17 نوفمبر 2013

"خريف المرأة في بلاد "الربيع"

لفحت رياح الثورات الجميعَ دون استثناء، ومع الوقت – الذي طال نسبياً - يتحول أمل المرأة في المكتسبات، تلك التي لم تتحقق بعدُ، إلى قلق تبدو مبرراته حاضرة. فبحسب آخر استطلاع حول حقوق المرأة العربية؛ أجرته مؤسسة "تومسن رويترز"، وشمل 22 دولة عربية احتلت مصر المرتبة الأخيرة، فيما اليمن وسوريا شغلتا المرتبتين 18 و 19 على التوالي. يبدو أن حضور المرأة المكثف في أحداث "الربيع العربي"، ومنذ مطلع عام 2011 لم يشفع لها، فما وضعته في "الدست" لم تجده في "المغرفة". إذ رغم مشاركتها ووقوفها كتفاً بكتف مع الرجل، وخروجها منذ البداية في المظاهرات والاعتصامات، وانخراطها ضمن الحراك الثوري الوعر، ومن ثَم انشغالها في المهام الإنسانية، وفي مجالات العمل الإغاثي والتطوعي، إلا أنها، اليومَ، تتعرض ليس للاقصاء فقط، بل وأيضاً إلى خطر خسارة مكتسبات قديمة؛ سبق أن حصلت عليها دون عناء الثورة وتضحياتها! فتونس، السباقة في مجال حقوق المرأة، صدّرت إلى سوريا بحسب ما صرح به وزير داخليتها "فتيات تونسيات لأجل ما يسمى بجهاد النكاح"، وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس التونسي بدوره "أمراً مذلاً". وفي ليبيا أُلغيت حصة "الكوتا" للمرأة من مسوّدة قانون الانتخابات، وتم التهاون مع قوانين صارمة كانت تحد من تعدد الزوجات.. فيما ناشطات مصر تعرضن للتحرش الجنسي، وتراجعت مشاركة المرأة في مجلس الشعب من 12% إلى 2% خلال فترة الرئيس المعزول محمد مرسي. أما في سوريا، ففي المناطق "المحررة" يتم فرض الحجاب، ويتراجع دور المرأة من الصفوف الأمامية إلى خانة التهميش. لم ترحم الأنظمة الاستبدادية المرأة قبل "الربيع العربي"، ولم تمسك يوماً عن زجها في السجون وتعريضها للتعذيب والاغتصاب والقتل، حيث كانت - دائماً - موضوعاً للمساومة. ويتكرر الأمر مع اجتياح المد الأصولي والتيارات الإسلامية السلفية، لموجة "الربيع العربي"، حيث يساومون بدورهم على المرأة، فهي عرضة للاغتصاب والخطف، وأيضاً لإملاء قائمة ممنوعات ومحرَّمات طويلة تصل إلى فصلها عن محيطها والحجر عليها... وإقصائها نهائياً بعد ذلك. إذن، القضية ليست دينية كما يتوهَّم البعض، كما لم تكن علمانية يوماً، وليست فصلاً ربيعياً ولا طقساً شتوياً، إنها قضية بُنية اجتماعية وثقافة موروثة في المقام الأول. لذا، نحن بحاجة إلى ثورة تلد أخرى؛ من أجل إعادة إنتاج مجتمع يقرُّ حقوق المرأة كاملة بلا مِنَّة، وينظر إليها على اعتبارها نداً وشريكاً كاملاً! - See more at: http://www.araa.com/opinion/18178#sthash.d0fkpuI2.dpuf

ليست هناك تعليقات: