26 مارس 2009

أغنية السجان - جاك بريفير

إلى أين تذهب أيها السجان الجميل
مع هذا المفتاح الملطخ بالدم ؟
أذهب لأحرر التي أحبها
إذا كان هناك من وقت
تلك التي سجنتها
بوحشية رقيقة
للغز في رغبتي في الأكثر
في تعذيبي
في أكاذيب المستقبل
في حماقات القسم
أريد أن أحررها
أريدها أن تصبح حرة
وأن تنساني
وأن تذهب
وأن تعود
وأن تحبني أيضا
أو أن تحب آخر
إذا كان يرضيها آخر
واذا بقيت وحيدا
وإذا ذهبت هي معه
فسوف أحفظ فقط
سوف أحفظ دائما
في تجويفة يدي
حتى آخر يوم من أيامي
نعومة نهديها المتكورين بالحب

20 مارس 2009

الملتقى في نقابة الصحفيين

المؤتمر في الاوبرا



في قاهرة المعز : الحكم في غرق العبارة ومؤتمرات الشعر
سوزان خواتمي
لابد للقادم الى القاهرة من أية جهة كان، بخاصة ممن لديه اهتماما بالشأن العام، أن يبدأ رحلته بالصحف المصرية المتكاثرة في الفترة الأخيرة. وفيماعدا الصحف القومية التي لها "قضاياها" ، فقد تناولت الصحف الأخرى المحاور والقضايا التي تراها تهم الشارع المصري، مما يعكس من وجهات نظر المختلفة والمتقاربة؛ والتي منها الحكم القضائي بسبع سنوات على المتهم بغرق العبارة، والسخرية عبر المقال والكاريكاتير على هكذا حكم لهارب ومقيم في لندن ..! أما في الثقافة فأفردت اغلب الصحف تغطية موسعة لتوقعات الرواية التي ستفوز بجائزة "بوكر" العربية، والتي ذهبت إلى (عزازيل) يوسف زيدان الروائي المصري مخالفة كل التكهنات ..
أمر آخر تناولته مقالات الرأي والتغطيات الثقافية هو مهرجاني الشعر المقامين بالتجاور. الأول ينظمه «المجلس الأعلى للثقافة» برئاسة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، والثاني يقيمه شعراء شباب تحت مسمى «الملتقى الأول لقصيدة النثر»
بالطبع ان حشر مؤتمرين في وقت واحد أمر مقصود، وقد جاء ملتقى النثر رداً على مؤتمر "التفعيلة" أو "مؤتمر حجازي" بعد هجومه الصريح على القصيدة الخرساء كما اسماها. قيل الكثير عن "ملتقى القاهرة الدولي الثاني للشعر العربي" وهو الاسم الرسمي لـ "مهرجان حجازي" الذي تموله وزارة الثقافة من خلال المجلس الأعلى "للثقافة أيضاً" وجهات كثيرة. وكعادة المؤتمرات الرسمية تم حشد أسماء مكرسة يتم تداولها بصورة سنوية ومكررة ، صحيح ان هناك اسماء انسحبت من المشاركة لاعتبارات الحرب الشعرية التي نشبت كعادة معاركنا بعد أن حسمها الجميع في جهات الأرض الاخرى. إلا أننا نبدأ لأننا نملك وجهة نظر أخرى، كانت تنقلها أجهزة البث المباشر والصحافة من مبنى الاوبرا الجميل والمسترخي. لن يختلف الامر كثيرا في الجهة الاخرى من المكان حيث استضافت نقابة الصحافيين مؤتمر النثر الاول حيث حشر أيضا حشدا من الاسماء في كل امسية، و بدا كأن هناك سباقا لتقديم العدد الاكبر، أو ربما كانت حيلة ذكية لحشد جمهور من الحضور حتى لو اكتفي بالمشاركين أنفسهم، وصديق واحد على الاقل، إلا أن هذا قد تعثر في بعض الاحيان فلم يحضر الكثير من الشعراء امسيات زملائهم، كما عانى ملتقى النثر من الامكانيات المحدودة، ليعتمد على جهود فردية سعت لأن تحقق استقلالها عن المباركة الرسمية من خلال بعض الشعراء الشباب المتحمس لفرض وجوده وكينونته ولو كره الكارهون، لكن يبدو أن الحلو مايكملش، فعدد الحضور كان عاديا، بل أن بعض الشعراء ممن دعوا الى المنصة لم يتابعوا قراءة زملائهم في الايام الاخرى او حتى في الندوة نفسها، وكان البطل، ان ثمة بطل هو الصالون المريح والمتاح للثرثرة والتعارف، لم يستطع الملتقى حسم خصامات مابين الكواليس او ما قبلها أو ما ورائها بين شعراء قصيدة النثر المصريين، أو حتى تاجيلها وبقي الشعر يرزح تحت أزمته التنافسية والشللية.

07 مارس 2009

ايلول كان يهب باردا

في شهر أيلول، قبل كذا وعشرين عاماً جئت الكويت، تركت خلفي مدينة وأهلا وأصدقاء.. كنت مبعثرة ومتعثرة، وعلى رغم الهواء الساخن الذي لفحني فور مغادرتي الطائرة، الا أني شعرت بالبرد، فقد صرت في المكان الآخر، شعرت بمعنى ان أكون( غريبة)، وقتها لم اكن قد سمعت بعد بكلمة (وافدة).. احتجت للعديد من السنوات، والكثير من الصبر، لتأقلم لم يأت بعد.. ونقاشات أيا كانت بدايتها الا ان نهايتها تدور حول تحديد موعد للعودة، مازال يتأجل أمام واقع متغير، وأسباب تصر على التزايد للبقاء.. كان على (مي) ان تتعايش مع فقداني للتوازن، كلما تأرجحت على حافة الحنين، وان تشد من عزيمتي كلما نازعتني «رائحة المنازل» تلك التي قال عنها أمجد ناصر» وعندما يأخذنا الحلم/ الى رائحة المنازل/ يحلو لنا ان نغامر/ وبكلمة واحدة.. وطن» . في بداية الرحيل عن المكان تزعم كمغترب (للتو) أنها مجرد فترة مؤقتة، سنة او بضع سنين لا تتجاوز نصف أصابع اليد لا أكثر..! هذا يبقيك حياً في فترة حياتك المؤقتة حتى وإن استهلك عمرك كاملاً.. وأتخيل ان من يغادر الحياة وهو غريب يتمتم مع آخر انفاسه: «لقد كانت فترة مؤقتة».. في الغربة يأخذ المكان طابعا فيزيائيا، انه مجرد حيز، ليبقى اندماجك على الأطراف ولا يصل الى المركز أبداً، اذ لا يجدر في الفترة (المؤقتة) ان نؤثث لها منزلاً في الذاكرة .هكذا يمكنك التنصل بسهولة من تهمة السذاجة، حين لا تتذكر (أو تتذكر) كيف ختمت جواز سفرك لأول مرة مغادراً، وختمته لأول مرة قادماً مهملا الارصفة القديمة والروائح العتيقة وحكايات المدرسة وصباحات الشبابيك التي تطل.. تهز كتفيك - بعد ربع قرن- من فترتك المؤقتة، كونك لست مسؤولا عن هذا الاهمال، لم يكن الأمر بيدك، لم تظن ذلك، لستَ.ولا تتوقع على الاطلاق ان سنوات التيه والبعد ستتركك على حالك، مطمئن الحنين. تمضي في عمرك مكتمل اليقين، فالصورة ستبهت ألوانك، والأبعاد ستعبث في قياساتك، البلاد كانت أطيب وأجمل، والأصدقاء لم يبقوا أصدقاء. وملامحي لم تعد سوى متاهة للأسئلة: فمن أنا.. وما قيمتي.. وماذا فقدت.. وما الذي اكتسبت.. وهل أنا غريبة وطن أو في وطن غريب، وهل حين تركت وطنا اكتسبت آخر..؟ هكذا لن يسعفك سوى كافافيس في «ايثاكا».لا تتوقع ان تقدم لك ايثاكا الثرواتلقد منحتك ايثاكا رحلة جميلة،فلولاها لما شرعت في رحلتك لم يعد لديها شيء آخر تمنحك اياه، وان وجدتها فقيرة، فايثاكا لم تخدعك،فبعد ان أضحيت حكيماً،وبعد ان تمتعت بهذه التجربة المديدة