30 أكتوبر 2010

اليوم العالمي للبنطال سيدتي، أنت تخالفين القانون( مها حسن)

بهذه الجملة توجهت إحدى الصحافيات وهي تعمل ريبورتاجاً عن بنطال المرأة، حيث كانت توقف أية سيدة ترتدي بنطالاً، لتفاجئها بتلك الجملة، أو لتطرح العبارة على شكل سؤال: " هل تعرفين بأنك تخالفين القانون؟ ". الدهشة كانت الإنفعال الأول، إلى أن تُلحق الصحافية جملتها بالقول " حسب القانون، يعتبر ارتداء البنطال مخالفةً " ... ترد أغلب النساء بالضحك، نعم، أسمع بهذا القانون. وثمة الكثيرات أيضاً ممن يجهلن وجود هذا القانون، حيث مرّ عليه أكثر من قرن، دون أن يتمّ حذفه أو إلغاؤه، فالقانون الصادر في عام 1799 والذي يمنع النساء من ارتداء " زي الرجال"، لا يزال فعّالاً في فرنسا، وإن لم يكن مطبقا واقعياً.

القانون المذكور ينصّ على " كل امرأة ترغب باللباس كرجل، أن تتقدم بطلب إلى البوليس للحصول على الإذن".
ثمّة تصريحاتٍ حصلت عليها النساء لارتداء البنطال، وهذا بين الأعوام 1892 و1909، وذلك للنساء اللواتي يستخدمن الدراجة الهوائية " البسكليت" أو للواتي يركبن الحصان.
الرسّامة روزا بونور وهي أول امرأة تحصل على وسام الشرف عام 1865، كانت بحاجة إلى تصريح قانوني لارتداء البنطال، وهذا " لأسباب صحية". حصلت روزا على إذن ارتداء البنطال، في 12 أيار سنة 1852، ولمدة ستة أشهر فقط، للظهور بالبنطال أمام الجمهور وفي أماكن العرض.
كولين أفران، البالغة حالياً 63 سنة، ظهرت على شاشة القناة الثانية الفرنسية، كمدافعة عن البنطال، وروت أنها عام 1967، حين كانت طالبة، و كان الطقس بارداً في ذلك اليوم، فقررت ارتداء بنطال من الجينز الأزرق، إلا إدارة المدرسة أعادتها إلى البيت، وقالوا لها يومها " آنستي، عودي إلى البيت وارتدي ملابسك بشكل صحيح". كوليت التي أجبرت على ارتداء التنورة حتى العشرين من عمرها تقريباً، لم تعد ترتدي منذ ذلك اليوم، سوى البنطال، ولم تعد تحوي خزانة ملابسها، سوى البنطالات.
مصمم الأزياء إيف سان لوران والذي أدخل البنطال ضمن مجموعات تصميماته، قال أنه ليس مع فكرة ارتداء المرأة للبنطال على سبيل الاستفزاز والتحدي، بل يرى في ارتداء المرأة للبنطال، شكلاً من تطوير أنوثتها.
أما سونيا بوكر، والعاملة أيضاً في حقل الأزياء، فقد اعتبرت أن البنطال أجمل هدية حصلت عليها المرأة. إذ تقول سونيا: "بالنسبة لي، إن أكبر قوة للبنطال هي المساواة، ليست المساواة مع الرجال، ولكن مع أولئك اللواتي لهن سيقان جميلة".
جدير بالذكر أيضاً بأن مضيفات الطيران الفرنسيات، حصلن منذ سنوات قريبة فقط على حق ارتداء البنطال بدلا من التنورة.
ثمّة مثل فرنسي، أو مقولة " من يرتدي الكيلوت؟"، ومن مرادفات "الكيلوت" باللغة الفرنسية، السروال، أو البنطال، ولا تقتصر اللفظة على الملابس الداخلية فقط، وهي تعبر عمن يملك القوة، خاصة في الحياة الزوجية، فالسروال، أو "الكيلوت"، هو تعبير عن القوة والسلطة، لذلك ترى الكاتبة كريستين بارد، صاحبة كتاب " التاريخ السياسي للبنطال" أن الخوف من ارتداء المرأة للبنطال، هو خوف من امتلاك المرأة للسلطة، لأن البنطال هو رمز السلطة.
في فيلم " اليوم العالمي للتنورة " لإيزابيل أدجاني، والذي أثار ردود أفعال مختلفة بين صفوف الفرنسيين، وخاصة فيما يتعلق بالتعليم، حيث الآنسة التي ترتدي التنورة، وتتعرض لتحرّشات التلاميذ اللفظية، وحيث انتقدها زملاءها في المدرسة، بأنها هي التي تتسبب وتحرض التلاميذ على تحرشاتهم، بسبب ارتداءها " للتنورة ". ثمة صرخة في الفيلم ، طالبت فيها أدجاني بحق ارتداء التنورة، وقالت بأن التنورة كانت هي القانونية، وكان البنطال هو الممنوع، فهل علينا أن ندافع اليوم عن حق ارتداء التنورة.
ا يزال يعتبر كثير من الرجال، وربما النساء، أن التنورة رمز أنثوي أكثر من البنطال.
كان أبي، رحمه الله، يشجعني على ارتداء البنطال، رغم أنه كان محافظاً، ولكنه كان يعتقد بأن البنطال أكثر حشمة للمرأة.
بين الحشمة والأنوثة، بين القانون والعرف والتطبيق اليومي، هل تتخيل إحدانا، أن ارتداءها للبنطال هو مخالفة تستحق عليها الجلد، كما حصل مع الصحافية السودانية لبنى، أو أنها مخالفة في فرنسا، حتى ولو أكل عليها الدهر وشرب، حتى ولو أن الفرنسيات، برلمانيات، وزيرات، طبيبات، قاضيات، سيدات في الجيش والبوليس.... يرتدين البنطال.
ترانا يجب أن نشن حملة لارتداء البنطال، أو أن نصنع له يوما عالميا، على غرار عنوان فيلم إيزابيل أدجاني، فننادي بـ " اليوم العالمي للبنطال"، لنحرر المرأة من نظرة الآخر إليها، الآخر سواء أكان من جنسها أو من جنس الرجال، حتى لا نحصر أنوثة المرأة بالتنورة أو بالفستان، وربما، كي لا نربط بين مفهوم الأنوثة، وطريقة اللباس ،من الأساس. إذ لا يمكن أن تتوقف أنوثة المرأة على شكلها، ملابسها، اكسسوارتها، ماكياجها...






ملاحظة: تمت الاستعانة في كتابة المادة، بتقرير أوردته القناة الفرنسية الثانية بمناسبة احتفال "حركة تحرير المرأة "، بمرور أربعين سنة على تأسيسها، وسوف يكون لنا وقفة مع هذه الجمعية أو المنظمة التي تأسست في سنة 1968.








ليست هناك تعليقات: