ميزان البوعزيزي
وفق ما جاء في رقيم باللغة المسمارية لشريعة حمورابي، فإن عقوبات السرقة كانت تختلف تبعا لمكانة المسروق منه! من المدهش أن كفة السيدة العدالة معصوبة العينين كانت تقصد بذلك الحفاظ على استقرار التمايز الطبقي. لذلك لم يكن لأي سارق فطن أن يقترب من علية القوم ووجهائه، لأن عقوبته وقتئذ تتضاعف! النص القانوني المعتمد كان يقول: «إن سرق أحد ماشية أو ضأنا أو خنزيرا أو ماعزا وكانت تعود للإله أو البلاط فإن عليه أن يعيد ما سرق ثلاثين ضعفا، وإن كانت تعود لرجل حر من رجال الملك فعلى اللص أن يدفع عشرة أضعافها، فإن لم يكن عند اللص ما يدفعه توجب قتله» خوفا من إعادة ما قيمته ثلاثين ضعفا، صار العوام والفقراء هدفا سهلا للصوص، يبدو أن الأصل القانوني «المائل» نُسي مع الزمن، ولم يبق لنا سوى فكرة استسهال السطو على الأموال العامة، وخرق القانون، وإدمان التجاوزات، حتى صرنا نحقق شهرة لا نحسد عليها في فن الالتفاف على القوانين، وعدم التقيد بأي نظام انضباطي، كلما كان ذلك ممكنا، على عكس الدول التي تعزز سيادتها وحضارتها بأولوية تطبيق القانون مهما كانت الشخصية الاعتبارية، إلى حد أن محافظ لندن طالب أوباما بمبلغ مخالفة مرورية حررت لموكبه الرسمي! تؤكد الثورات البشرية عبر التاريخ أن تصاعد الشعور بالظلم هو بذرتها الأولى، وحين يصل الفساد إلى مؤسسة القضاء، ويضيع الحق أمام الباطل يبدأ الانهيار. ومازال ماثلا أمام أعيننا مشهد رماد البوعزيزي الذي أشعل غضبة شعوب كان كل الظن أنها لن تغضب!
وفق ما جاء في رقيم باللغة المسمارية لشريعة حمورابي، فإن عقوبات السرقة كانت تختلف تبعا لمكانة المسروق منه! من المدهش أن كفة السيدة العدالة معصوبة العينين كانت تقصد بذلك الحفاظ على استقرار التمايز الطبقي. لذلك لم يكن لأي سارق فطن أن يقترب من علية القوم ووجهائه، لأن عقوبته وقتئذ تتضاعف! النص القانوني المعتمد كان يقول: «إن سرق أحد ماشية أو ضأنا أو خنزيرا أو ماعزا وكانت تعود للإله أو البلاط فإن عليه أن يعيد ما سرق ثلاثين ضعفا، وإن كانت تعود لرجل حر من رجال الملك فعلى اللص أن يدفع عشرة أضعافها، فإن لم يكن عند اللص ما يدفعه توجب قتله» خوفا من إعادة ما قيمته ثلاثين ضعفا، صار العوام والفقراء هدفا سهلا للصوص، يبدو أن الأصل القانوني «المائل» نُسي مع الزمن، ولم يبق لنا سوى فكرة استسهال السطو على الأموال العامة، وخرق القانون، وإدمان التجاوزات، حتى صرنا نحقق شهرة لا نحسد عليها في فن الالتفاف على القوانين، وعدم التقيد بأي نظام انضباطي، كلما كان ذلك ممكنا، على عكس الدول التي تعزز سيادتها وحضارتها بأولوية تطبيق القانون مهما كانت الشخصية الاعتبارية، إلى حد أن محافظ لندن طالب أوباما بمبلغ مخالفة مرورية حررت لموكبه الرسمي! تؤكد الثورات البشرية عبر التاريخ أن تصاعد الشعور بالظلم هو بذرتها الأولى، وحين يصل الفساد إلى مؤسسة القضاء، ويضيع الحق أمام الباطل يبدأ الانهيار. ومازال ماثلا أمام أعيننا مشهد رماد البوعزيزي الذي أشعل غضبة شعوب كان كل الظن أنها لن تغضب!