08 أبريل 2010

الشرف بين فخذي رئيفة

لا أدري إن كانت محض صدفة أن تصلني عن طريق الفيس بوك ( المحجوب في سوريا) قصة طازجة عن الفتاة رئيفة في حلب، التي يتوعدها أهلها عند باب المشفى بالقتل حيث تعالج بعد اكتشافهم بأنها حامل دون زواج .. ! المؤذي أن تحدث هكذا قضية ونحن على أعتاب مدري أي ألفية ..!
تحدث، والناس مجرد متفرجين على مصير الشرف الذي قصر وضاق وتقلص حتى اقتصر على مابين فخذي رئيفة..! من سمح لهذه الحالة أن تستمر حتى الآن..؟ بالطبع هشاشة تطبيق القانون الرادعة لقضايا الشرف، حتى بعد تعديل القانون 548 والذي يحول العقوبة من العذر المحل ، إلى العذر المخفف لتصبح عقوبة هذه الجرائم سنتين على الأقل.. ياسلام..!
كل المجتمعات حتى أكثرها شراسة ترتدع بالقوانين الصارمة، تلك التي تسري على الجميع، والتي تمنع التمييز وتقر بالمساواة الكاملة، وتطبق بصرامة وبدون استثناءات ومحسوبيات..! لكن يبدو أن مشرعي القانون وحماته مازال اهتمامهم ينحصر على استمرار قوانين الطوارئ والأحكام العرفية السارية المفعول على سوريا منذ أكثر من أربعين عاما، عوضاً عن النظر ملياً بالدستور عامة، والأحكام التشريعية خاصة والتي تنتقص في الكثير من بنودها، من مكانة المرأة، بما فيها أحكام الشرف، والعنف المبرر، وغبن الاحكام الشرعية ، وأقول الغبن دون أن أقصد أمراً مخففاً، القانون لايضع لحد لحظتنا الراهنة هذه ما يناسب لردع إمكانية قتل الشقيق لشقيقته، والأب لابنته، أو لنقل للمحافظة على روح بشرية لها الحق في الحياة، لكن وكالعادة يبدو أن هذا آخر هم أصحاب الشأن.. بل، ويتجاسر البعض في التباهي بأن سوريا تسجل تعداداً أقل في قضايا الشرف..! وكأننا نتباهى بأننا أفضل الأسوء.
لن تتقدم الدول والمجتمعات إن لم تفسح للمرأة مكانة تصون كرامتها وتحفظ حياتها وتجعلها نداً لايقل ولاينقص عن الرجل.. وهذا لايحتاج إلى كثير جهد كما يتبادر إلى الذهن، فقد أثبت الواقع أن العادات والتقاليد تتغير بموجب القانون ، وإلا ماالذي يجعل مجتمعا كاملا كتونس يرضخ لمنع تعدد الزوجات إلا بموجب حكم قضائي له قيوده الكثيرة، و تونس من المجتمعات الشرقية بإيجابيتها وسلبياتها..! ماالذي جعل سوريا في الثمانينات من القرن الماضي تسكت عن منطق نزع الحجاب بالإكراه.. بغض النظر عن تقييمي لموضوع الحريات وتأييدي له بكل وجوهه حتى تلك التي لاتتوافق مع توجهاتي.. من المهم أن نؤمن بحق الإنسان بالحياة حتى لو كان مجرد امرأة، قد تعشق وقد تحب وقد تهب جسدها لمن تحب...!
برأيي المتواضع أن المرأة مازالت كائناً هشاً، ودعكم من بعض الظواهر التي تتخمنا بها أخبار النخبة الاجتماعية.. المرأة باعتبارها تهز بيمينها السرير وبيسارها العالم كما زعم نابليون، وأصغى إلى قوله هناك في الغرب، أما في شرقنا المديد والمتمدد في هراء تقاليده وعلاقاته الناقصة ، فمازالت المرأة عموماً في يوم عيدها العالمي نصف عاقل، ونصف فرد ، ونصف مواطنة، ونصف مسؤولة، وراجعوا قانون الأحوال الشخصية السوري ..
لايخلوا الوضع أيضاً من ثقافة جمعية تحتاج إلى التدقيق بمعطياتها، القليل من التدقيق للمقولات المأثورة، والحكم الشعبية يراد بها حق وهي باطل، وربما سبق لي أن أشرت لذلك ، فالبنت "الكدعة" يقال عنها " أخت رجال" .. ولا أدري لماذا لا ينطبق هذا المديح المجاني على الجهة الأخرى، فلا يعتبر الرجل الحنون، المعطاء " أخو نسوان" ..! هذا الإرث الشفوي الذي نطلقه ضمن أحاديثنا دون تفكير يحتاج إلى وقفة مطولة، والتزام بعدم تمريره وتناقله، لأنه يعزز نظرية قيمة بين الجنسين.
أبضاً تتحمل المرأة نفسها جزءاً وافراً من ذكورية مجتمعاتنا ، تماماً كما يتحمل الدستور مسؤوليته عن عدم منح المرأة حقوقها كاملة غير منقوصة، فبيننا نساء يحتجن إلى إعادة تأهيل، وترشيد معرفي وثقافي كي يتوقفن عن مهمتهن غير النبيلة في تبني الأفكار الذكورية، وإرسائها، وإنصاف بنات جنسهن، خاصة فيما يخص التفريق في التربية، وأيضاً ما يخص إطلاق الأحكام الأخلاقية على الإناث فقط دون الذكور..
أشياء كثيرة يمكن التطرق لها بهذا المقال، وذلك قبل أن نهنئ المرأة السورية بعيدها العالمي، وقبل أن نقول لها كل عام وأنت أنثى، وواهبة للحياة، تعتزين بما أنت عليه، ولا تخافين، ولا يمكن لأحد إرهابك..!

