10 أكتوبر 2010

غطيط الزاناكس( سامي سعد)

1-


وحدي أرتب أيام الأسبوع

أنظف أكواب الشاي


أتجول بين الأشجار


أستوي على الأرض


أراجع الحسابات في الدفتر المحترق

أتردد بين السطح / القبو


أضبطني نائيا في بحار جافة


أصنع بيوتاً لكائنات منقرضة


يظللني الورق المتعب من السفر


و غيمات مأسورة بالحنين

فيما يتبادل الرجال زوجاتهم

و تنسى النساء عشاقهن القدامى



في المدينة الجديدة


وحدي، بلا عمل و لا لغة


أواظب على كل مالا جدوى منه


-2-


في البلدة النائية المؤمنة


في العاشرة


يغلق الكهف أبوابه


على أولئك الذين يمتهنون التنفس و النوم


فيما يفكر العاطلون

في حانات على طرف البحر

و نساء مترعات بالشبق

في مساء كهذا المساء الوحيد

أحمل صمتي، و أطرق الباب


معك سأسهر يا الله


-3-

أعرفه، و يعرفني


نجلس متجاورين أو متقابلين


يحدث بعضنا الأخر


و أحياناً لا نفعل


نستحم معا

و نرقد بالليل في فراش واحد


و بإمكان كل منا أن يكون ذاته أيضاً


نحب و نحزن كباقي البشر






لكن لا أسرار بيننا , فقط هو الصمت






أحيانا أفكر في هجرة , و يبادلني الرغبة






أستغرق في النوم






و أتركه على حافة السرير






يجوس خلال أحلامي






نتبادل المودة , الملابس و البكاء






مرات بلا حصر نلتقي صدفة عند امرأة






مرة فكرت في الانتحار






فوجدته يعلق رأسه في حبل السقف






تراجعنا قليلاً و لم نتعاتب






في ليلة كهذه ، بلا نوم و لا صديق






يناولني حبة الجوافة , و كوب ماء






يرهقني هذا التوحد






فاجأته مرة بسؤال: ماذا ستفعل حين أموت؟






قال: سأبكي مرة ثم أغادر






فلا أحد سوايّ يعرف






أنك رغم كل شيء جدير بدمعة






في ليلة كهذه






عمياء من الرحمة، و الحنان






واسعة بلا معنى






أراه يجلس قبالتي






يكتب ما يدور برأسي






















-4-










يلزم ملح كثير






و أدوات حادة






عيون ثاقبة






و قلب بارد






يلزم يقين الأعمى






بأن الضوء شيء ثانوي






و أن كل الخسارات جائزة






أعصاب ثلجية






و رأس ثقيل






يلزم ربما






تلاميذ مخلصون






من العهد القديم






يلزم فضاء محايد






و سماوات قريبة






جبال بها بعض الكهوف






قليل من الينابيع






يلزم خيل جيدة






ساحات للكر و الفر






شاعر أو شاعران






بلا انتماء






يلزم ليل أطول من هذا






بنات معجونات بطين الحنان






وقت يتسع لنسج






الحكاية أخر الليل






و احتمال السقوط بعتة






في عتمة الفجر






















-5-










لأنني لا أقدر أن أفعله






عاشق التفاهات الصغيرة






الحيوان الحر / الرائع






أفعل كل الألعاب البذيئة






أردد ما لا يعرفه






سوى السوقة و المارقين






و أكون سعيداً للحد الأقصى






مثلكم جميعاً






أنتم يا أحبابي المنبوذين






بشرط صغير / بسيط






هناك خلف هذا الحائط الأبكم






المدجج بالعيون الجاهز دوماً






لإصدار الأحكام ضدي / ضدنا






نحن الذين لا نعرف الحياة






سوى هناك






حيث بإمكاننا أن نكون






كما يشتهي الجميع أن يكون






وحده في عماء الآخرين






















-6-










يتحدث عن مكان ما






يمكن الوقوف عليه






ليحب بعضنا الآخر






دون أن تتشقق الأرض






فجأة من تحتنا






أو تخبطنا صاعقة






على حين غرة






تحت أسماء لا معنى لها






















-7-










ينهض عن يمين القلب






بنياً وشامخاً و وحيداً






فيما الفضة تنسال على اللازورد






كانت الكلمات جريمة






والصمت لا يغتفر






أنا الأبدية العانس






و اللحظة سلسلة من الموج






أيه/ يا أيها الطويل المقدس






ماذا عساي أن أفعل غير البكاء؟






















-8-










الموسومون بشبق الحافة






أنى لهم الأرض يمشون عليها






أو سماوات يتكئون على إفريزها






لا أعرف المكان المناسب






و لا اللغة اللائقة






لا أملك دعماً كفاية






و لا شجاعة حمقاء






كي أقف بالطريقة






التي أشاء / أينما أشاء






و أتحدث بدون عقل






عن أشياء غير مرتبه






و أحداث لا أعرف كيف جرت






















-9-














ربما القر الشديد






لسع الرياح / وضوح المطر






ربما صبية قادمون من أقاليم بعيدة






دافئون، و قريبون من العين






يعتصرون الآن عشيقاتنا القدامى






نحن الذين نتضور جوعاً






لكلمة دافئة، و ابتسامة صغيرة






نهبط الدرجات كالميتين






نحفظ العهد ، ووصايا القانون






الذي لم يجلب لنا الدفء






و لو لمرة واحدة


























-10-










لم أسافر فجراً






لم أحمل أكياس البطيخ على ظهري






لم أمشي وراء الناقة عشرون كيلو متر






لم تذهب طاقتي في جلسة القضاء العرفي






لم أحرث أرضاً ، أو أنقل حطباً ، أو تغمرني شمس الريع






لم أتحمم في البئر الذي لا قرار له






و رغم هذا أصحو في السابعة مساءاُ ، يا للخجل






فلتعلم يا أبي






الليل و النهار الذي تعرف، قد ذهبا






مثلما أنت ذهبت ، مثلما أنا ذاهب






في غطيط الزاناكس






أبدل أيامي الحديثة






كما أبدل ملابسي الداخلية






بصمت ، على عجلة






و يقينا في قرف






















-11-


























القديسة التي تشرب الخمر






وتدخن الحكمة






وفي الليل الرطب الثقيل






تشعل الذكريات






أخبرني زوجها الوفيّ






أنـه بالكــــاد يقـــدر






علي شراء الشراشف والخبز






وترتيب المواعيد السريعة






وفيما يبقي من وقت






فإنه يشاركها الصلاة






علي أرواح عُشاق قدامي














-12-


















ريف






من سنواتَ بعيدة






كنــا هنــا






نقطع الشارع الفرعي






أمـام البريد






أتذكر حتى ملمس كفك






هــا أنا أعبر ذات المكان






وحـــدي أتأبط خصرك الوادع






لا شيء يتغير






لا المكان القديم






ولا خطوتنا الواحدة





















-13-














كانت تنمـــو






في عنفوان الزوال






و كانت اللغة الكسيحه






تلهث اثـر خطوها






دون جدوى






أجلس الآن لأروي






فوائد الصمت






















-14-














أعرف أنني






تقدمت كثيراً






أو تأخرت كثيراً






غير أنني






ما كنت قط






في اللحظة الملائمه






















-15-














في كل مكان






كانت لنا حياة






مثلما الآن تماماً






في كل مكان






صار لنا ذكريات






ليست هناك تعليقات: