27 ديسمبر 2013

ماذا لو كنت اسرائيلية؟

أعلن سامر العيساوي إضرابه عن الطعام، احتجاجاً على اعتقاله التعسفي وزجه في السجون الإسرائيلية. عانى العيساوي لمدة 9 أشهر من الجوع، وواجه الموت، ونقل إلى المشافي، وهذا يعني أن طبيباً ما أشرف على صحته، بل وكان له محام يخوض معركة قانونية لأجله، ومن ورائه أو ربما من قبله هناك عدد من المؤسسات الحقوقية والمدنية والإعلامية التي دافعت عن قضيته. البارحة انتصرت إرادة العيساوي وأفرجت سلطات الاحتلال عنه.القصة على مأساويتها قادرة على إضحاكي نصف ساعة متواصلة، ماذا لو كان العيساوي في سجون "البعث" السورية، أو غيرها من سجون الديكتاتوريات، هل يستطيع الإضراب عن أي شيء، هل يمكن لأي منظمة حقوقية العثور عليه! ما يحدث في "بلاد العرب أوطاني" أوشك أو كاد على أن يجعلنا كمواطنين صالحين نغير قناعاتنا، فالاحتلال الذي تربينا على رفضه وإدانته ورفع الشعارات ضده واقتنعنا - بما لا يدع مجالاً للشك - بأن فلسطين الجميلة تُنحر يومياً بسكين الاحتلال، ربما يكون هذا الاحتلال - وفقاً لمجريات قصة العيساوي - أحنُّ علينا من بلادنا وقومنا وأمتنا!ماذا لو كنت في أي بلد تأخذه الكرة الأرضية ومجلس الأمن وباقي المجالس الموقرة على محمل الجد، وقامت "السلطات" بقصف مدينتي "حلب" بالبراميل منذ ثمانية أيام متتالية، دون كلل أو ملل، ووثقت جمعيات حقوق الإنسان بأن هناك أكثر من 80 طفلاً ناموا في سرير الموت هادئين غير مبالين، عدا عن العجائز والنساء والشباب والمباني والحارات!حتى وإن كان "الجن الأزرق" ومن أرسلهم يختبئ في مدينتي، هل كان البيت الأبيض سيكتفي بإدانة القصف.. وهل كان بان كي مون سيكتفي بالقلق.. وهل كانت الدول المجاورة ستكتفي بـ (مجرد) الامتعاض من اللاجئين الهاربين من الموت إلى الذل.. وهل كانت الحياة بأسرها سكتت عن هذا الظلم!أنا لا أريد أن أكتب مقالاً، أنا أريد أن أبكي فقط!

02 ديسمبر 2013

تعالي فقد أوحشتني السنين 


" مظفر النواب"

محاولة لقول: عيب!

يغرق غيث (ابن صديقتي) الفتى الجميل موفور الصحة، الذي خرج من سوريا هرباً من الموت، فالتقاه وجهاً لوجه في عرض بحر ظالم ومظلم. مهربو الأمل تاجروا به وبأمله في الوصول نحو ضفة أخرى لا نصلها. لكن؛ عليّ ألاَّ أبكي غيث الغارق غدراً، فمن هو أمام أكثر من مليون طفل سوري "لاجئ" يواجهون الكارثة بصمت جارح؟!

تخترق رصاصة زجاج نافذة منزل أهلي - وكان يوماً أمني وطمأنيتي - لتصيبَ كتف قريب لي بعد أن أخطأت رأسه. لكن؛ عليّ ألاَّ أفزع أو أجزع، فما الذي ستشكله رصاصة طائشة تصيب بمشيئة القَدر قريبي، أمام العشرات ممن قضوا (قضاءً وقدراً!) تحت أنقاض منازلهم التي تهدمت فوق رؤوسهم؟!

يتشتت أخوة وأبناء عائلات بأكملها، مغامرين، كلٌّ نحو بلد تلفظه وأخرى ترفضه وتستجمع قوانينها لتحاصر كرامته وقوت عيشه وفرص تعليمه. لكن؛ كيف لي أن أنزعج لتفاصيل تتصاغر وتبهت وتتلاشى أمام هول اغتصاب السوريات القاصرات في المخيمات بعقد شرعي أو حتَّى بدونه؟!

يُسرق معمل أحد المعارف، وتُنهب آلات النسيج حتى آخر برغي فيها. المعمل الذي أفنى - أحد المعارف هذا - شبابه وهو يجمع آلاته الواحدة تلو الأخرى رغم خراب الديار والهلع من بدايات الصفر المطلق. لكن؛ من يحق له الإحساس بالخسارة، أمام خسارات ما يزيد عن قُرابة مليونيْ سوري تم إحصاؤهم وتسجيلهم كنازحين خارج سوريا؟!

ينتصر المرض - ابنُ الطبيعة البِكر - وتظهر حالات جديدة من شلل الأطفال. تُقتل فلانة أمام أسماع وأنظار ابنتها وطلابها في الروضة. يُخطف فلان و علان وابن عمهما أيضًا. ينكشف ستر الأُسر. يتضور الفقراء جوعاً. يبيت الآلاف في المدارس والحدائق والملاعب. تنتشر الأوبئة كتفاً بكتف مع القمامة. تشح الأدوية. يستعر الغضب فيُحمل السلاح... ليُشهرَ في وجه الموت وأشقائه من سرّاق الحياة وتجار الحروب ولصوص الإغاثة وفاقدي الإنسانية والعاجزين العاجزين...

وأنا - الواقفة على أرض ليست لي - أحاول أن أتماسك، وأحاول أن اًحبسَ الدمع، وأحاول أن أؤجل النواح وأقولَ: عيب!
- See more at: http://www.araa.com/opinion/18689#sthash.ddVL7Bdj.dpuf