03 أغسطس 2009

كان ينقصنا حاضر: محمود درويش

لنذهب كما نحن : سيدة حرة
وصديقا وفيا ، لنذهب معا
في طريقين مختلفين
لنذهب كما نحن
متحدين ومنفصلين ، ولا شيء
يوجعنا لا طلاق الحمام
ولا البرد بين اليدين
ولا الريح حول الكنيسة توجعنا ...
لم يكن كافيا ما تفتح
من شجر اللوز
فابتسمي يزهر اللوز أكثر
بين فراشات
غمازتين . وعما قليل يكون لنا
حاضر آخر إن نظرت وراءك
لن تبصري غير منفى
وراءك : غرفة نومك ،
صفصافة الساحة ،
النهر خلف مباني الزجاج ،
ومقهى مواعيدنا ...
كلها ، كلها تستعد لتصبح منفى ،
إذا فلنكن طيبين ! لنذهب
كما نحن : إنسانة حرة
وصديقا وفيا لناياتها ،
لم يكن عمرنا كافيا لنشيخ معا
ونسير إلى السينما متعبين
ونشهد خاتمة الحرب بين أثينا وجاراتها
ونرى حفلة السلم ما بين روما وقرطاج عما قليل .
فعما قليل ستنتقل الطير من زمن نحو آخر ،
هل كان هذا الطريق هباء على شكل معنى ،
وسار بنا سفرا عابرا بين أسطورتين فلا بد منه ،
ولا بد منا غريبا يرى نفسه في مرايا غريبته ؟
" لا، ليس هذا طريقي إلى جسدي "
لا حلول ثقافية لهموم وجودية "
أينما كنت كانت سمائي حقيقية "
من أنا لأعيد لك الشمس
والقمر السابقين
فلنكن طيبين ...
لنذهب ، كما نحن : عاشقة حرة
وشاعرها .
لم يكن كافيا ما تساقط من ثلج كانون أول ،
فابتسمي يندف الثلج قطنا على صلوات المسيحي ،
عما قليل نعود إلى غدنا ،
خلفنا ،
حيث كنا هناك صغيرين في أول الحب ،
نلعب قصة روميو وجولييت
كي نتعلم معجم شكسبير ...
طار الفراش من النوم مثل سراب
سلام سريع يكللنا نجمتين
ويقتلنا في الصراع على الاسم ما بين نافذتين
لنذهب ،إذا ولنكن طيبين لنذهب ،
كما نحن : إنسانة حرة وصديقا وفيا ،
لنذهب كما نحن .
جئنا مع الريح من بابل
ونسير إلى بابل ...
لم يكن سفري كافيا
ليصير الصنوبر في أثري لفظة
لمديح المكان الجنوبي
نحن هنا طيبون .
شمالية ريحنا ،
والأغاني جنوبية
هل أنا أنت أخرى وأنت أنا آخر ؟
" ليس هذا طريقي إلى أرض حريتي
ليس هذا طريقي إلى جسدي وأنا ،
لن أكون "أنا"
مرتين
وقد حل أمس محل غدي
وانقسمت إلى آمرأتين
فلا أنا شرقية ولا أنا غربية ،
ولا أنا زيتونة ظللت آيتين
لنذهب ، إذا .
" لا حلول جماعية لهواجس شخصية
لم يكن كافيا أن نكون معا
لنكون معا ...
كان ينقصنا حاضر
لنرى أين نحن. لنذهب كما نحن ،
إنسانة حرة
وصديقا قديما
لنذهب معا في طريقين مختلفين
لنذهب معا ،
ولنكن طيبين ....

ليست هناك تعليقات: