24 أبريل 2011

أهل الكهف يستيقظون باكراً

من أقصى الحزن نتسلل إلى فرح لا يعرفنا. ليلُنا الطويل لم يسألنا يوماً لماذا تجوعون؟ و لماذا تسجنون؟ و لماذا تغرب الشمس عنكم حين تتقلبون؟



يتملكنا رعب الخطايا إن نادينا [يا بلاد]، تحت اللسان حصى. بالأمسِ القريبِ اصطادوا الفراشات، تساقطت الألوان دفعة واحدة، ما بقي في الأثير غبار أسود، و كحة أزلية، و نحن محترفو النوم و النعاس الأزلي؛ هاربون من قائمةِ الموتِ؛ كلنا محض أسماء، فهل تتساوى الشفقة.!


بائع كؤوس الشاي الباردة يراقب الشارعَ و الخطى، الحذرُ فوق الأرصفةِ صار ثالثنا. امشوا فرادى كما اعتدتم، بوجوهٍ متباعدةٍ و أيدٍ متباعدةٍ، منهكين كغرباء.


أحلامُنا المتواضعة لم تزد على رغبة بإنجاب طفل ليس خديجاً و لا خائفاً و لا مهملاً و لا مندساً. طفلٌ بعيون سوداء وأهدابٍ طويلةٍ يركض كحلم متعجل، يتخطى بائعَ الشاي، و الحذرَ و أصابع الاتهام و حيرةَ القادم من أيام.


نرفع لافتات كلمات لا تختلط، ونركض في اللهاث. كثيفة دموعنا في محاجرها. تباً للجهات؛ سنلتقي؛ فللحرية جهة وحيدة.


الرجوع إلى الوراء غير ممكن، لا حرجَ من التقدمِ اندفاعاً.. تحملنا ريحٌ صرصرٌ اقتحمت رصانةَ المدن؛ و تحذيراتِ الآباء الطيبين. ستطيرُ بنا.


....................


نهتف..


نحبكِ [يا بلاد] فلا تتخلي عنا؛ لا تدفعينا عن صدرك. امنحينا فرصةً أخيرةً للشوق و حسنِ الظنِ و رحمةٍ لا تلبد فوق المباني تتصيدُ الرؤوسَ و الصدورَ و العصافير.


....................


مليون حياةٍ لا تشبهُ لحظة حقيقة واحدة هرِمت في انتظارنا.. اثنتان وعشرون مليون حياة بأسنان بيضاء و ابتسامات عريضة تقترح مواعيد الربيع عند آخر الوداعة حيث كل شيء ممكن؛ إن أردناه.


فاتن و غير مألوف أن ننزع الغيظ و الشيب.. أن تصحو الظلال.. أن يصرخ وليد.. أن نخط رسائل لكل أولئك العشاق الخائبين.


بخطواتنا يكتملُ معنى الدروب، نراوغُ عزلةَ و ضجرَ الكهوفِ.. نرسمُ على الورقِ عناوين طالما بحثتْ عنا.. نرفعُها في راياتنا.. و نمشي نحو يقينِ العطرِ إلى ساحاتِ الزحامِ.


سنكترثْ – نحن موتى الأمس- لصباحِ الحليبِ الفائرِ، و لوردٍ ينتظرنا خلفَ الشبابيك، لزرقةٍ متناهيةٍ نتبادل تحتها قبلاتٍ لا تورثُ التعاسة.


ضمّينا إلى صدرِك [يا بلاد] نحن أبناءكِ المتعبينَ.