12 مارس 2019

عن سارقة الكتب وأشياء أخرى


سارقة الكتب للأسترالي ماركوس زوساك ادرجت  ضمن الكتب الأكثر مبيعاً حسب الويكبيديا المحجوبة في تركيا، ولا أعلم سبباً للتخوف من موقع معلوماتي.؟ ما علينا..  بطبيعة الحال يختلف مفهوم الأكثر قراءة بين عالمنا وعالم الغرب القارئ، وبالتالي أهمية تلك النسبة، وإن كان هذا الاختلاف يحتاج إلى دراسة تحليلية لست بصددها.
نعود الى الكتاب بنسخته المترجمة، والذي يتحدث عن حقبة الحرب في ألمانية النازية، المفارقة تكمن في أن الرواية لا تتطرق للمظلومية اليهودية وإن كانت واردة بشكل أساسي، فهي تتحدث أيضاً عن معاناة الألمان انفسهم في تلك الفترة. الحرب والجوع والخوف من الديكتاتور وتحول الناس إلى عبيد منصاعين لأفكار هتلر إضافة إلى حوامل الرواية بتعددية الشخصيات التي تتألق بخيرها وشرها وأقدارها التي تساق إليها. صوت الراوي هو الموت الذي كان يتدخل بالتقديم والتأخير والتوضيح لمجريات الأحداث ملقياً في الوقت ذاته أسئلة وجودية لقدره الشخصي في أن يحصد آلاف الأرواح. كان الموت يحزن ويتعب ويعتذر، ولكنه مجبر على متابعة القيام بمهمته. أما الشخصية الأساسية فهي لطفلة في التاسعة من عمرها هي ليسل التي فقدت عائلتها وتعيش مع اسرة بالتبني، كانت تعاني من صعوبة في تعلم الحروف، لكنها مع الوقت تقرأ وتتعلق بالكتب بل وتسرقها من مكتبة زوجة رئيس البلدية...
للأسف أو لحسن الحظ فإن رواية سارقة الكتب، لا تحكى ولا تلخص لأن متعتها الأساسية تكمن في التفاصيل، في قراءتها سطراً سطراً للاستمتاع بمداخل الفصول، وتطور الشخصيات، والصور المشهدية. لذلك فالكتاب أجمل من الفيلم المأخوذ عنه. لذلك لنعد إلى الكاتب الشاب الذي يقول بأنه متخوف من إصداره القادم ( جسر من طين) رغم أن عشر سنوات استغرقها في كتابته. وهذا ما يجعلني أقف مدهوشة من أمام الاسهال الكتابي الذي ينتاب كتابنا العرب في اصدارات متلاحقة ضمن مراثونات الجوائز والطباعة. ولست هنا في وارد اللوم لأن الكتابة في الجهة الأخرى من العالم تطعم خبزاً وكاتو، فقد بيع من سارقة الكتب خلال الخمس سنوات الأولى مليونان ونصف المليون نسخة، وإن كان إبداء الرأي متاحاً دون مسبباته، فإن استهلاك الورق والحبر يجعل من معظم الروايات العربية مجرد كتابات هواة ينقصها التجريب والعمق والتأثير في مجملها.
سوزان خواتمي