منذ يومين احتفل العالم بعيد المرأة العالمي، ماذا يعني أن أتأخر يومين في الكتابة عن المناسبة والمرأة نفسها متخلفة عن الركب قرنين!الثامن من مارس ليس فرصة سانحة للتنديد بالسطوة الذكورية ورفضها، أو للمطالبة الخطابية والشعاراتية بالمساواة، بقدر ما أجده مناسبة للوقوف مع النفس، والتذكير بأن المرأة أداة فاعلة وايجابية في مسيرة الحياة، ومن ثم المفاضلة بين حقوق نالتها وواجبات قدمتها، خاصة وأن الخلط مازال على أشده بين الحرية التي تعني المسؤولية، وبين الانفلات تحت مسمى الحرية، وهو خلط إشكالي، يجعل البعض يشكك متسائلاً: ماذا قدمت أوهام الحرية للمرأة غير الانحلال الأخلاقي، وتحمل مشقة كانت في غنى عنها، والتعرض لانتهاك إنسانيتها بعد أن اختارت الخروج من مجدها البيتي عالي الأسوار؟!إذا أرجعنا تهمة الانحلال الأخلاقي إلى عدم الفهم لمعنى الحرية الحقيقي، فإن الشق الثاني من التهمة يعود إلى قصور قوانين العمل، وعدم تغيير المفهوم الاجتماعي حول المرأة ومكانتها، وهي أسباب أفسحت المجال لمنطق يحصر المفاضلة بين أهون الشرين؛ بين انتهاك خاص وآخر عام، وكأن الخير منطقة لا تخص المرأة، أو أنها ليست بحاجة إليها..! لاشك بأن تخلف وضع المرأة ما هو إلا سياق منسجم مع باقي الظواهر الاجتماعية من تطرف وعنف ومصادرة فكرية وازدواجية، و لهذا ترتبط مهمة النهوض بالمجتمع بوجود خطة تنموية متكاملة، فالوعي لايتجزأ، وهو بالتالي لايخص فئة ليتجاهل أخرى، ولذلك تبقى معضلة المرأة مرتبطة بمعضلات المجتمع عامة، ففي الوقت الذي تنتظر فيه المرأة السعودية قرارا بديهياً يمنحها شرعية قيادة السيارة، تظهر حوارات ودراسات وفتاوى تشرح مبررات المنع من منظور إسلامي، وتتساءل عن القيمة العظيمة التي تعطيها الرخصة للمرأة المسلمة..!إن تقارير اللجان والمنظمات الإنسانية تشير إلى تحسن ظروف المرأة المعيشية خلال العشر سنوات الأخيرة، وتغير بعض القوانين التي كانت تقيد أوضاعها، والحقيقة أنني هنأت نفسي أخيراً بعد أن تعامل القانون السوري معي كمواطنة بالغة راشدة تستطيع تجديد جواز سفرها من دون الاضطرار لموافقة وصي أو قيم، وأعرف أن وراء هذه الخطوة جهود مضنية وشاقة لكن الكثير من القوانين مازالت تحتاج إلى تعديل مثل قوانين الشرف، والوصاية، والحضانة، والنفقة، والتفاوت في قوانين العمل والأجور، إضافة إلى اقتصار بعض المناصب على صديقنا الرجل. نعم.. الدرب طويل، ولكننا نحتفل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق