25 أكتوبر 2016

موت

سأؤجل موتي
حتى ساعة متأخرة
لأعبر الأنهار
لأقلب الكتب كلها

لأعرف.. لماذا تنطفئ النيران قبل أن يعمّ الدفء..!
ولأعرف.. لماذا تشيخ الوعود..!
ولأعرف.. أين كنا قبل أن نجيء..!


سأؤجل موتي ..

ما يكفي كي تعرف .. كم أحبك.
سوزان خواتمي

حب

لم يجمعنا وقت أو مكان.. أركض حين تقف، وأقف حالما تهم بإطلاق ساقيك راكضاً.. يا للسخرية؛ إن لم يكن هذا حباً شوارعياً، فإنه قطعاً سباق ماراثون .
سوزان خواتمي

داعش تلبس طاقية الاخفاء

سوزان خواتمي
يبدو أن قوة “داعش” تكمن في استخدامها لطاقية الاخفاء، التي تجعلها غير مرئية أثناء دخولها وسيطرتها على المناطق، أو في خروجها الآمن دون أن يتعرض لها أحد.! وخلال سنوات قليلة صارت تلك الدولة المزعومة مصدر رعب وقلق لنصف الكرة الأرضية رغم كل الجهود (المزعومة أيضاً) للقضاء عليها .
من دعّم “داعش” ومن استفاد من ظهورها، ومن قوّاها وسلّحها ومولّها، ومن أطلقَ لها العنان وسمحَ بتواجدها وتمددها؟.
سياسة كتم الأنفاس
في نيسان 2013 خرج أبو محمد العدناني، ليعلن ولادة الدولة الاسلامية، في وقتها اعتبرتُ ذلك مزحة ثقيلة.. هل يُعقل أن تتحول سوريا إلى أرض خصبة تنبت التطرف وتسمح به.!
ولكن الواقع أكد لي أنها ليست مزحة، فقد سيطرت داعش على الرقة، وارتفعت رايات سوداء استنكرها البعض، وقبِّل البعض بها  على اعتبار أن داعش ترفض النظام وبالتالي هم شركاء هّم، ما حوّل المزحة إلى كابوس يضاف إلى كوابيس السوريين الراغبين بدولة ديمقراطية مدنية.
فرضت داعش تطرفها على كل منطقة دخلتها، حرّمت التدخين، أجبرت الرجال على اطلاق اللحى، وقادتهم بالقوة لأداء الصلاة، وفرضت عليهم عدم المغادرة أو السفر لأي سبب كان، واستهدفت الأقليات وهجرتهم من مناطقهم. تضررت مصالح الناس وقُيدت حرياتهم واجبروا على ادعاء الايمان،
لكن المتضرر الأكبر من قوانين داعش وتطرفها هن النساء-الحيطة المايلة- اللواتي عوملن كما لو كن جواري، عرضتهن للخطف والاستعباد والاغتصاب والتعذيب، وفُرضت عليهن حجاباً شرعياً يحولهن إلى خيمة من السواد، وسمحت بزواج الصغيرات، وحجّمت التعليم وحددته بعمر معين،  قتلتهن دون محاكمة على أرصفة الشوارع بتهمة الشرف ، وطبقت عليهن عقوبات اخترعتها أذهان مريضة؛ إذ رميت امرأة في الرقة في قفص مليء بالجماجم، كونها لم تلتزم باللباس الشرعي، واستخدمت العضاضة لقرص ثدي امرأة كانت ترضع طفلها، (العضاضة هي آلة تعذيب نحاسية كانت تستخدم في القرن الخامس عشر ميلادي) .
ممارسات داعش الوحشية لسبب ما، كانت علنية، فتلك الجماعة لم تتوان عن عرضها موثقة بفيديوهات، جعلت الناس تنفر من الاسلام وتخافه، حتى أصبحت المقارنة حين تُعقد بين النظام وبينهم تذهب إلى صالح النظام، باعتباره أهون الشرين. وربما هذا بالضبط أحد النتائج المطلوبة من داعش.!
كلما انسحبت داعش من منطقة وفق اتفاقات، احتفل الناس بزوال الغم، وهذا رد فعل طبيعي. لكنه يعيد لي السؤال ليقفز في رأسي؛ كيف استمرت داعش بالتباهي بقوتها، وكيف وجدت الحاضنة الاجتماعية والبيئة الملائمة لذلك!
لا يُنبت البقلة إلا الحقلة
يصعب حصر عدد مقاتلي داعش في سوريا، فالأرقام التقريبية تقول بأنهم 60 ألفاً، 45 ألفاً منهم غير سوريين، مع وجود نسبة ضئيلة من النساء بينهم. وهذا العدد سيزداد بعد خروجهم من الموصل وتوجههم الى الأراضي السورية. أيضاً يصعب التكهن -اعتماداً على المحللين السياسيين أنفسهم  بالسبب- الذي يجعل القضاء على داعش بطيئاً على هذا النحو وغير قاطع.  لكن هناك مثل  شعبي يقول “لا ينبت البقلة إلا الحقلة”.. إن ظهور هذا العدد (45 ألفاً) من الفكر المتطرف الدموي الإقصائي، ومريديهم من السوريين لا يمكن أن ينجح ويستمر إلا في دولة فشلت في خلق هوية وطنية، وخلقت المبررات لتبنّي الفكر الطائفي والمذهبي، فالعنف لا يولد إلا العنف، ومن عانى من التسلط وتعرض للتعذيب، سيستخدم الاسلوب ذاته، ويصبح جلاداً حين تسنح الظروف. هذا إلى جانب فشل الواقع في تحقيق العدالة الدنيوية، فازدواج المعايير ليس على مستوى النظام، بل على مستوى المجتمع الدولي، ما جعل الشباب يبحثون عن إنتماء أكبر يؤكد هويتهم، وقد استغلت قيادات تلك المجموعات المتطرفة كل ما سبق من أسباب، لتؤجج التوتر الطائفي وتدعمته بالنص الديني والقرآن، فظهر بيننا شباب يفجرون أنفسهم ويقطعون الرؤوس ويحرّمون ويفتون وينضون تحت لواء ايديولوجية سلفية جهادية متشددة. شباب فقدوا الإيمان بالوطن وبحقوق الانسان وبالقوى الغربية العالمية، فوجدوا في داعش الملاذ والخلاص، ووجدت داعش فيهم البيئة الملائمة والحاضنة الاجتماعية .
#داعش #سوريا #التطرف
نشر المقال في موقع الرائد الالكتروني

