14 مايو 2018

لعبة التشويق الممتعة .. عن رواية " امرأة في النافذة"


كثيرة هي الأسباب التي تجعلنا نقرأ، وأقل القليل ما يجعلنا نواصل القراءة... 
رواية "امرأة في النافذة" للكاتب أ.ج. فين، وهي (لست واثقة إن كان ذلك يعني شيئاً) الأكثر مبيعاً على قوائم نيويورك تايمز. تملك الرواية كل الألاعيب السحرية لامتلاك قارئها، ولا يعمد الروائي إلى التشويق وحده، والذي أتقنه تماماً كما أتقن الحبكة شارلوك هلمزية، فزرع مفاجآته كالألغام التي تنفجر في وجهك حيث لا تتوقع، وجاءت وفق رأيي الشخصي أكثر مما تحتمله قصة امرأة وحيدة تعيش عزلتها وتتفرغ لمراقبة الأشياء والجيران من نوافذ بيتها الواسع، مستخدمة عدسة كاميرتها.
إن فكرة " المراقبة " ليست جديدة على الأدب المكتوب والمرئي، فهناك أكثر من عمل اعتمد تلك الثيمة، إلا أن الـ 433 صفحة كتبت بأسلوب ومفردات وتوصيفات ذكية وممتعة ومختلفة تجعلنا نستغرق في تتبع الاحداث، حيث قام السرد على التحليل النفسي، وبشكل مواز على قائمة من الأفلام القديمة المشهورة، فالبطلة آنا أو الطبيبة فوكس تشغل وقتها في مشاهدتها، وهي مدمنة كحول، ماهرة في لعبة الشطرنج، مرت بمأساة موجعة قادتها للإصابة بدورها بمرض نفسي يمنعها من أن تخطو خطوة واحدة خارج بيتها، فكانت تقضي على الفراغ باللجوء إلى مواقع الانترنت لتمارس مهنتها كمحللة نفسية تساعد أشخاصاً بأسماء وهمية، وتقف عاجزة أمام مرضها الخاص، كما تقف عاجزة عن إثبات الجريمة التي رأتها، فلا أحد يصدق امرأة تقف على حافة الجنون، والموت أيضاً.
الحياة أيضاً تفرض حلولها، فمهما كان الانسان ضعيفاً إلا أنه يتشبث وبقوة لينجو، وهذا ما تنوه إليه خاتمة الرواية.
نجحت الرواية ضمن ترتيبها الزمني وتطورها البنائي في خلق الأجواء والمشاعر المناسبة للشخصيات المرسومة بأبعاد معقدة. لعل المأخذ الوحيد هو فيض المفاجآت في الصفحات الأخيرة من الرواية. ما عدا ذلك فهي رواية بارعة حقاً.