تخرجُ من حياتك،
تتركُ عينين غائمتين تغمزان للشمس؛
ابكِ إن استطعت!
ففي الشارعِ المرتبكِ الشاغرِ جسدٌ داكنٌ هوى،
وكما لو أنني أعرفك.. عرفتك
كعلامة فارقة،
أو حلم مفتوح على الاحتمالات..
بين كائنات تموت مبتسمة قرب حرياتها،
...تشق بلحظتك هوائي في لقطة عابرة،
تمضي إلى حيث تمضي؛
جليلٌ صمتك، وانطفاء صورتك.
يتسع الوقت؛
يتناسل سؤالٌ يعوي ..
يعوي ولا يكف،
أمدُّ يدي لأزن حضورك الأول والأخيرَ،
أتأمل لونك وصوتك ولحمك المشقوق،
ألثم نهارك الراحل في الأمنيات؛
حيث فراشات الأفق تصحبك إلى شام أعلى..
تغمس العسل بفتات الأمس وتلقمك.
أراك الآن؛
لم تكن وسيماً،
بلى.. بلى يا لوسامتك!
في جبينك شجر وماء،
وفي ابتسامتك كل تصوراتي عن فتنة العابرين..
تشهق في المشهد الأخير،
تضم يديك كما لو كنت في حضرة فتاة ستحبها،
بدوت سعيداً،
ألم تكن كذلك؟
كأن أحداً منا، نحن الهرمينَ، لم يلقنك فن الاحتراس،
القبضَ على الحواس والحياة وصرة الأكاذيب،
أي كلّ الأشياء التي تجعلك مطلقاً وتجعلنا آنيين.
كمن لا يأبه للمعاني الخفية والاشارات الخفية؛
تترك الشارع الشاغرَ،
تعبر الاشارات الضوئية..
ولا تلتفت..
تسخر مما بقي منك؛
شريط حداد، واسم بلا كفن!
هكذا نحتاج أحياناً إلى تصديق ألاعيب الموت التافهة،
هكذا نحتاج إلى إرباك حواسنا..
وخلع وجوهنا،
واقتلاع حناجرنا التي صمتت!
أنحسر بحسرات المحبين..
أقسِّم البكاء إلى اثنين،
وفيما أهدهد نومك اللطيف؛
أتذكر حبيباً حرست له الهواء فزفرني،
ووطناً تمناه الله عليّ.. فما مد يداً!
أنت لا تشبهني،
ولا تحتاج بكائي.
نظرتَ في عين الفناء لم تكترث..
لم تحترس..
لم تخف..
لم تنثر الملح على القلب حتى يجف،
رشقت الطلقة بجثتك وما اكترثت..
ألوذ بغيابك كي يُختصرَ الوداعُ،
ويرجئ سُمرتَك إلى مباراة أخرى،
وأهداف مؤجلة!
أترجى غيمتين تغمزان للشمس؛
تكملان سنوات عمرك المديد،
تبنيان وطناً فادحَ البياض..
تلتقطان الضوء والأحلام..
وما توفر من أزهار وأصدقاءَ؛
وقبل أن تغمضهما تماماً..
تعلمنا نحن الهرمينَ كيف نحملُ العواصف..
ونخرجُ إلى الدروبِ.
كيف نشعل الأسئلةَ.. ونزعج الجلادينَ،
كيف نحدِّقُ في الخوف.. ولا نرتجف!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق