21 يناير 2011

عن الرجل الذي ظهر في الصورة إلى جانب " سيدة" جميلة ولم ينتبه له أحد: خلف علي الخلف

مثل الجميع؛ أو على الأغلب لن يلفت انتباهك الرجل الذي في الصورة، سيذهب نظرك مباشرة إلى السيدة [سيدة: افتراض مبدئي ريثما يتم البرهنة على عكسه إذا لم أنس] التي تجلس بجانبه.

إنها جميلة حقاً، وإذا كنت ممن يعشقون جمع الصور أو السيدات ستعجبك حتماً. أما إذا كنتَ سيدة فلا أعرف ردّ فعلكَ في مثل هذه الحالة الملتبسة التي خارج الثنائيات.
حسناً؛ دعونا نفسر لماذا لم تنتبهوا للرجل الذي في الصورة والذي أريد الكتابة عنه فقط لـ لفت انتباهكم إليه. أعرف ذلك؛ سيبدو بجانب السيدة الجميلة جداً ذو رأس مربع وهذا شيء لا ينافي الحقيقة فأعلى رأسه مستوياً بدقة كأنه حدد بسكين قصاب. بشرته سمراء ولأنها شائعة في بلادنا فلن تنطبق عليه قوانين الندرة لنقول «يالله.. إنه أسمر .. ما أجمله»، بل إنه أقرب لشاب صومالي هاجر إلى بريطانيا والصورة التقطت له في بداية تعرفه على الأناقة هناك.
بدأنا نكشف «سر الصورة» بشكل تدريجي وهنا سيعرف عمن أتحدث خمسة - عشرة على الأقل! لكن هذا غير مهم طالما أكتب للملأ، عشرة لا يعنون شيئا أمام ملايين سيقرأون ما سأكتبه عن هذه الصورة.
إضافة إلى كون رأسه مربعاً فهو يضحك.. دقق جيداً إنه يضحك بوضوح.. ولأنك لا تعرفه ولأنك لم تكن حاضراً وقت التقاط الصورة فلن تعرف لم يضحك. أنا شخصيا نسيت لم كان يضحك. [انتبهوا لهذه الجملة جيدا أرجوكم فقد بقيت ساعتين أو أكثر أقلبها كي تصبح كما وردت؛ وأنا قصدت من الجملة «وسأشرح لأن الفهم طبقات وقلة هم من يفهمون التلميحات خصوصا في هذا العصر المكشوف» القول أني كنت لحظة التقاط هذه الصورة.] لن يتوجه حسدكم إلي بالطبع وأنتم تنظرون إلى كتف السيدة العاري والأملس والذي يمكن التأكيد من خلاله أن من التقط الصورة كان ينظر إليه فظهرت الصورة هكذا، ولم أعد أذكر من التقط الصورة شاب أو فتاة. إذا كان فتاة فهي بالتأكيد لديها ميول مثليّة وهذا تحليل بسيط وسطحي للتركيز على الكتف العاري والأملس والأبيض للسيدة التي في الصورة.
بالنسبة لي أمر محزن أن لا يلفت انتباهكم صديقي؛ علما أن السيدة التي بجانبه صديقتي أيضاً، لا يمكن أن أحاسبكم على أمر قد ارتكبه مثلكم؛ فلولا أن الرجل الذي في الصورة صديقي ربما لذهب بصري مباشرة إلى كتف السيدة [قد لا تكون صديقتي حينها] بل ولنظرت إلى رقبتها الواضحة والصقيلة واللدنة بآن.. حتى أن أي رجل سوي غير مشبع عاطفيا بشكل كبير وكاف سيتمنى عناقها.
صديقي والسيدة التي بجانبه يتحدثان في نفس الوقت، كما تلاحظ في الصورة، وبالتأكيد لا يجلسان بمفردهما وإلا لما جلسا جانبي بعض، فهذه الطريقة غير شائعة في بلادنا رغم شيوعها في مصر، وبالطبع فهما لا يحادثان الهواء، فهناك شخص على الأقل يجلس أمامهما لم يشأ من التقط الصورة إظهاره لأسباب غير واضحة في الصورة، إلا إذا اخذنا الكتف بعين الاعتبار.. هذا الشخص هو أنا على الأرجح أو لنقل أنا أحد الذين يجلسون أمام صديقي والسيدة التي بجانبه ولا أظهر في الصورة.
ليس هدفي هنا الحديث عن نفسي، بل لفت انتباهكم إلى الرجل الذي يجلس بجوار السيدة ذات الكتف.. إنه صديقي ومنذ زمن لم أره وأحس بشوق كبير له.
مثلكم، لا أعرف ما معنى الشوق أو كيف يكون.. لكن ببساطة في كثير من المرات وأنا أسير على الشاطئ أقول يا الله لو كان «مجودي» [وهذا هو اسم صديقي الذي لم يلفت انتباهكم] هنا كنا ضحكنا.. الشوق جزء من أنانية الكائن فهو يشتاق الآخرين عندما يكون وحيداً.. للتعبير عن الشوق بوضوح أقول لكم إن إحساسي هو تماما كمن يريد تدخين سيكارة وهو مقطوع من الدخان ويشرب البيرة. بالضبط هكذا أحس اتجاه صديقي الذي اهملتموه بالصورة ولم تنظروا إليه.
وفي مرات أخرى أقول: «مالذي شلفني في هذه البقعة النائية من العالم» [وأنا أقصد الإسكندرية التي تحبونها مثلي]. لن تلاحظوا أن الجملة هي خليط من العامية والفصحى لأني أتحدث عن الشوق، وكلكم كتبتم قصائد عن الشوق أو سرديات أو قرأتم عنه على الأقل.. وبالتأكيد يداهمكم مثلي..
في مرات كثيرة أضيف «برهوم» كي تصبح «الصورة» أكثر صخباً ومرحاً.. وأنا محق في ذلك فنحن لم نجتمع منذ سنين.. خمس سنين على الأغلب؛ إنها كافية من وجهة نظري لأشعر بشوق لأصدقائي أكثر من شوقكم للسكائر. عندما يأتي برهوم ومجودي سيصبح وارداً أو حتى طبيعياً حضور السيدة ذات الكتف.. التي تجلس بجانب صديقي والتي لفتت انتباهكم جميعاً، إنها صديقتنا كذلك، ورغم أن «برهوم» سيزعجه وجودها في الصورة لـ لحظات لكنه بعد قليل سينسى تحفظه وينخرط في سخرياته ويسألها بجدية غير واضحة لنا لكنها واضحة لها «أي ست...». نعم لم يكن يناديها سيدة؛ بل: ست.. ومن الواضح من نبرته حينها أنه يسخر منها وهي تعرف ذلك ولا تقف عنده، فنحن أصدقاء.. وهذا مالم يظهر في الصورة؛ فقد أظهرت الصورة صديقتنا وكتفها العاري ورجل بجانبها لم تنتبهوا له وأحببت أن أقول لكم أنه صديقي وأني اشتقت له وأني اشتقت لإصدقائي..
من أجلي؛ من أجل أي شخص في العالم يشعر بشوق كبير لأصدقائه دققوا في الصورة جيداً وانتبهوا لصديقي وتناسوا كتف السيدة قليلا...
الاسكندرية التي على المتوسط

4- 1- 2011






ملاحظة: يمنع منعا باتاً الحديث عن الصورة الأصلية لمن شاهدها.. كما أن الأسماء الواردة في النص وهمية وغائمة وبعيدة ولم تعد تدل على أحد






13 يناير 2011

القول خطفاً: دوم . تك

العتم والندم كلاهما دامس. ترفع يدك فلا تراها؛ تنظر في المرآة فلا تجد/ك
سوزان خواتمي

محجبات في الجمعية الأرمنية

رغم موضة (النق) الدارجة، والمتجددة بسبب البون الشاسع بين مطالب عيش مريح، وبين واقع حال يتأزم على الدوام. الأمر الذي يجعل الخيبة توأماً ملازماً للمواطن السوري خلال يومه الطويل، يزفرها مع أنفاسه المحتقنة على الدوام، بسبب قرارات مفاجئة توضع في حيز التنفيذ دون دراسة آثارها السلبية وشريحة المتضررين منها، بدءا من المناهج المدرسية الحديثة، وإشكالية عدم تماشيها مع استعدادات المدارس والطلبة والمدرسين أنفسهم، ومروراً بالغلاء، ومأزق الشتاء، وأزمة ارتفاع أسعار الوقود اللازم للتدفئة، وبالتالي التفكير بمدافئ الحطب، أو الحصيرة الكهربائية، أو الاكتفاء بالمزيد من الملابس الثقيلة.. و(غيرو وغيراتو)..



لكنني نسيت كلا القائمتين الطويلة، والقصيرة ( للنق ) في السهرة التي دعانا إليها صديقي د. فرزند، وقد اختار النارنج في (الجمعية الأرمنية) مكاناً لها. والمكان لمن يهتم يقع في الطابق الأخير من بناء الجمعية، في قلب منطقة العزيزية بحلب، تعبره خطى الذاهبين إلى السوق والعائدين منه. أجواء السهر الحميمية بضباب الأراكيل ومنوعات ما لذ وطاب، اختلطت بضحكات وأصوات ترتفع باحثة عن أذن تسمعها، ما ولد دفئاً قتل برودة الطقس في الخارج. وهذا بحد ذاته جيد، لكن اللافت للنظر بحق، كان تواجد عدد لا بأس به من السيدات المحجبات، في نسيج مدهش ومتنوع بين السفور والحجاب. من المفروض أن يكون هذا التنوع أمراً عادياً جداً، ولا يستحق مقالة خاصة، فيما لو بقي الخليط الاجتماعي على ما كان عليه قبل ثلاثين عاماً تقريباً، حين كان المسيحي والمسلم واليهودي يتجاورون في الأحياء، يتشاركون طقوسهم وأعيادهم واحتفالاتهم، دون إحساس بالفروق الطبقية والدينية والعنصرية التي نشهد تزايدها هذه الأيام، فتتحدد المناطق السكنية تبعاً لملة أو دين أو طائفة، وكما صار البعض يتحيز إلى ملته ومعتقده وأرائه باعتبار كل ما عداها خطأ حتمياً، بل ويصل التطرف حد التفجير، كما حدث في أول لحظات استقبال العام الجديد الذي قتل عدداً من مصلي كنيسة القديسين في الاسكندرية !


ملف العنف الطائفي، وما يتبعه من كتابات وآراء تثير فتنة التي لم تعد نائمة، باتت ظاهرة تثير القلق، ولهذا تحديداً راق لي في تلك السهرة المزيج الإنساني الذي أعاد لي ثقتي بمدينة عُرفت بالتعددية والتعايش. بالطبع ليس مطعم النارنج هو المكان الوحيد الذي تتجاور فيه المحجبات مع غير المحجبات، وتختلط المسلمات بالمسيحيات، لكن حدوث ذلك في الجمعية الأرمنية بخصوصيتها أسعدني وأنساني شتاءاً لم يعد يحنو على الفقراء، ومناهج تضطر الأهالي للاستعانة بالدروس الخصوصية

04 يناير 2011

مهرجان عبد السلام العجيلي الروائي السادس حول محظورات الرواية العربية

اتفاق على المبدأ واختلاف على التفاصيل



زيارة خاطفة لمدينة الرقة قبل أعوام لم تكن كافية لادعاء معرفتها.. الرقة من مدن المنطقة الشرقية في سوريا، وهي إن كانت تعاني من زحف التصحر والجفاف، فهي تزهو بأمرين؛ نهر الفرات وروائيها عبد السلام العجيلي الذي تحول إلى ثيمة تتردد ليس فيما تتناقله ذاكرة المدينة عنه كأديب ودبلوماسي فحسب، بل و بما تحفظه الأغاني الشعبية والمواويل.


ولعل المدينة الموسومة بروح البداوة تعوض إهمالها كمدينة تواجه القحط بالمزيد من استضافة الفعاليات الثقافية التي صارت تبز في عددها وحجمها ما ينعقد في مدن سورية أخرى كحلب مثلاً، ففي الرقة واحد وأربعون مركزاً ثقافياً يستضيف على مدى العام مؤتمرات وأنشطة عديدة، ولعل أهمها مهرجان عبد السلام العجيلي الذي انعقد هذا العام بمشاركة مايزيد عن الثلاثين كاتباً روائياً محلياً وعربياَ منهم احمد المديني، الحبيب السالمي، خليل الجيزاوي، هالة البدري، عمار أحمد، عبد الحميد الربيعي ، علي بدر، سحر ملص، جمال ناجي، عبد المجيد زراقط، آدم حسب النبي، فؤاد مرعي، سوسن حسن، نبيل حاتم، لؤي خليل ، أيمن ناصر، شهلا العجيلي، نبيل سليمان، نصر محسن، عادل محمود، هايل الطالب، نجاح ابراهيم، أحمد مصارع، ومن ايران: محمد رضا سرشار، وشكوه حسيني، وحسين باينده. ناهيك عن عدد من ممثلي الإعلام المرئي والصحافة الورقية والالكترونية.


الاختلاف حول توظيف المحظور:


حمل مهرجان العجيلي للرواية في دورته السادسة والذي انعقد الأسبوع الفائت عنوان " محظورات الكتابة الروائية العربية" نوقشت خلاله محاور أربعة هي: المحظور اللغوي، والمحظورات المتغيرة في الرواية العربية، والتقنيات الروائية في مقاربة المحظورات، واختراق المحظورات، وسياقات النزوع إلى العالميّة.


تنوعت المشاركات بين ورقات اكاديمية بحثية تفاوتت في أهميتها، وبين شهادات ابداعية أدبية، بعضها صب في صلب موضوع المحظورات، من خلال تجربة الروائيات والروائيين ذاتها، وأخرى خرجت كلياً عن الفكرة.. وقد طرح المهرجان مقاربات ودراسات نقدية عالجت بعض التجارب التي خرجت عن المألوف وكسرت اليوتوبات كما عند ابداع زكريا تامر عموماً ورواية الطيب صالح( موسم الهجرة الى الشمال) الذي كسر فيها المحظور اللغوي وهجن اللغة بالعامية، وأيضاً في ابداع نبيل سليمان و هيفاء بيطار وسلوى النعيمي وسمر يزبك وفوزية المرعي، واسيني الأعرج، و رشيد بوجدرة، وغيرهم.


وبحسب رأي الناقد احمد المديني "يكون على الكاتب في سبيل اختراق المحظورات المناورة لاضمار السيرة الذاتية في نصوصه وخلق البعد الموضوعي واستخدام الطرق الفنية" . فيما رأى الباحث د. لؤي خليل، بأن "وجود المحظور مرتهن بوجود المعيار وكلما اشتد المعيار اشتد المكبوت لذلك وفي أجواء محافظة كالسعودية خرجت موجة الرواية الجديدة التي تخرج عن المحظورات". وفرق الروائي عبد الحميد الربيعي بين الوعي الفردي والجمعي وقال بأن قائمة المحظورات اتسعت عوضاً عن أن تضيق. د. فؤاد مرعي قال بأن "البيئة هي التي تنتج المبدع والمتلقي لكن المبدع متمرد في الأساس ، والرواية العربية لم تتهيب اختراق المحظورات لكنها في بعض الحالات وظفت المحظور"


في ورقة د. شهلا العجيلي خلصت فيها إلى أن الأساس لرواية هي في الأساس خرق لأدبيات كاملة ولثقافة كاملة ولذلك لا يمكن لها إلا أن تخرق محظوراً ما، في أثناء سعيها لمعالجة أي فكرة وتحت منظور. على مدى أيام المهرجان وخلال ثمان جلسات اتفق فيها المشاركون على أن المحظورات نسبية وهي تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر، كما أنها لا تقف عند الجنس والسياسة والدين بل تتعداها الى المحظور اللغوي والفني ( أي التقيد بأنماط الكتابة). لكن اختلفت وجهات نظر المشاركين حول المحظورات نفسها وأولوياتها، ففي حين نادى الروائي نبيل سليمان بأدب بلا قيود، حيث أن الإبداع يستعصى على المعايير، قال الروائي نصر محسن بأن المحظور الوحيد هو الاساءة الى الوطن وكل ماعداه مسموح. ففي حين اتفق الجميع على مبدأ حرية الأدب في المطلق إلا أنهم اختلفوا حول مدى ونوع وكمية ونسبة توظيف تلك المحظورات ضمن النص الروائي المكتوب.


على هامش المهرجان:


إضافة إلى ماقدم على مدى يومين من الندوات العلمية، فإن حالة من رائعة من التعارف وتوطيد الصداقات والنميمة إن شئت، وازت في أهميتها الآراء والحوارات التي تم تبادلها أثناء الندوات أو على هامشها. لابد لي من القول بأن أهل الرقة لايقلون جمالاً عن مدينتهم، الحفاوة بالغريب واجب شخصي، حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يقطنون الرقة بل جاؤوا مثلنا ضيوفاً على المهرجان. "تدللنا" هكذا أصف حالنا في تلك الزيارة بفضل جهود مدير الثقافة الأستاذ محمد العبادة، وتعب المنظمون الواضح، كانت د.شهلا العجيلي فراشة المهرجان دائمة الحركة، تلاحق مهمتها الأدبية في المشاركة ومهمتها كمضيفة معنية بكل التفاصيل. فيما استطاع الروائي نبيل سليمان بنقل عدوى مرح وحيويته إلينا، أما القاص ماجد العويد فهو المتابع للشاردة والواردة.. طبعا هناك كثيرون غيرهم لااستطيع حصر مهماتهم الكثيرة أمام ضيوف توافدوا من مناطق إقامتهم في مصر ولبنان والأردن والعراق والمغرب وتونس وبروكسل وفرنسا و و و. فهل نجحت مديرية الثقافة في الرقة في سوريا بإمكانياتها المتواضعة في عقد مهرجان ثقافي تندمج فيه الجهود الفردية بالجهد المؤسساتي، من غير أن تكتفي بالاحتجاج على قلة مرتادي الثقافة والجمهور المضمحل، ولعن العتمة .؟