01 سبتمبر 2007

مسجات حب

حين تغضب أختي فإنها ترفع حاجباً، وتنزل آخر، أما ابنتها فما أن يتعكر مزاجها حتى تتسع حدقتيها باستنكار واضح..
فالعين نافذة تشرع نفسها على الروح مباشرة، لتفضح مايعتمر داخلها من أحاسيس. ومازلت شخصياًً أؤمن بأن العيون أكثر قدرة على تبادل الشفرات النفسية التي تجعلني أميل أو لا أميل لهذا أو لذاك من الناس دون أن أعرف عنه شيئاً.. ولم تترك اللغة العربية في العين شاردة ولاواردة إلا ووضعت لها مسمى خاصاً، بحسب صفتها فهناك العين الحوراء(اتساع سواد العين كالظباء) والوطفاء (طويلة الهدب) والكحلاء( الجفن الداكن كأن به كحلاً) والدعجاء(شديدة السواد)،فأن ترميك عاشقة بلحظها هذا يعني أنها تنظر إليك بآخر عينها.
وقد أقر بجمال العين الشعراء والعشاق والحكماء وربما الساسة مؤخراً.. بل لم تستطع أياً من أنواع الجمال الأخرى أن تزاحم ماللعين من وضع خاص ومميز بما حباها الله من سلطة وسلطان.. حتى أن الطرف الذي به حور – على حد قول شاعرنا – يصبح خطراً أكيداً يجعل الناظر إليه يخر قتيلاًً.. وقد تكفلت الأبيات الشعرية بوصف العين ومعالم حُسنها، فأفاضت وأبدعت، كذلك تعهدت مستحضرات التجميل من ماسكرا وكحل وعدسات ملونة وأهداب اصطناعية بتوضيح معالم فتنة العين وإظهاره.
ولا تنحصر مخاطر العين عند حدود جمالها الفاتك فحسب، فالعيون تشِّف عما يعتمر في دواخلك من مناوشات، وما يضيق به صدرك أو يتسع .. فالعين تبرق وتلمع عند الفرح، وتكمد وتخبو حين النكد، و تنكسر نهائياً أمام المصيبة أو المحنة، أما إن داهمها العشق، فلابد للعين من أن تفضح العاشق، فهي تصفو وترق كلما طافت بملامح الحبيب،.ويبدو أن حاسة النظر سبباً مباشراً للوقوع في الحب حسب ما قال أحدهم:
إن عشقنا فعذرنا أن في وجهنا نظر
ويبدو أن هذه الطريقة القديمة – أي تبادل نظرات الحب - كانت رائجة قبل موضة رسائل الـ sms
التي
يستخدمها
بعض الشباب في محاولات غزلية فاضحة، توفرعليهم الوقت والجهد، والأدهى حين يتناقلونها علانية على الشريط المتحرك في التلفاز، فيفسدون عليّ متعة متابعة أغنية بمزاج طيب..فأنظر إلى الشاشة وأنا أرفع حاجباً وأنزل آخر كما تفعل أختي
.
مقال نشر في القبس الكويتية.

ليست هناك تعليقات: