http://www.araa.com/opinion/17969
لا يكون البيت بيتاً إن لم يحقق الدفء والسكينة والراحة، ناهيكم عن سلسلة من العطاءات الإضافية التي لا تقل أهمية، ومنها؛ الخصوصية والأمان والاستقرار. فأنت لا تلجأ إلى بيتك بحكم العادة فقط، بل لأنك تعرف بأنه ملاذك، وبأنك ستجد من يرحب بك فيه، ويسعد بعودتك إليه... وكذلك هي الأوطان. فالوطن، لا يكون وطناً، إن لم يوفر لك ما تستحقه من الكرامة والحرية، وإن لم يقدم لك ما يكفيك من المنافع والخدمات. فإن لم يحدث هذا لسبب ما (والأسباب كثيرة) فهذا يعني أن الوطن لا يستحق تلك المنزلة، بل هو مجرد مكان! هل تبدو لكم فكرة الوطن وفق التصور السابق مستهجنة أو مادية، أو غير منطقية! ونحن الذين نشأنا على فوقية الوطن وحقه المطلق في أموالنا وأولادنا وأرواحنا؟ حسناً، الأوضاع، هذه التي نمر بها، لم تزعزع حياتنا بتفاصيلها وأبعادها فقط، بل زعزعت - أيضاً - المفاهيم الثابتة التي تعلمناها في المدارس، ورددناها في الأناشيد الوطنية، وحشوناها قسراً في أدمغتنا جيلاً بعد جيلٍ، فكانت كالوجبات السريعة، شبعاً آنياً ومفاجئاً، لا يُغني ولا يدوم. منذ أيام قليلة، ثار جدلٌ، بين صديقين على صفحات "الفيسبوك"، فالأول يرى أن "سوريا ضاعت منا لأننا لم نقدم لها شيئا وانشغلنا عنها بغاياتنا الأنانية". والثاني يرد: "لا يفترض بكل مواطن أن يجترح المعجزات والبطولات الخارقة لكي يحتسب له أنه يخدم وطنه. فخير الوطن وسعادته يبتدئان من خير وسعادة الفرد وهذه من أبجديات علوم الاجتماع والاقتصاد." اليوم تجتاحنا جميعنا – ونحن على حافة فقدان الوطن - مشاعر على هذا القدر من الاختلاف. ولنتوازن، علينا أن نهدأ قليلاً لنعرف ما الوطن، وما الذي يشكله بداخلنا، وكيف تُبنى علاقة متينة بين أرض وبشر؟ إن ارتباطك بأرض ولدت عليها، واحتوت رفات أسلافك، ومستقبل أولادك، فكرة رومانسية للغاية، لكنها غير كافية، لأن احتمالات كثيرة ومصادفاتٍ أكثر يمكن أن تجعل من أرض بديلة قبراً أو مستقبلاً، فهل ستصبح وطناً! نعم؛ من المهم جداً أن تقوم بواجبك تجاه وطنك، كأن تدفع الضرائب، وتلتزم بالقوانين، وتربي أولادك، وتعمل باجتهاد، وتساهم ببناء مجتمع متكاتف، إنّما، وبالمقابل على هذا الوطن - دون منَّةٍ - أن يمنحك حقوقك، فالحبُّ، حتى الوطني منه، يجب أن يكون متبادلاً. لذا، ليسمحْ لي الشاعر إن لم أتفق معه، فبلادي "إن جارت عليَّ" لن تكون عزيزة، و"أهلي وإن ضنوا" ليسوا كراماً بالضرورة! -
لا يكون البيت بيتاً إن لم يحقق الدفء والسكينة والراحة، ناهيكم عن سلسلة من العطاءات الإضافية التي لا تقل أهمية، ومنها؛ الخصوصية والأمان والاستقرار. فأنت لا تلجأ إلى بيتك بحكم العادة فقط، بل لأنك تعرف بأنه ملاذك، وبأنك ستجد من يرحب بك فيه، ويسعد بعودتك إليه... وكذلك هي الأوطان. فالوطن، لا يكون وطناً، إن لم يوفر لك ما تستحقه من الكرامة والحرية، وإن لم يقدم لك ما يكفيك من المنافع والخدمات. فإن لم يحدث هذا لسبب ما (والأسباب كثيرة) فهذا يعني أن الوطن لا يستحق تلك المنزلة، بل هو مجرد مكان! هل تبدو لكم فكرة الوطن وفق التصور السابق مستهجنة أو مادية، أو غير منطقية! ونحن الذين نشأنا على فوقية الوطن وحقه المطلق في أموالنا وأولادنا وأرواحنا؟ حسناً، الأوضاع، هذه التي نمر بها، لم تزعزع حياتنا بتفاصيلها وأبعادها فقط، بل زعزعت - أيضاً - المفاهيم الثابتة التي تعلمناها في المدارس، ورددناها في الأناشيد الوطنية، وحشوناها قسراً في أدمغتنا جيلاً بعد جيلٍ، فكانت كالوجبات السريعة، شبعاً آنياً ومفاجئاً، لا يُغني ولا يدوم. منذ أيام قليلة، ثار جدلٌ، بين صديقين على صفحات "الفيسبوك"، فالأول يرى أن "سوريا ضاعت منا لأننا لم نقدم لها شيئا وانشغلنا عنها بغاياتنا الأنانية". والثاني يرد: "لا يفترض بكل مواطن أن يجترح المعجزات والبطولات الخارقة لكي يحتسب له أنه يخدم وطنه. فخير الوطن وسعادته يبتدئان من خير وسعادة الفرد وهذه من أبجديات علوم الاجتماع والاقتصاد." اليوم تجتاحنا جميعنا – ونحن على حافة فقدان الوطن - مشاعر على هذا القدر من الاختلاف. ولنتوازن، علينا أن نهدأ قليلاً لنعرف ما الوطن، وما الذي يشكله بداخلنا، وكيف تُبنى علاقة متينة بين أرض وبشر؟ إن ارتباطك بأرض ولدت عليها، واحتوت رفات أسلافك، ومستقبل أولادك، فكرة رومانسية للغاية، لكنها غير كافية، لأن احتمالات كثيرة ومصادفاتٍ أكثر يمكن أن تجعل من أرض بديلة قبراً أو مستقبلاً، فهل ستصبح وطناً! نعم؛ من المهم جداً أن تقوم بواجبك تجاه وطنك، كأن تدفع الضرائب، وتلتزم بالقوانين، وتربي أولادك، وتعمل باجتهاد، وتساهم ببناء مجتمع متكاتف، إنّما، وبالمقابل على هذا الوطن - دون منَّةٍ - أن يمنحك حقوقك، فالحبُّ، حتى الوطني منه، يجب أن يكون متبادلاً. لذا، ليسمحْ لي الشاعر إن لم أتفق معه، فبلادي "إن جارت عليَّ" لن تكون عزيزة، و"أهلي وإن ضنوا" ليسوا كراماً بالضرورة! -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق