28 نوفمبر 2013

عن العنف ضد... الرجل

لم يمر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بسلام، فقد تفتقت قريحة الرجال ممن لم يقتنعوا بأن المرأة في أيامنا هذه يمكن أن تتعرض للعنف، أكثر مما يتعرض له هو شخصياً. 
 وربما كان الحق معهم، فعلى أرض الواقع سجلت المحاكم في المغرب حالات عنف تقصدت الرجال، وجراء ذلك تم انشاء شبكة للدفاع عن حقوقهم المسفوكة، وجاء في بعض الحالات التي نوقشت عدا الضرب والتنكيل، دس السم في الاكل والشرب... فيارجال العالم، نصيحة اتحدوا وشموا طعامكم وشرابكم بعد كل مصيبة تقومون بها!
وخلال العام الماضي، سجلت 163 حالة عنف جسدي في كردستان، توزعت بين القتل والانتحار والطرد والعنف الجسدي والخيانة! لكن هذا العدد لا يدل على كل الحالات، لأن الرجال في العادة يخجلون من الإفصاح عن معاناتهم، فهناك من يتعنّف من (فم ساكت) وعادة ما تتلبسه شخصيتن الأولى يظهر فيها قوي الشخصية عريض المنكبين جسور أمام الناس، وما أن يغلق على نفسه باب بيته حتى يعود الى توازناته السرية، الآمنة.
ويدلي الاطباء النفسيون بدلوهم في هذا الوضع المقلوب، فيرجعون حالة الرجل المضروب إلى ضعف الشخصية تترافق مع الضعف البنياني والجنسي، ويشخصون حالة المرأة العنيفة مع زوجها والتي يدها والكف، أو فمها والعض بأنها مريضة نفسياً، ويمكن أن يكون تصرفها من باب الدفاع عن النفس، وفي هذه الحالة على الرجل أن لا "يحيج" نفسه لهوان الضرب!
وبمناسبة يوم مناهضة العنف ضد المرأة يوم أمس، تصاعدت حملة معاكسة صاحبتها نشر صور خبيثة تشكك بأن النساء لسن من نوع "القوارير" بالضرورة، وأن كثيرات من سالفات الذكر لا تؤثر بهن المطارق الحديدية ولا حتى الهجر في المضاجع، على اعتبار ان هذا العقاب لم يعد ناجعاً بالضرورة، ومنذ ما لا نعرف من السنين بات متبادلاً. فالمرأة أيضاً تمارس عنفها مستغلة كامل أنوثتها، فتوعك مزاجها عنف، وتقطيبة حاجبيها عنف، وبكاؤها عنف، و"النق" أيضاً عنف، وأي عنف!
وقد صاحبت المناسبة التي يحتفل فيها العالم موجة من التعليقات الظريفة طغت على "بوستات" الفيسبوكيين، فلم يسلم القانون من (التفقيس /التطنز)، يقول أحدهم "أن القانون الاجرائي الذي يمنع ويردع الضرب بحسب القانون السوري لا يتجاوز (25 ليرة) وأنه على استعداد لدفع 5000 ليرة شرط أن يفش غله، ويجد من يحميه من الضرب المضاد.
وكتب أحد الساخرين : " ذكرياتي بخصوص العنف ضد المرأة، لما أمي كانت عمتطبخ، وضربتني بالكفكير المبخوش وضل وشي معلّم عليه نقط وخطوط الكفكير شي إسبوع" 
ملاحظة" الكفكير هي الكفشة باللهجة الكويتية" 
وفي بوست آخر يقول :" المرأة نصف المجتمع وخاصة لما بتكون حامضة ومدهنة .. مرقة المحشي تمثلني"
يعتبر أن تهميش الرجل أيضاً أحد أهم أشكال العنف ضده، وكذلك اغواءه، والكف عن (الاخد والصد) معه.... فحين تتخلى المرأة عن هوايتها الأثيرة في المشاكسة، وتتوقف عن تبادل الردح والشجار مع زوجها، فهذا يعني أن مشكلة غير قابلة للحل تحت سقف بيته، قابلة للانفجار في أي وقت، وهذا الوقت متعلق بالمدة الزمنية لاكتشاف الصمت المريب.
في المحصلة، وبعد عناء يوم كامل في سبيل المناهضة، طالبت أصوات ذكورية كثيرة بتطبيق العدالة الاجتماعية، فيكبت الرجل غضبه ويمسك يده ويكف عن النهر والزجر في يوم المرأة المناهض للعنف، لكن بشرط أن تكف هي (بلاها) عنه فيما تبقى من أيام العام.
وفي المقابل أصرت الأصوات النسائية المناهضة بأن على الرجل أن يحترم نفسه، كي يتجنب العقوبات المبرحة!
- See more at: http://www.araa.com/article/78452#sthash.VKHBU6Yg.dpuf

17 نوفمبر 2013

"خريف المرأة في بلاد "الربيع"

لفحت رياح الثورات الجميعَ دون استثناء، ومع الوقت – الذي طال نسبياً - يتحول أمل المرأة في المكتسبات، تلك التي لم تتحقق بعدُ، إلى قلق تبدو مبرراته حاضرة. فبحسب آخر استطلاع حول حقوق المرأة العربية؛ أجرته مؤسسة "تومسن رويترز"، وشمل 22 دولة عربية احتلت مصر المرتبة الأخيرة، فيما اليمن وسوريا شغلتا المرتبتين 18 و 19 على التوالي. يبدو أن حضور المرأة المكثف في أحداث "الربيع العربي"، ومنذ مطلع عام 2011 لم يشفع لها، فما وضعته في "الدست" لم تجده في "المغرفة". إذ رغم مشاركتها ووقوفها كتفاً بكتف مع الرجل، وخروجها منذ البداية في المظاهرات والاعتصامات، وانخراطها ضمن الحراك الثوري الوعر، ومن ثَم انشغالها في المهام الإنسانية، وفي مجالات العمل الإغاثي والتطوعي، إلا أنها، اليومَ، تتعرض ليس للاقصاء فقط، بل وأيضاً إلى خطر خسارة مكتسبات قديمة؛ سبق أن حصلت عليها دون عناء الثورة وتضحياتها! فتونس، السباقة في مجال حقوق المرأة، صدّرت إلى سوريا بحسب ما صرح به وزير داخليتها "فتيات تونسيات لأجل ما يسمى بجهاد النكاح"، وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس التونسي بدوره "أمراً مذلاً". وفي ليبيا أُلغيت حصة "الكوتا" للمرأة من مسوّدة قانون الانتخابات، وتم التهاون مع قوانين صارمة كانت تحد من تعدد الزوجات.. فيما ناشطات مصر تعرضن للتحرش الجنسي، وتراجعت مشاركة المرأة في مجلس الشعب من 12% إلى 2% خلال فترة الرئيس المعزول محمد مرسي. أما في سوريا، ففي المناطق "المحررة" يتم فرض الحجاب، ويتراجع دور المرأة من الصفوف الأمامية إلى خانة التهميش. لم ترحم الأنظمة الاستبدادية المرأة قبل "الربيع العربي"، ولم تمسك يوماً عن زجها في السجون وتعريضها للتعذيب والاغتصاب والقتل، حيث كانت - دائماً - موضوعاً للمساومة. ويتكرر الأمر مع اجتياح المد الأصولي والتيارات الإسلامية السلفية، لموجة "الربيع العربي"، حيث يساومون بدورهم على المرأة، فهي عرضة للاغتصاب والخطف، وأيضاً لإملاء قائمة ممنوعات ومحرَّمات طويلة تصل إلى فصلها عن محيطها والحجر عليها... وإقصائها نهائياً بعد ذلك. إذن، القضية ليست دينية كما يتوهَّم البعض، كما لم تكن علمانية يوماً، وليست فصلاً ربيعياً ولا طقساً شتوياً، إنها قضية بُنية اجتماعية وثقافة موروثة في المقام الأول. لذا، نحن بحاجة إلى ثورة تلد أخرى؛ من أجل إعادة إنتاج مجتمع يقرُّ حقوق المرأة كاملة بلا مِنَّة، وينظر إليها على اعتبارها نداً وشريكاً كاملاً! - See more at: http://www.araa.com/opinion/18178#sthash.d0fkpuI2.dpuf