16 أكتوبر 2016

الطريق إلى حقوق المرأة.. أفعال لا أقوال

الطريق إلى حقوق المرأة.. أفعال لا أقوال 

سوزان خواتمي
من المتوقع بعد أقل من شهر أن تفوز هيلاري كلنتون بالانتخابات الرئاسية لتكون الرئيس 48 لأميركا المتحكمة باقتصاد وسياسات العالم، في الوقت الذي عليّ أن أكتب عن حقوق المرأة السورية الدستورية، وأهمية مشاركتها في الحياة السياسية.! يبدو ذلك مجحفاً –بالنسبة لي على الأقل- قياساً بما قدمته النساء من تضحيات، خلال السنوات الخمس الماضي، حيث كن معارضات ومعتقلات ونازحات وأمهات لشهداء، وزوجات لمختفين قسريين، إضافة إلى العبء الثقيل الذي حملنه للمحافظة على الأسرة والبيت في ظروف التقشف والحصار وعدم الأمان. ولكن يبدو أن كل ذلك لم يشفع لهن، فما زالت المرأة السورية غائبة عن القرار السياسي والتواجد الفاعل في المناصب القيادية، وما زالت تحتاج إلى الدفاع عن نفسها واثبات كفاءتها في مجتمع ذكوري كي تنال حقوقها وتصل مع الرجل -يداً بيد- إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية.
رفضت المرأة في سوريا الاستبداد والنظام الحاكم، وتعرضت نتيجة ذلك لكل أشكال القمع والعنف والبطش والتعذيب، إذ وثقت الشبكة السورية لحقوق الانسان حتى العام الفائت18457 امرأة قتلن بيد النظام، مع غياب الرقم الفعلي للمعتقلات في السجون، والأعداد الحقيقية لمن تعرضن للاغتصاب. إذاً؛ ليس بإمكان الثورة نفي المشاركة الفعّالة للمرأة، ومع ذلك ما أن استلمت الفصائل الاسلامية المتشددة زمام الأمور في المناطق المحررة التي خرجت عن سيطرة النظام، حتى تم تحييد المرأة وإقصائها عن حقها في المشاركة في المجالس المحلية، وتعرضت الناشطات للاعتقال والتضييق، بل أقرّت ضدها قوانين تحد من حريتها في اختيار ملابسها ومجال عملها وتنقلاتها (منذ فترة بسيطة تم ايقاف فتيات ومضايقتهن والتحقيق معهن لأن صورهن على جواز السفر بدون حجاب).
أمام تراجع مكانة المرأة في دورها الاجتماعي والسياسي، وشكلّية مشاركتها وإحجامها عن الخوض في العمل التنظيمي والحقوقي، تظهر أهمية دور المنظمات المدنية والنسوية والأحزاب والتيارات الديمقراطية والقوى المجتمعية ووسائل الاعلام، وتأثير رجال الدين التنويريين، للعمل ليس فقط على تحسين وضعها بمعونات غذائية ومساندتها بدورات الدعم النفسي، وتعلم الأشغال اليدوية، بل أيضاً في تمكينها وتأهيلها وإشراكها في المجالس الاستشارية، والمؤتمرات، واللجان الحقوقية لتساهم مستقبلاً في تعديل ثغرات الدستور السوري فيما يخص التشريعات الجزائية وقانون الأحوال الشخصية لضمان تحقيق عدالة انسانية لا تميز بين رجل وامرأة.
والطريق إلى ذلك لم يكن يوماً مفروشاً بالورود، قبل فترة تسنى لي مشاهدة فيلم Suffragette الذي يوثق لحركة "سوفرجت" التنظيم النسوي السري في بريطانيا، وزعيمته بانكيرست التي تردد مقولتها (الأفعال لا الأقوال). بدا الفيلم تحية للمناضلات الأوائل؛ سيدات مشّين طريق كفاح شاق وطويل مطلع القرن العشرين. حركة "سوفرجت" بدأت بحملات سلمية، ثم انتقلت إلى ممارسة العنف، وتعرضت عضوات الحركة للاعتقال، والملاحقة والاستهزاء والمقاطعة والطلاق. نماذج قدمها الفيلم مثل مود واتس العاملة في مغسلة ضمن ظروف صعبة وأجر هزيل، انضمت للحركة وحُرمت جرّاء ذلك من حضانة ابنها، لكنها قررت أن تستمر في الدفاع عن حقوق المرأة لمنع استغلالها واضطهادها وتمييزها في القوانين. واخترقت إيميلي دافيسون مضمار سباق الخيل ووقفت أمام حصان الملك وهتفت "التصويت للنساء" رافقت جنازتها ضجة اعلامية وبعد خمس سنوات تم تعديل القانون ونالت نساء بريطانيا حقوقهن السياسية عام 1918. قالت ميشيل باشليه رئيسة تشيلي 2006- 2010: "عندما تصبح المرأة رائدة فإنها تغير حياتها، أما عندما تصبح النساء رائدات فإنهن يغيرن القوانين والسياسات".
إن المرأة التي لا تركن إلى وسادتها تدرك أهمية مشاركتها في أيام السلم وفي أيام النضال، وتحمل مسؤولية تحررها وتعزيز قيمتها في المجتمع , بالعلم و العمل تستحق أن تكون رائدة ومساهِمة في تحقيق حرية وكرامة سوريا.