسة، فلا تحسب حسابها بأن هناك أعداداً من الحجاج يفترضون أنهم سيذهبون ويعودون في توقيت معروف سلفاً..
لاتظن أني أمزح بسماجة أرجوك، فرحلة ذاهبة من الكويت الى حلب يمكن بمشيئة واحد أحد أن تغير موعدها من الثانية عشر صباحاً الى الثانية عشر ليلاً، ويشهد الله أن موظفو مكتب طيران السورية اتصلوا بالركاب قبل الموعد لإخبارهم ..
لكن في الساعة الثانية عشر أيضاً وفي المطار كانت " كاونترات " السورية مقفلة حتى اشعار آخر دون ابداء السبب ودون أي حرج قد يؤدي إلى اعتذار ما.. في الثالثة صباحاً بدأ الموظفون بوزن الأمتعة وتسليم بطاقات دخول الطائرة لتنطلق الطائرة المصون في السادسة صباحاً .. لأشك أننا شعب كادح ومكافح ولا يفترض أن يكون لدينا ظروف أو مواعيد مضبوطة بحسب توقيت غرينتش اللندني ذو التاريخ الإستعماري
وإذ صعدت لأول مرة إلى طائراتنا عزيزي المسافر ( و آخر مرة، وسامحني ) لا تندهش مثلاً من المقاعد المهترئة ومناضد الطعام المخلوعة وسجاد الطائرة القذر، ولا تستغرب ابتسامة المضيفين والمضيفات ورحابة صدورهم، فنحن منذ أن خلقنا الله شعب مضياف وإلا كيف أصبحنا بلد كل إنسان في العالم ؟!! أما إذا هبطت الطائرة في مطار دمشق وأكملت على متن رحلة داخلية إلى مطار حلب الــدولي الحديث علي أن أخبرك منعا للمفاجأة، أن هناك كراسي مخلوعة غير صالحة للجلوس( اطلاقاً ) لكنها مازالت واردة كأرقام جلوس أثناء الحجز!! شو يعني إذا وقفت؟؟ كلها ساعة إلا عشر دقائق!! ( هسسسسسس ولاح
مقال نشر في موقع: جدار/الجمل/صفحات سورية

19 مايو 2007

السر








سأؤجل موتي
حتى ساعة متأخرة
لأمر بالأنهار كلها
لأقلب الكتب
لأطبق على عنق التعاسة
لأعرف: لماذا تنطفئ النيران قبل أن يعم الدفء؟


ولأعرف: لماذا تشيخ الوعود؟




ولأعرف:أين كنا قبل أن نجيء؟

"الأرض والغيم قراءة في نص " انتظرتك طويلاً ولاوقت إلا للوداع/ عدنان المقداد

انتظرتك طويلاً ولا وقت إلا للوداع
ظلمةٌ دامسةٌ لأحدِ احتمالين
إما أنهُ ليلٌ مطبقٌ لا يعرفُ الرحمةَ
أو لأني أغمضتُ جفنَّي بضرواةٍ
كنتُ أهِمُّ بمعرفتِكَ حين تخلى عني العالمُ
لأجدَ نفسي وحيدةً و معَكَ
وجهاً لوجهٍ تقابلنا
اتسعَ الأفقُ بيننا كالمستحيلِ بعينِهِ
وانقلبَ صبري صفحةً بيضاء َلجوجٌ تنتظرُ حِبرَ كلماتِكَ
:الرغبةُ كلَ الأشياءِ التي تخفي بذاءتَها بزيفِ أهميتِها
الفصاحةُ العرجاءُ
التمتمةُ المفهومةُ
الهمهمةُ المدعيةُ
والنقاشُ بالأيدي
والساحرُ الذي من فرطِ سذاجتِهِ لايسحَرُ أحدا
والموسيقا المتهمةُ بالشروعِ في قتلِنا حُزناً
من الجرحِ إلى الجرحِ
صمتَ الكونُ
دارتْ طواحينُ الغوايةِ
كان طعمُ التفاحةِ تحتَ الضرسِ الشرهِ
مزاً .. حامضاً ، ولذيذاً لايقاوم
كانت القضمةُ الأولى كافيةً
لينتفضَ الجوعُ وحشاً مفترساً لا يعرفُ الشبعَ
حين ظهرتْ الحقيقةُ عاريةً
احمرَ وجهانا خجلاً
وبدا الصدقُ أقصرَ الطرقِ بين قلبين
كانت شهقةُ الولادةِ لعمرٍ سيكتبُني من جديدٍ
خفقةً .. خفقتين
كطبولٍ افريقية
تعلنُ انتصارَها المجنونِ للحياةِ
انحنيت لألملمَ كلَ ما سقطَ مني
عنقي والقلادةُ
أقنعتي والكفنُ
رشدي وأنفاسُ روحي المقتضبةُ
ضريرةٌ تلكَ اليدُُ لا حولَ لها ولا قوةً
ومذعورةٌ حتى النفسِ الأخيرِ قبل الموتِ
تتوجسُ مهابةً
تندفعُ لهفةً تتلمسُ الطريق
يا للأصابعِ المشتعلةِ شوقاً في تحسسِها المعجونِ بالفضولِ
وشغفِها لكشفِ ما استعصى على الفهمِ الخجولِ
كانت تجوسُ في خفايا الحبِ
تمارسُ لذتَها الأولى
حين اكتشفتْ اللحظةُ الحاسمةُ
ذابتْ قاراتِ الجليدِ القطبيةِ
فاضَ التنورُ
اضطربتْ الحواسُ لذهولِ الاكتشافِ
تجلى الحبُ ناعماً كجدرانِ الوهمِ الزلقةِ
حنوناً كقطرةِ ندى
مفطوراً على الأوجاعِ
تبادلنا الألمَ المقسومِ على اثنين
وما تذكرناه من قاموسِ الشتائمِ
اتهمتَني بأني بطيئةٌ كسلحفاةٍ تختفي تحت صندوقِها الصدَّفي
واتهمتُك بأنكَ مجردَ أرنبٍ مذعورٍ هاربٍ
سوزان خواتمي
تمهيد
في الحب ، نحن محكومون ، عادةً ، بأن نعيش " داخل التجربة " فننفعل للبعد ، و القرب ، و الرضا ،و الخصام ... إلخ ..
لكن من منا يملك " ترف " إضاءة هذه التجربة ، كما لو كان خارجها ؟ لكن من منا يحتاج هذا الانفصال عن التجربة ؟ بل هل من السهل تحقيق ذلك ، لو أراد ؟
قد يرغب أحدنا بذلك إذا تعرض لضغط تجربته في الحب ، و ضغط مشاعره ، إلى حد أنه يريد فهم ما الذي يحدث له ؟
ما الذي يجعل هذه التجربة استثنائية إلى درجة سلْب راحته ، و حريته التي يعتد بها ، و يحد من فاعليته التي يجدها من ذاته ، ليكون " منفعلاً " في علاقته مع ( آخر ) .الحب ، أولاً و آخراً ، هو علاقة مع آخر ، و هذا الآخر – دون غيره – يملك حق امتلاك مفاتيحنا ، و أسرارنا ، و أقبيتنا ، و غرفنا الخلفية ، و زوايانا المعتمة ..
.يملك ذلك باسم الحب
و فيما نحن ذاهلون في هذه التجربة قد تتاح لأحدنا فرصة مترفة بإضاءتها ، فهو " داخلها " و " خارجها " في آن معاً . يضئ الانفعالات الصافية التي يولدها هذا الحب .. فماذا قد يجد ؟
