04 يناير 2011

مهرجان عبد السلام العجيلي الروائي السادس حول محظورات الرواية العربية

اتفاق على المبدأ واختلاف على التفاصيل



زيارة خاطفة لمدينة الرقة قبل أعوام لم تكن كافية لادعاء معرفتها.. الرقة من مدن المنطقة الشرقية في سوريا، وهي إن كانت تعاني من زحف التصحر والجفاف، فهي تزهو بأمرين؛ نهر الفرات وروائيها عبد السلام العجيلي الذي تحول إلى ثيمة تتردد ليس فيما تتناقله ذاكرة المدينة عنه كأديب ودبلوماسي فحسب، بل و بما تحفظه الأغاني الشعبية والمواويل.


ولعل المدينة الموسومة بروح البداوة تعوض إهمالها كمدينة تواجه القحط بالمزيد من استضافة الفعاليات الثقافية التي صارت تبز في عددها وحجمها ما ينعقد في مدن سورية أخرى كحلب مثلاً، ففي الرقة واحد وأربعون مركزاً ثقافياً يستضيف على مدى العام مؤتمرات وأنشطة عديدة، ولعل أهمها مهرجان عبد السلام العجيلي الذي انعقد هذا العام بمشاركة مايزيد عن الثلاثين كاتباً روائياً محلياً وعربياَ منهم احمد المديني، الحبيب السالمي، خليل الجيزاوي، هالة البدري، عمار أحمد، عبد الحميد الربيعي ، علي بدر، سحر ملص، جمال ناجي، عبد المجيد زراقط، آدم حسب النبي، فؤاد مرعي، سوسن حسن، نبيل حاتم، لؤي خليل ، أيمن ناصر، شهلا العجيلي، نبيل سليمان، نصر محسن، عادل محمود، هايل الطالب، نجاح ابراهيم، أحمد مصارع، ومن ايران: محمد رضا سرشار، وشكوه حسيني، وحسين باينده. ناهيك عن عدد من ممثلي الإعلام المرئي والصحافة الورقية والالكترونية.


الاختلاف حول توظيف المحظور:


حمل مهرجان العجيلي للرواية في دورته السادسة والذي انعقد الأسبوع الفائت عنوان " محظورات الكتابة الروائية العربية" نوقشت خلاله محاور أربعة هي: المحظور اللغوي، والمحظورات المتغيرة في الرواية العربية، والتقنيات الروائية في مقاربة المحظورات، واختراق المحظورات، وسياقات النزوع إلى العالميّة.


تنوعت المشاركات بين ورقات اكاديمية بحثية تفاوتت في أهميتها، وبين شهادات ابداعية أدبية، بعضها صب في صلب موضوع المحظورات، من خلال تجربة الروائيات والروائيين ذاتها، وأخرى خرجت كلياً عن الفكرة.. وقد طرح المهرجان مقاربات ودراسات نقدية عالجت بعض التجارب التي خرجت عن المألوف وكسرت اليوتوبات كما عند ابداع زكريا تامر عموماً ورواية الطيب صالح( موسم الهجرة الى الشمال) الذي كسر فيها المحظور اللغوي وهجن اللغة بالعامية، وأيضاً في ابداع نبيل سليمان و هيفاء بيطار وسلوى النعيمي وسمر يزبك وفوزية المرعي، واسيني الأعرج، و رشيد بوجدرة، وغيرهم.


وبحسب رأي الناقد احمد المديني "يكون على الكاتب في سبيل اختراق المحظورات المناورة لاضمار السيرة الذاتية في نصوصه وخلق البعد الموضوعي واستخدام الطرق الفنية" . فيما رأى الباحث د. لؤي خليل، بأن "وجود المحظور مرتهن بوجود المعيار وكلما اشتد المعيار اشتد المكبوت لذلك وفي أجواء محافظة كالسعودية خرجت موجة الرواية الجديدة التي تخرج عن المحظورات". وفرق الروائي عبد الحميد الربيعي بين الوعي الفردي والجمعي وقال بأن قائمة المحظورات اتسعت عوضاً عن أن تضيق. د. فؤاد مرعي قال بأن "البيئة هي التي تنتج المبدع والمتلقي لكن المبدع متمرد في الأساس ، والرواية العربية لم تتهيب اختراق المحظورات لكنها في بعض الحالات وظفت المحظور"


في ورقة د. شهلا العجيلي خلصت فيها إلى أن الأساس لرواية هي في الأساس خرق لأدبيات كاملة ولثقافة كاملة ولذلك لا يمكن لها إلا أن تخرق محظوراً ما، في أثناء سعيها لمعالجة أي فكرة وتحت منظور. على مدى أيام المهرجان وخلال ثمان جلسات اتفق فيها المشاركون على أن المحظورات نسبية وهي تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر، كما أنها لا تقف عند الجنس والسياسة والدين بل تتعداها الى المحظور اللغوي والفني ( أي التقيد بأنماط الكتابة). لكن اختلفت وجهات نظر المشاركين حول المحظورات نفسها وأولوياتها، ففي حين نادى الروائي نبيل سليمان بأدب بلا قيود، حيث أن الإبداع يستعصى على المعايير، قال الروائي نصر محسن بأن المحظور الوحيد هو الاساءة الى الوطن وكل ماعداه مسموح. ففي حين اتفق الجميع على مبدأ حرية الأدب في المطلق إلا أنهم اختلفوا حول مدى ونوع وكمية ونسبة توظيف تلك المحظورات ضمن النص الروائي المكتوب.


على هامش المهرجان:


إضافة إلى ماقدم على مدى يومين من الندوات العلمية، فإن حالة من رائعة من التعارف وتوطيد الصداقات والنميمة إن شئت، وازت في أهميتها الآراء والحوارات التي تم تبادلها أثناء الندوات أو على هامشها. لابد لي من القول بأن أهل الرقة لايقلون جمالاً عن مدينتهم، الحفاوة بالغريب واجب شخصي، حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يقطنون الرقة بل جاؤوا مثلنا ضيوفاً على المهرجان. "تدللنا" هكذا أصف حالنا في تلك الزيارة بفضل جهود مدير الثقافة الأستاذ محمد العبادة، وتعب المنظمون الواضح، كانت د.شهلا العجيلي فراشة المهرجان دائمة الحركة، تلاحق مهمتها الأدبية في المشاركة ومهمتها كمضيفة معنية بكل التفاصيل. فيما استطاع الروائي نبيل سليمان بنقل عدوى مرح وحيويته إلينا، أما القاص ماجد العويد فهو المتابع للشاردة والواردة.. طبعا هناك كثيرون غيرهم لااستطيع حصر مهماتهم الكثيرة أمام ضيوف توافدوا من مناطق إقامتهم في مصر ولبنان والأردن والعراق والمغرب وتونس وبروكسل وفرنسا و و و. فهل نجحت مديرية الثقافة في الرقة في سوريا بإمكانياتها المتواضعة في عقد مهرجان ثقافي تندمج فيه الجهود الفردية بالجهد المؤسساتي، من غير أن تكتفي بالاحتجاج على قلة مرتادي الثقافة والجمهور المضمحل، ولعن العتمة .؟


ليست هناك تعليقات: