«كان يكفيه سماعها لمرة واحدة بشكل عابر، حتى يعجز الرب نفسه عن انتزاع خيط اللحن.. من رأسه لعدة ليال»هذا ماقاله فلورينتينو أريثا، عن فيرمينا داثا، في رواية غابرييل ماركيز «الحب في زمن الكوليرا» وبعدها بقيت اتهم العشاق جميعاً بأنهم قصّر عاطفة، ومدعو محبة، فالمدعو فلورينتينو، طيب الله ذكراه، انتظر 51 عاما وتسعة أشهر وأربعة أيام قبل أن يهرع، لاسترجاع حقه في قلب محبوبته، إذ لم تستطع المسافة، ولا الزمن، ولا علاقاته الـ 622 مع أخريات أردنه وأرادهن، أن تقتلع نبضه الأزلي المفتون بفيرمينا..! بالطبع ليست سوى خيالات روائي لايعيبه إلا أسماء أبطاله اللاتينية مستحيلة الحفظ، ولكننا شئنا أم أبينا واقعين في شرك أزمات حياتية تتصاعد بأعبائها الاضطرارية والعبثية دون أن يبدو لها آخر، ربما لذلك تحديداً نحتاج أكثر من غيرنا لهكذا روايات، وللكذبات البيضاء، وللأمل القادم لامحالة، فنسمو بمشاعرنا على الممل والاعتيادي والرصين والهادئ، ونحتفل مع المحتفلين بعيد الحب، ودعكم من حب الطبيعة، والمعكرونة، والعلاقة الوطيدة مع قهوة الصباح، والشمس في طلتها الأولى، والكلمة الطيبة، ومحبة الوطن، وعاطفة الأمومة، ونظيرها من الأبوة.. إلخ ولنتركها مؤونة سنواتنا العجاف.. أنا أقصد الاحتفال بالحب في جدليته الأولى بين أنثى وذكر، والمعنى الأقوى والأشد حماقة ولوعة وروعة، ذلك الذي يحول المرأة إلى سرب عصافير، ويمنح الرجل طاقة سيارة حديثة بدفع رباعي. نحتاج يوما نحتفل فيه بالحب كضرورة، تماما كما نحتاج باقي المواسم والأعياد، لنقيس درجة رومانسيتنا، أو ما بقي منها بميزان حرارة القلب، ولنصدق أن لا شيء يفني الحب، وأن الحب في زمن الكوليرا أمر وارد ومقبول بل يمكن حدوثه.. حري بنا هذا الصباح أن نعبر إلى الحب، كي نقنع أنفسنا على الأقل، أننا بما تبقى من إنسانيتنا المخترقة بالموت والحرب والخوف، لم نتحول نهائيا إلى بهائم في حقل برسيم.
"شبــــــــــــــــابيــــــــك الغـــــــــــربـــــــة" إنها مدونة تشبه وطناً، وليست هو !
26 فبراير 2009
لنحتفل بالحب
«كان يكفيه سماعها لمرة واحدة بشكل عابر، حتى يعجز الرب نفسه عن انتزاع خيط اللحن.. من رأسه لعدة ليال»هذا ماقاله فلورينتينو أريثا، عن فيرمينا داثا، في رواية غابرييل ماركيز «الحب في زمن الكوليرا» وبعدها بقيت اتهم العشاق جميعاً بأنهم قصّر عاطفة، ومدعو محبة، فالمدعو فلورينتينو، طيب الله ذكراه، انتظر 51 عاما وتسعة أشهر وأربعة أيام قبل أن يهرع، لاسترجاع حقه في قلب محبوبته، إذ لم تستطع المسافة، ولا الزمن، ولا علاقاته الـ 622 مع أخريات أردنه وأرادهن، أن تقتلع نبضه الأزلي المفتون بفيرمينا..! بالطبع ليست سوى خيالات روائي لايعيبه إلا أسماء أبطاله اللاتينية مستحيلة الحفظ، ولكننا شئنا أم أبينا واقعين في شرك أزمات حياتية تتصاعد بأعبائها الاضطرارية والعبثية دون أن يبدو لها آخر، ربما لذلك تحديداً نحتاج أكثر من غيرنا لهكذا روايات، وللكذبات البيضاء، وللأمل القادم لامحالة، فنسمو بمشاعرنا على الممل والاعتيادي والرصين والهادئ، ونحتفل مع المحتفلين بعيد الحب، ودعكم من حب الطبيعة، والمعكرونة، والعلاقة الوطيدة مع قهوة الصباح، والشمس في طلتها الأولى، والكلمة الطيبة، ومحبة الوطن، وعاطفة الأمومة، ونظيرها من الأبوة.. إلخ ولنتركها مؤونة سنواتنا العجاف.. أنا أقصد الاحتفال بالحب في جدليته الأولى بين أنثى وذكر، والمعنى الأقوى والأشد حماقة ولوعة وروعة، ذلك الذي يحول المرأة إلى سرب عصافير، ويمنح الرجل طاقة سيارة حديثة بدفع رباعي. نحتاج يوما نحتفل فيه بالحب كضرورة، تماما كما نحتاج باقي المواسم والأعياد، لنقيس درجة رومانسيتنا، أو ما بقي منها بميزان حرارة القلب، ولنصدق أن لا شيء يفني الحب، وأن الحب في زمن الكوليرا أمر وارد ومقبول بل يمكن حدوثه.. حري بنا هذا الصباح أن نعبر إلى الحب، كي نقنع أنفسنا على الأقل، أننا بما تبقى من إنسانيتنا المخترقة بالموت والحرب والخوف، لم نتحول نهائيا إلى بهائم في حقل برسيم.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 4 تعليقات:
Hi.
I like your writing .. and your name sounds familiar .. I am from aleppo but I left many years ago and cannot figure out if we know eachother or it is just the name that I'v heard of
I'll try to figure that out ..untill then please keep it up and best of luck
اهلا بالاخت / الاخ المعلق
كان بودي لو تركت اسما لاكتشف معك ان كنا نعرف بعضنا ام انها مجرد تشابه اسماء
بكل حال سعيدة بانك قارئي
تحياتي
How stupid of me.. Sorry
My name is Helmi Aljarrah (engineer / violinist) and my guess that you were in the musci school or a friend of one of my siblings.
here is something that you would enjoy
http://www.mlahanas.de/Greeks/NewLiteratur/Kavafis/ithaca.htm
هايات صديقي حلمي الجراح
انا هي رفيقة الكشاف واتذكرك تماما وكذلك فتحي وفهمي بل اني اتراسل مع فهمي بشكل دائم .. ساظل مدينة لاختراعات هذا العصر، ولبيل غيتش شخصيا الذي قرب المسافات وألغى البعد تحياتي لك ولموسيقاك
إرسال تعليق