10 نوفمبر 2013

أوطان.. أم مجرد أمكنة!

 http://www.araa.com/opinion/17969
لا يكون البيت بيتاً إن لم يحقق الدفء والسكينة والراحة، ناهيكم عن سلسلة من العطاءات الإضافية التي لا تقل أهمية، ومنها؛ الخصوصية والأمان والاستقرار. فأنت لا تلجأ إلى بيتك بحكم العادة فقط، بل لأنك تعرف بأنه ملاذك، وبأنك ستجد من يرحب بك فيه، ويسعد بعودتك إليه... وكذلك هي الأوطان. فالوطن، لا يكون وطناً، إن لم يوفر لك ما تستحقه من الكرامة والحرية، وإن لم يقدم لك ما يكفيك من المنافع والخدمات. فإن لم يحدث هذا لسبب ما (والأسباب كثيرة) فهذا يعني أن الوطن لا يستحق تلك المنزلة، بل هو مجرد مكان! هل تبدو لكم فكرة الوطن وفق التصور السابق مستهجنة أو مادية، أو غير منطقية! ونحن الذين نشأنا على فوقية الوطن وحقه المطلق في أموالنا وأولادنا وأرواحنا؟ حسناً، الأوضاع، هذه التي نمر بها، لم تزعزع حياتنا بتفاصيلها وأبعادها فقط، بل زعزعت - أيضاً - المفاهيم الثابتة التي تعلمناها في المدارس، ورددناها في الأناشيد الوطنية، وحشوناها قسراً في أدمغتنا جيلاً بعد جيلٍ، فكانت كالوجبات السريعة، شبعاً آنياً ومفاجئاً، لا يُغني ولا يدوم. منذ أيام قليلة، ثار جدلٌ، بين صديقين على صفحات "الفيسبوك"، فالأول يرى أن "سوريا ضاعت منا لأننا لم نقدم لها شيئا وانشغلنا عنها بغاياتنا الأنانية". والثاني يرد: "لا يفترض بكل مواطن أن يجترح المعجزات والبطولات الخارقة لكي يحتسب له أنه يخدم وطنه. فخير الوطن وسعادته يبتدئان من خير وسعادة الفرد وهذه من أبجديات علوم الاجتماع والاقتصاد." اليوم تجتاحنا جميعنا – ونحن على حافة فقدان الوطن - مشاعر على هذا القدر من الاختلاف. ولنتوازن، علينا أن نهدأ قليلاً لنعرف ما الوطن، وما الذي يشكله بداخلنا، وكيف تُبنى علاقة متينة بين أرض وبشر؟ إن ارتباطك بأرض ولدت عليها، واحتوت رفات أسلافك، ومستقبل أولادك، فكرة رومانسية للغاية، لكنها غير كافية، لأن احتمالات كثيرة ومصادفاتٍ أكثر يمكن أن تجعل من أرض بديلة قبراً أو مستقبلاً، فهل ستصبح وطناً! نعم؛ من المهم جداً أن تقوم بواجبك تجاه وطنك، كأن تدفع الضرائب، وتلتزم بالقوانين، وتربي أولادك، وتعمل باجتهاد، وتساهم ببناء مجتمع متكاتف، إنّما، وبالمقابل على هذا الوطن - دون منَّةٍ - أن يمنحك حقوقك، فالحبُّ، حتى الوطني منه، يجب أن يكون متبادلاً. لذا، ليسمحْ لي الشاعر إن لم أتفق معه، فبلادي "إن جارت عليَّ" لن تكون عزيزة، و"أهلي وإن ضنوا" ليسوا كراماً بالضرورة! -