مع احترامي للحب افضل الوقوع بالشوكولا

يمكن تقبل عادة لعق الأصابع المحرجة فقط حين تكون الأصابع ملطخة بالشوكولا، فما يباح للشوكولا لايباح لغيرها.. ولافرق ان كانت الأصابع لكبير بطول النخلة او صغير بقامة سخلة، خاصة حين تتخيل وأنت تراقب اللاعق تلذذه حتى اللحظة الأخيرة، فيتلمظ ويمص شفتيه ويبتلع ريقه ومعه كل ماحصل عليه من حلاوة ( ممكن الرجوع إلى اعلانات الشوكولا في حالة نضوب الخيال) ..
وقد عززت الدراسات الطبية الحديثة من مكانة الشوكولا بعد أن كشفت دور مادة الكاكاو في تحسين عمل الأوعية الدموية.. فشطبت بممحاة التسامح كل السمعة السيئة التي كانت في الماضي تتناول شرور هذه المادة، باعتبارها السبب الرئيس لأمراض الشرايين والقلب وربما تورم الساقين.
ومع ذلك، مازال بعض المتوجسين يعتبرونها الداء والدواء، فالقليل منها ينظم اضطرابات الضغط، والكثير منها يزيد الوزن، ويشوه وجوه المراهقين..!
ويعود تاريخ الشوكولا ( بحسب غوغل) إلى فترة استخرجتها قبائل المايا من شجرة الكاكاو قبل أكثر من ثلاثة آلاف و700 عام و صنعوا منها مشروباتهم بمزجها مع المنكهات والفلفل والعسل، وحتى شكلها الحالي بعد تعديل مرارتها بخلطات وإضافات، لتصير على ما هي عليه اليوم، حيث تعتبر الشوكولا السويسرية رمزا لا ينافس: ضرورية للاحتفالات، ومناسبة للتهادي، ووسيلة للتلذذ..

منافس خطير للرجل ويباع في الأسواق:

تدور الشبهات حول السر الذي يجعل الشوكولا حلوى لاتقاوم، فعلى رغم التحذيرات منها والتأكيد على تعدد مضارها، وإخفائها بعيدا عن متناول الأطفال، والمدمنين، إلا أن أعداد مغرميها وعشاقها يتزايد باستمرار.
فلاشيء يشبه متعة ذوبان الشوكولا البطيء في الحلق ، إضافة إلى تأثيرها المباشر على المكتئبين وفاقدي النشاط والحيوية، باعتبارها طريقة مضمونة لإدخال السعادة إلى النفس، ورفع نسبة البهجة، فتأثيرها كما يشاع يعادل التفكير بالحبيب أو الإنصات إلى الموسيقا أو مشاهدة فيلم عاطفي بخاتمة سعيدة ..!
هذا التأثير ومايرافقه من متعة لم يعد سراً يُتكتم عليه، بل أن بعض النساء يعترفن علانية بتفضيلهن إلتهام قطعة الشوكولا على تحمل عناء صحبة الرجل( ليس اي رجل طبعا) ..!
وفق ذلك الربط بين الشوكولا و ترمومتر الحب، صار هناك منافساً خطيراً للرجل ومتاحا بالأسواق، حيث يستطيع أحدهما تعويض غياب الآخر، الامر الذي يجعل من علبة الشوكولا بديلا لرجل يغيب او لم يحضر اصلاً، وبالإمكان تقديم علبة شوكولا على انها علاج فوري للمحرومين من الحب، والمصابين بأوجاعه، والمتألمين من الإعراض والغدر و الهجر والفقد وقلة الأمل، إذ يكفي أن تقضم قطعتان أو ثلاث من الشوكولا حتى تهدأ الأوجاع المزمنة، ومع الانتظام بالجرعات ربما تتلاشى .. وهي طريقة، إن شئتم الحق، أسهل من إقناع رجل بارد على تبادل العواطف الساخنة، أو تحريض عاشق لامبال على إرسال مسج حب لحبيبة يكاد الانتظار يفقدها الوعي..
وبالطبع هذا الكلام ليس من باب المبالغة أو الهلوسة، إذ أثبتت الدراسات العلمية أن الشوكولا بجميع أصنافها تحتوي على السكريات التي ترفع معدل هرمون السعادة في الذهن .. في الوقت الذي لايملك جميع الرجال القدرة على تحريض الهرمون نفسه كي يعمل..!
ولعل تنافسية الشوكولا مع السادة الرجال ولدت حساسية ما، فجعلتهم أقل إقبالا عليها، ونادرا مايعترف رجل بإدمانه على الشوكولا، أما العلاقة بينهما فتقتصر على مجرد تقديمها مزينة بشريط أحمر في يوم الفلانتاين، أو شرائها على عجل من أقرب بقالة عساها تخفف من توتر زوجة غاضبة، أو الاعتماد عليها لايصال رسالة اعجاب ضمنية توقظ الحاسة النائمة في امرأة أثارت اهتمامه.

لا داعي لترك مسافة بينك وبين الشوكولا:

رغم ارتباط سمعة الشوكولا بالعاطفة الجياشة ، فقد تجاهلها الشعراء ، وهي لم ترد في ابياتهم الشعرية لثقل نطقها وللعجمة التي في لكنتها، واقتصر استخدامها على الغزل الشفهي تتعرض له السمروات خصيصاً.. وعلى الأغنيات الخفيفة، وعلى ذكريات الطفولة السعيدة، والأحلام التي تراودنا بعد سماع قصة ماقبل النوم، إحداها إن تتذكروها تحكي عن ساحرة تسجن طفلين في بيتها المصنوع بكامله من الشوكولا والسكاكر وكافة أصناف المعجنات اللذيذة، واعتادت يوما بعد يوم أن تقدم لهم الكثير من الطعام والحلوى، ولأنها ضعيفة الابصار، فقد كانت تتلمس من بين قضبان السجن زنودهم لتتأكد من كمية اللحم والشحم فوق عظامهم ، لتقدمهم في الوقت المناسب وجبة شهية لصديقها الغول ..
ويبدو أن صور الطفولة تبقى في الذاكرة إذ مازلت أصاب بالصداع كلما تخيلت عالما مصنوعاً بأكمله من الشوكولا..!
وعلى شاشة السينما حقق فيلم ( شوكولا ) نجاحاً كبيراً وهو مأخوذ عن رواية للبريطانية جوان هاريس، تدور أحداثها في قرية فرنسية خيالية تحكمها عادات و تقاليد صعبة ، و تحاول أم و ابنتها اللتان إنتقلتا للعيش في هذه القرية أن يندمجا مع سكان القرية وأن يحولا ،عبر محل الشوكولا الذي امتلكاه ،حياة السكان الصارمة إلى حياة تفور بالعاطفة( مرة اخرى ترتبط الشوكولا بالعاطفة) ونادرا ماتكذب السينما .
باعتباري مدمنة شوكولا، فقد تركتها تكون ملهمتي في قصة قصيرة تحمل عنوانا فاتحا للشهية هو " أريد العالم وأكتفي بالشوكولا" وهي عن معاناة المرأة مع وزنها، وحيرتها بين الرقم الذي يقف عنده الميزان وحاجتها إلى الشوكولا .. يقول المثل " القوة هي القدرة على أن تكسر لوح من الشوكولاته الى أربعة قطع ثم تكتفي بأكل قطعة واحدة فقط منها .." إلا أن كلام المنطق شيء ، والالتزام به شيئاً آخر ، أليس كذلك؟