/ 1 /
هذا – باختصار – هو ما فعلته " الأنثى " في نص " انتظرتك طويلاً ، و لا وقت للوداع " لسوزان خواتمي ، و هي تعبر عن ذلك
بقولها " كانت تجوس في خفايا الحب "
تقول الأنثى ، إن الظلام الذي أحاط بها يعود إلى أحد أمرين : إما وقوعه ، فعلياً ، خارجها ، أو إنه حدث بإرادتها عندما أغمضت جفنيها
و لسنا نعرف أيهما الأكثر سطوة في هذه الصورة : هل هو العالم الذي يختفي عنا بليل مطبق ، أم هي الذات التي تملك أن تخفي العالم بمجرد إغماض الجفنين ؟
يا لهذه العلاقة الغربية بين الذات و العالم : يمكن لأحدهما ، ببساطة ، أن يوقع الآخر في مطبّ العزلة عنه ، فيبقى كل طرف وحده ، دون أن يتمكن حتى من معرفة ما حدث ؟
لكن النص يقرر أي الحالتين هي التي حدثت :
( كنت أهم بمعرفتك ، حين تخلى عني العالم ، لأجد نفسي وحيدة ، و معك ) .
فالأنثى تأكد لها أن العالم هو الذي أعتم ، و الظلام مرده إلى هذا لا إلى " فعل " منها بالإغماض ، و قد حدث هذا بالضبط ، في الوقت الذي همت ، فيه ، بمعرفة الحبيب ( كنت أهم بمعرفتك حين تخلى عني العالم ) ..
و النتيجة كانت عزلتها عن العالم ، لكن لا لتكون " منعزلة " بل ليحدث تماماً ما أرادته : أن تكون معه
( وحيدة ، و معك ) !!
بداية معرفة الحبيب تكون بالعزلة عن العالم – هذا ما قاله النص حتى الآن ـ و العزلة قد تأتي لأحد السببين المذكورين أعلاه : إما أن يغمض المرء عينيه عن العالم ، فيحذفه ( و هي حالة إيجابية ) ، أو أن " يتخلى " عنه العالم ،
فيجد نفسه وحيداً – نسبة إلى العالم – لكن مع حبيبه – نسبة إلى نفسه – ( و هي حالة سلبية في جوهرها ) لكن الأمرين يقودان إلى النتيجة نفسها .هذه نقطة بداية : حذف العالم ، و البقاء معه ، وجهاً لوجه .. ثم ماذا ؟
/ 2 /
ذاتها تنتظر الأنثى الخطوة الأولى من الحبيب، صامتة ، فيما هو صامت ، أيضاً ، و بين صمتها ، و صمته يتسع بينهما الأفق – حسب تعبيرها ، و هو تعبير لم يعجبني – و صبرت هي لتسمع منه ، حتى تحول صبرها إلى صفحة بيضاء تنتظر أن يحبرها بكلماته .الذي حدث هنا أن ( الكشف ) بدأ .. رغم الصمت المتبادل .. و هذا الكشف بدأ من " الرغبة " التي " ابتلعت كل الأشياء التي تخفي بذاءاتها بزيف أهميتها "
و هذه جملة مغرقة في الفلسفة تحرض على طرح السؤال التالي :من الذي يسبغ الأهمية على الأشياء ؟ و هل هو متواطئ معها بحيث يمكن لها بعد اكتسابها الأهمية أن " تخفي بذاءاتها " إذ من الواضح في النص أن " البذاءة " هي صفة حقيقية في الأشياء ، بينما " الأهمية " صفة مكتسبة مزيفة .
تعالوا نر هذه الأشياء أولاً :
- الفصاحة العرجاء .- التمتمة المفهومة .- الهمهمة المدعية .- النقاش بالأيدي .- الساحر الذي من فرط سذاجته لا يسحر أحداً .- الموسيقا المتهمة بالشروع في قتلنا حزناً من الجرح إلى الجرح .
هنا يخطر لي :
هل هذه صفات الأشياء في حالتها الصّرف ، أي أثناء امتلاكها صفة البذاءة ، قبل إسباغ صفة الأهمية ؟ أم هي كذلك في حالتها النهائية ؟( الفصاحة – التمتمة – الهمهمة – النقاش – الساحر – الموسيقا ) كل هذه كلمات مجردة لها " أهميتها " فمن لا يرى الفصاحة – التي هي الإيضاح – مهمة ؟
و من يمكنه اتهام الهمهمة ، و التمتمة ، و النقاش ، و الموسيقا ، و السحر بعدم الأهمية ، بغض النظر عن جوهر هذه الأهمية ؟
لكن مكمن البذاءة في الفصاحة أنها عرجاء ، و في التمتمة أنها مفهومة ، و في الهمهمة أنها مدعية ، و في النقاش أنه بالأيدي ، و في الساحر أنه لا معنى له ، و في الموسيقا أنها " متهمة " .
و على هذا فالأشياء خادعتنا بأهميتها الزائفة ، بإخفاء بذاءتها . لكن هل تريد الأنثى أن توضح لنا " فلسفتها " حول هذا كله ؟ النص لا يريد هذا ، كل الأمر أن النص استعمل طريقة " ملتوية " لتجد الأنثى لنفسها ، و لحبيبها عذراً في الصمت ، الذي لم تكن تتوقعه بدلالة انتظارها لكلماته أن تحبر صفحتها ،
فالذي يجمع الأشياء أعلاه أنها كلها " وسائل تواصل " شائعة :
فصاحة ، تمتمة ، همهمة ، نقاش ، سحر ، موسيقا .. ( أوضح فقط أنني استندت في اعتبار السحر وصيلة تواصل على أساس معنى السحر الذي هو إظهار الباطل أو الزائف بصورة الحق ، و هذا لا يعدو كونه خداعاً بصرياً ، فهو وسيلة تواصل على بصرية هذا الأساس ، فيما الوسائل الأخرى سمعية ) .
و هكذا أرادت الأنثى إقناعنا – و ربما إقناع نفسها – أنه لا مشكلة لديها مع الصمت ، و من الملاحظ أن خلفيتها هنا هي " إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون " و أخذت تلتمس الأسباب لذلك بذم اللغة ، و تدافع عن صمته باتهام النطق ،
و هذه نقطة سلبية أخرى تضاف إلى عدم إلغائها العالم إرادياً .و بصمتهما( صمتَ الكون ) - كما تنهي المقطع – فاكتمل إلغاء العالم على مرحلتين ، بصرية ( ظلمة ) و سمعية ( صمت الكون ) ..
و كل إلغاء جديد يقتضي إغراقاً أكثر في " الكشف " .و كانت العلاقة تزداد " حسية " ، فيما يظهر حتى الآن ، ففي حين أدى الإلغاء الأول إلى تضخم الرغبة حتى درجة ابتلاع الأشياء ، انتهى الإلغاء الثاني إلى أن " دارت طواحين الرغبة " .
/ 3 /
بعد إلغاء حاستين هما البصر و السمع ، و هما الحاستان التان تنتقلان بوسيط خارجي ( الضوء ، و الهواء )
تبقى ثلاثة حواس لا تنتقل بوسيط ، بل هي حواس " تماسية " مع الآخر ، و هذا إيغال أكثر في الحسية التي ذكرت ، و إيغال في الآخر / الحبيب ،
و لاحظ كيف ظهرت حاسة الذوق بعد ذلك مباشرة " كان طعم التفاحة..." أضف إلى ذلك أن التفاحة تحيل بسهولة إلى " تفاحة الغواية " التي أظهرت الذكر و الأنثى أحدهما للآخر : أظهرت " جوعهما " و " حقيقتهما " .
فهل بعد هذا كله : أي بعد إلغاء " حواس البعد " و إبقاء حواس التماس ، ثم بعد ظهور الرغبة ، و الغواية و الجوع – هل بعد هذا كله يحتاج المرء إلى لغة أكثر من أن يكون صادقاً مع نفسه ؟ و هل ثمة لغة أكثر إفصاحاً ، في هذه الحال ، من " لغة الجسد " .المقدمات السابقة أوصلت إلى هذه النتيجة الطبيعية ، بما فيها من إلغاء رقابة العالم ، و اللغات المفتعلة ، بحيث لم يبق سوى ذكر و أنثى ، و جسداهما .. و " لحظة الكشف " هذه كانت " شهقة الولادة لعمر سيكتبني من جديد " ..
فكان هذا اكتشافاً للحياة ، و كان انتصاراً للحياة .كان انتصاراً إذا ، فما هي خسائره ؟ - العنق و القلادة ؟- أقنعة و كفن ؟- رشدي و أنفاس روحي المقتضبة ؟و هل هذه خسائر ؟ العنق الذي قد يحمل نير المفاهيم ؟ أو يرمز لمكان القتل ؟ القلادة التي قد تكون طوق المر الذي يربطه بالعالم ؟ الأقنعة ؟ الكفن ( خصوصاً في حالة انتصار الحياة )؟ أن يخسر المرء هذه الأشياء فهذا مكسب جديد يضاف إلى المكسب الأساس الذي هو الحب ،و هنا يستمر الحب اندفاعاً حسياً بيد ضريرة على جسد الآخر ، و رغم خوفها و توجسها ، و تهيبها : تظل مندفعة في ما هي فيه بأصابع مشتعلة ، معجونة الشوق بفضول كشف الجسد . و شغفها هو محركها في هذا الكشف ..
حتى نهاية معرفة الآخر الذي هو الحبيب حين ( فاض التنور ، و اضطربت الحواس لذهول الاكتشاف ) .
/4/
مغامرة الكشف تلك انتهت إلى اتهامات متبادلة بين الطرفين بالتقصير . فهل هذه الخاتمة منطقية مع ما حدث ؟إلغاء العالم ، و إلغاء اللغة التواصلية المعتادة بكل أثقالها .. ثم إبقاء لغة الحس و التماس و التلاصق .. ثم الانتقال المنطقي – تحت هذا المعنى – إلى لغة الجسد ، و الدخول في حالة حب / كشف منسجمة تماماً لنفاجأ ، بعد هذا كله ، بألم مقسوم على اثنين ، و قاموس شتائم ، و اتهامات متبادلة تشير إلى سرعة ما حدث ؟ و باختصار إلى عدم رضا الأنثى ، و كل
واحد يحمل المسؤولية للآخر ؟ أتساءل مرة أخرى هل هذه الخاتمة منطقية ، و منسجمة مع ما سبق ؟
التفات النص
المفاجأة هنا ، في هذا المكان : أن الخاتمة منطقية ، و منسجمة مع .... " العنوان " !!! بل يخيل إليك أن النص ما هو إلا توسيع لمفهوم العنوان ، الذي هو أساس الأمر كله :هذه أنثى انتظرت ، طويلاً ، ما يكاد يأتي إلا ليذهب . ما يكاد يمر بها إلا ليودعها . لكن الأنثى – بما هي أنثى – لا تتفهم هذا ، و لا تفهم لم ينبغي أن يكون الأمر كذلك ؟ ذلك أن الأنثى مناط إقامة و استقرار ، و الرجل مناط سفر .. الأنثى هي الأرض ، و الرجل هو الغيم : ففي حين الأرض باقية ( بطيئة كسلحفاة ..) يكون الغيم إما ذاهباً ، أو ذاهلاً ، أو ذائباً ( مجرد أرنب مذعور هارب ) !فالاتهامات ليست مجرد حديث عن نهاية فاشلة لعملية جنسية ، لكنها خلاف بين متغايرين : بين الثبات و الحركة ، بين الاستقرار و القلقلة ، بين الإقامة و السفر . بين قطبي الحياة .و النص يقول هذا بمجرد " الالتفات " الحاد من حالة انسجام كانت ماضية باتساق تام – الالتفات إلى حالة عدم انسجام ، و هذا الالتفات ، بربطه مع العنوان ، المغاير للنص كذلك ، و المتسق مع الخاتمة ، هذا الالتفات و الربط يظهر لنا المعنى الأخير و المستوى الأعلى من النص لينقلنا مما كنا فيه إلى شئ آخر .و الآن ، و الآن فقط ، يحق لنا استعادة سلبية الأنثى التي ظهرت من قبل في موضعين من النص .لقد كانت الأنثى عاشقة حقاً ، و هي قامت بعملية الكشف كاملة ، و استنفرت كل ما يمكن لفهم عشقها ، و أسست من البداية تأسيساً متصلاً لكل هذا ، لكن هذا كله لا يمكن أن يكون كما ينبغي ما دام بعيداً عن إرادة الثبات لديها ، فهي تدرك أن سلبيتها قسرية لا يد لها فيها ، و لكن جل ما تطلبه ألا يكون الرجل مجرد أرنب مذعور هارب
قراءة للشاعر عدنان المقداد

