11 سبتمبر 2007

جهة الزرقة: خفة النص

كنت أتابع حلقة من – بقعة ضوء - أحد المسلسلات السورية التي عرضت رمضان الفائت، ورغم أن الحلقة قديمة، إلا أني تابعت حركة الكاميرا بنفس حماسة المشاهدة الأولى، فاللقطات البصرية سحرتني بواقعيتها وبما نقلته من تفاصيل مبهرة في إقناعها، وفي نهاية الحلقة حمدت الله أن الدراما خرجت من حقبة التصنع التي كانت فيها أهداب الممثلة تكاد تصطدم بعدسة الكاميرا، فيما هي تتمطى متثائبة بشعر مصفف وأحمر شفاه قان.!
ولاأدري فعلا كيف كنا نتقبل تلك النوعية من المشاهد..! الواقعية أكثر تأثيراً والتصاقاً بالوجدان، لإنها تنقل حالات تشبهنا تماماً .. فنتعاطف معها حد التماهي.. وقتها تصل الرسالة المرجوة من المشهد المصور، لأنها مقنعة، وهو ماأدعوه أضعف الإيمان..
الأمر ينطبق ليس على المسلسلات والتمثيل فحسب، بل ينسحب على حالات الكتابة السردية، إذ أن المبدعين أولئك الذين يكتبون بسلاسة دون حذق الصياغة التي تربك علاقتنا ، و حين أتحدث عن هيمنة النص على القارئ أثناء القراءة فهذا يعني ارتباطه به بشكل أو بآخر ، هذا يحدث فقط عندما نتعاطف مع المادة، والتعاطف يتأتى في درجة انفعالنا مع المادة/ النص، وسلاسته.
لايعني هذا أني أقلل من أهمية الجمال اللغوي في الخطاب السردي، طالما أن الجمال أيضاً لايعني التكلف، كما لايعني استعراض العضلات اللغوية في النحت والصياغة على حساب الحدث، وعلى سبيل المثال في رواية لصديق أقدره، نغص عليّ دون رحمة متابعتي حين استخدم مفردة – جلمود وهي -للذي لايعرفها -تعني الحجر الكبير، فكان بطله يستند إلى جلمود ويفكر في حال دنياه ، مما أفقدني طاقتي على الاقتناع بأن الرجل في ورطة نفسية حقاً..
إن الكاتب سواء أراد أن ينقل واقعاً سحرياً(خليط بين الواقع والفانتزيا) أو غرائبياً فمن المستحب أن يتخفف من الحمولة الزائدة اللغوية كي يحتفظ النص بخفته
نشر في جريدة النهار الكويتية بتاريخ 9/9/2007

ليست هناك تعليقات: