لم يمر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بسلام، فقد تفتقت قريحة الرجال ممن لم يقتنعوا بأن المرأة في أيامنا هذه يمكن أن تتعرض للعنف، أكثر مما يتعرض له هو شخصياً.
وربما كان الحق معهم، فعلى أرض الواقع سجلت المحاكم في المغرب حالات عنف تقصدت الرجال، وجراء ذلك تم انشاء شبكة للدفاع عن حقوقهم المسفوكة، وجاء في بعض الحالات التي نوقشت عدا الضرب والتنكيل، دس السم في الاكل والشرب... فيارجال العالم، نصيحة اتحدوا وشموا طعامكم وشرابكم بعد كل مصيبة تقومون بها!
وخلال العام الماضي، سجلت 163 حالة عنف جسدي في كردستان، توزعت بين القتل والانتحار والطرد والعنف الجسدي والخيانة! لكن هذا العدد لا يدل على كل الحالات، لأن الرجال في العادة يخجلون من الإفصاح عن معاناتهم، فهناك من يتعنّف من (فم ساكت) وعادة ما تتلبسه شخصيتن الأولى يظهر فيها قوي الشخصية عريض المنكبين جسور أمام الناس، وما أن يغلق على نفسه باب بيته حتى يعود الى توازناته السرية، الآمنة.
ويدلي الاطباء النفسيون بدلوهم في هذا الوضع المقلوب، فيرجعون حالة الرجل المضروب إلى ضعف الشخصية تترافق مع الضعف البنياني والجنسي، ويشخصون حالة المرأة العنيفة مع زوجها والتي يدها والكف، أو فمها والعض بأنها مريضة نفسياً، ويمكن أن يكون تصرفها من باب الدفاع عن النفس، وفي هذه الحالة على الرجل أن لا "يحيج" نفسه لهوان الضرب!
وبمناسبة يوم مناهضة العنف ضد المرأة يوم أمس، تصاعدت حملة معاكسة صاحبتها نشر صور خبيثة تشكك بأن النساء لسن من نوع "القوارير" بالضرورة، وأن كثيرات من سالفات الذكر لا تؤثر بهن المطارق الحديدية ولا حتى الهجر في المضاجع، على اعتبار ان هذا العقاب لم يعد ناجعاً بالضرورة، ومنذ ما لا نعرف من السنين بات متبادلاً. فالمرأة أيضاً تمارس عنفها مستغلة كامل أنوثتها، فتوعك مزاجها عنف، وتقطيبة حاجبيها عنف، وبكاؤها عنف، و"النق" أيضاً عنف، وأي عنف!
وقد صاحبت المناسبة التي يحتفل فيها العالم موجة من التعليقات الظريفة طغت على "بوستات" الفيسبوكيين، فلم يسلم القانون من (التفقيس /التطنز)، يقول أحدهم "أن القانون الاجرائي الذي يمنع ويردع الضرب بحسب القانون السوري لا يتجاوز (25 ليرة) وأنه على استعداد لدفع 5000 ليرة شرط أن يفش غله، ويجد من يحميه من الضرب المضاد.
وكتب أحد الساخرين : " ذكرياتي بخصوص العنف ضد المرأة، لما أمي كانت عمتطبخ، وضربتني بالكفكير المبخوش وضل وشي معلّم عليه نقط وخطوط الكفكير شي إسبوع"
ملاحظة" الكفكير هي الكفشة باللهجة الكويتية"
وفي بوست آخر يقول :" المرأة نصف المجتمع وخاصة لما بتكون حامضة ومدهنة .. مرقة المحشي تمثلني"
يعتبر أن تهميش الرجل أيضاً أحد أهم أشكال العنف ضده، وكذلك اغواءه، والكف عن (الاخد والصد) معه.... فحين تتخلى المرأة عن هوايتها الأثيرة في المشاكسة، وتتوقف عن تبادل الردح والشجار مع زوجها، فهذا يعني أن مشكلة غير قابلة للحل تحت سقف بيته، قابلة للانفجار في أي وقت، وهذا الوقت متعلق بالمدة الزمنية لاكتشاف الصمت المريب.
في المحصلة، وبعد عناء يوم كامل في سبيل المناهضة، طالبت أصوات ذكورية كثيرة بتطبيق العدالة الاجتماعية، فيكبت الرجل غضبه ويمسك يده ويكف عن النهر والزجر في يوم المرأة المناهض للعنف، لكن بشرط أن تكف هي (بلاها) عنه فيما تبقى من أيام العام.
وفي المقابل أصرت الأصوات النسائية المناهضة بأن على الرجل أن يحترم نفسه، كي يتجنب العقوبات المبرحة!
- See more at: http://www.araa.com/article/78452#sthash.VKHBU6Yg.dpuf