11 مايو 2007

القول خطفاً: الصوت والصدى


أجشٌ صوت أبي يناديني
والصدى يتمرغ بين الحروف
يشدها لتتلاصق
تنتأ لها آذان لا تسمع
وأنا

منذ خلقتُ أتعاقب على الحزن
وعلى الصمم

القول خطفاً: تعري

باكياً يمشي وعارياًً
يتوسل إلى الأقراط الطويلة أن تستره
قد فتح الملل عينيه
وتثاءبت من فرط سذاجتها القبلات
الحساء ماعاد ساخناً
.منذ أن اكتشفت أنفاسي برودتها

09 مايو 2007

القول خطفاً: مصير


أن أكون امرأة هذا يعني
أني لاأملك العرش
ولاصولجان الحكمة
ولا القوة

كي أقنع هذا الحب أن يبقى

القول خطفاً: هزيمة

من ثقب الباب يشغلون الحيز كله
فتحت
تلفت يمنة ويسرة
السيقان تركت أقدامها وركضت
الفراغ هالني و..الأحذية

03 مايو 2007

بلاكين


بلاكين


بلاكين


بلاكين


جامع الرحمن


تمثال ساحة عبد الله الجابري


بكرا أحلى مو؟


(هذه الصور التقطتها ابنتي جود كيالي مع أصدقائها (لأجل مشروع لهم في كلية العمارة

دوار البولمان : ملفى الصبايا والشباب


02 مايو 2007

نظرة حلبية


حمام النحاسين


حميمية الحجارة


حلب ياأمي


تهيأ لي أني مقصرة في تقديم مدينتي

أمام البعض الذي يزور مدونتي

فسواء كنتم من سوريا

أو من حلب بالذات

أو غرباء عنها

فإني حبلى ومتخمة وممتلئة دائماً بمحبة مدينتي التي أعيش بعيداً عنها

حــــلـــب

مدينة الشمال السورية/ مدينة أبو فراس الحمداني/ حلب الشهباء

سأقدم صوراً للمدينة القديمة

بعض الأحياء

بعض الأجواء

بعض اللقطات المنقوشة في قلبي

القول خطفا: لاتحاول


لم أخلق مرآة لأعكس ألوانك
:سأخبرك مراراً وأنا أمسح عرق عنائي
لي وجه أحبه
لي صوت يطربني
أمشي حافية.. أغرس في الطين الطيب خطوتي
يرتفع جبيني أخضر بمشيئته
أصدق معناي
ولعي بنفسي شاهق أيها الطاووس
!فلاتحاول

قبلة أنيقة لموت وحيد



حين نتأفف الحب...نعاكسه.
هل من سبيل لأقول ببساطة " ما عدت أحبك" ؟
وبأن القبلات التي نتبادلها صارت أليفة مثل قطة تتمسح في النعاس
وبأن الشمس التي نراهن على سطوعها خلعت نعليها وغرقت في السبات
كذلك الوعود..
لا شيء يدوم
قلتُ الكثير واليوم نسيت ..
لعلني لم انس.. لكن الزمن محظية حمقاء تلعن عاشقيها
تنسى..
فلا العصافير تُبكيها.. ولا تتشح بالأسود سموات
لنبض انقطعت أنفاسه، لهاتف لا يلتقطه أحد
يمرون عبوراً فوق أرصفة كامدة ، يتعثرون باللوم
يبدون كالحزانى
جاحظة أسرارهم
تلح مثل حكاية بائسة في فمٍ عجوز
..وماهم حزانى
:كذلك أنا لا تكترث
الألم يرتفع.. يتلاشى مثل بخار
..أعتذرُ بشدة
أني امرأة بلا صدى، ترحل مخلفّة وراءها أحلامها
و باقي العسل فوق أصابعها
أنا امرأة تنسى تاريخ الحب الأول.. ورعشة القبلة الأولى.. وحمى الأبدية
لا أحتفظ بصور محنطة
لا أكتفي بنصف المدى
أنا التي تشّمر الجنون عن ركبتيها
لينحسر صوتك..
تاركاً الصمت يتكور باطمئنان.. لم يبق من حلواك إلا الدبق
دع الحب يركن إلى موته
اترك شفتيك فوق جبينه ..
ليسربك دون ضغينة
أو
يبقيك بلا عتب.

نص نثري نشر في جريدة الراي الكويتية بتاريخ :29-4- 2007