صديق سابق ربما لا يملك ميزة إلا أنه دلني على كاتب عظيم هو ميلان كونديرا. اكتشاف لا يتكرر بسهولة.
أعدت في اليومين السابقين قراءة (الجهل) روايته التي تدخل في عمق الأسئلة الوجودية، تكشف عبر مشاهد منفصلة ومتصلة، أزمة ايلينا التي هاجرت الى فرنسا، ورغم الحنين سوى أنها تتخوف من العودة، عشرون عاماً من الغربة أسست خلالها حياة موازية. هل هذا كل شيء!؟ لا بالطبع، تتحدث رواية الجهل عن عوليس والعودة الى أثيكا، عن حلم جماعي وكوابيس الخوف، عن ايلينا التي تدرك بعد قرار عودتها الى التشيك (وطنها) بأنها كانت تظن أيام غربتها في فرنسا منتهى التعاسة لتتيقن أنها كانت سعيدة بوحدتها، و أن ما تركته خلفها بعد ان غادرت التشيك لم يعد جزءاً منها، انقطاع الذاكرة المشتركة يشكل عبئاً على الصداقات القديمة، لم يسألها أحد كيف كانت أيامك السابقة..! فالغرباء لا يطرحون الأسئلة.
صحيح أن الصفحات الأخيرة من الرواية تحتوي على ايروتيكا صادمة، ولكنها لا تشكل إلا القليل مقارنة بالصدمات الفكرية التي تقصدها الكاتب حول مفهوم الوطن، القمع، براءة المشاعر وكذبها، روعة ما لا تعيشه، قسوة ما تعيشه، اليقينيات الخادعة...
في النهاية:
ان كان انتباهك مشتتاً لا تقرأ " الجهل"
ان كنت تبحث عن حبكة وسرد للأحداث لا تقرأ " الجهل"
ان كنت غير مستعد لتفهم ارباكات النفس البشرية لا تقرأ " الجهل "
ان كنت مكتئباً لا تقرأ " الجهل"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق