منذ لم يعد قميصُ نومها الوردي عاري الظهر والكتفين يثير منكَ ولو التفاتة واحدة. وأنت تهجس بالفكرة... كان الضوء شحيحاً، ولم تكن تضمر لعنة، مجرد فكرة فضحتها نظرتك، حين دمعت عيناها وتناولت منديلها، مددتَ يدَك إلى صدرك تبحث عن حبك الهارب فارتطمت بالشفقة. يا للبؤس.! كممت فمك قبل أن تخرج تلك التنهيدة. تقلصت أطرافك خوف ملامسة لا تنبت ولا تزهر... كلاهما معاً اللهفة والاختناق. كنتَ حزيناً أكثر منها، تبحث عن دمعكَ الذي تجمد في المقلتين، وتحول إلى نبض في الصدغين... تهجس بالفكرة.! تتذكّر رجاءكَ المتسوّل وأنت تطلبها من أبيها، كانت حلقات الدخان تدور فوق رأسيكما والصمت الوقور... ـــ "على بركة الله"... قالها بصوته الخشن فتنفستَ الصعداء... رقصت روحكَ فالساً لا تتقن خطواته، ودغدغت جوانبك الرغبة... لكزتك أختك من خاصرتك كي تهدأ. فيما كنتما تجهزان منزلكما الزوجي قلتَ لها وعينك تغمز وحاجبك يرتفع: ـــ كل شيء في البيت سيكون باللون الوردي... غاصت غمازةٌ ضاحكة في خدها، وقفز قلبك عالياً، التفت البائع وابتسم في وجهيكما، كانت أسنانه سوداء. كان فعل ماض، عند زاوية الانكسار شفة مقلوبة. تهجسُ بالفكرة. نهضتَ فجأة، وقررتَ أن تنام وبين كتفيكما مسافة سنوات من الإنكسار، لتنتصب في الحلم حقولٌ عطشى وأشجارٌ ظمآنة. منذ أن تحوّل شأنكما الخاص إلى شأن عام، واللغط والتساؤلات تحشرك في أضيق المواقع. بعد الساحة العامَة منعطفات ضيقة ومتشابهة تسلكها في طريق عودتك من عملك إلى بيتك... تنتابك عقدة الاتجاهات... القطط فقط ترجع إلى مأواها دون أن تضل... لولا بقايا انتباهك لضعت بين ملامح الوجوه المتجهمة الرمادية للعابرين. زقاق منزلك يحتله عمال البلدية وآلياتهم، تقفز فوق الحجارة المكسورة وبرك الوحل، يبللَك المطر، ويلطمك الهواء. "الشتاء هذا العام يبدو قاسياً". كل عام تردد الجملة نفسها... يتسخ حذاؤك والمعطف... وتغوص ببركة طين لم تنتبه لها... آخر مرّة حفروا المكان نفسه، كنتَ أكثر رشاقة وأقل شحوباً، تضحك وتخوض في البرك كلها وأنت تقهقه، أما الآن فقد أطلقت لعنة وشتيمة. منذ لم تعد الذاكرة نقشاً على حجر... وأنت تهجس بالفكرة شيء ـــ لا مفر منه ـــ يضغط على أعصابك، ينسيك ألف باء الحب، وياءه أيضاً... حار بك الأصدقاء، نصائحهم البيضاء ترتق في السماء غيماً لا يمطر. لماذا الطلاق.؟ كان عليك أن توضح أمراً أنت نفسك لم تفهمه تماماً، مما جعل أصواتهم لا تعبر أذنيك، وكأن سداً مانعاً يعيق المنطق. هي تريدكَ وتقسم أنها تحبكَ أكثر من قبل.! أليست المرأة جبلاً من الرحمة..؟ تنتظر مثل مذنب برئ كلمتك العليا... ونيران غضبك تحرق الأخضر واليابس. تصل إلى بيتك مهزوماً، ترمي معطفك الشتوي المبلل بنحيب السماء، تشعر كم أرهق أكتافك ثقله. لو أنك ارتديت سترة المطر الجلدية لخففت عنك العناء... وكنت تهجس بالفكرة. فاجأك السكون كان الصمت دامساً أكثر من العتمة... في قاعة الجلوس وحشةٌ توحي بالغياب أفزعكَ منظر باب الخزانة المفتوح والفوضى التي جدَّت على المكان... تأوهت أوجاعك دفعة واحدة... جرس الباب، وجارتك تمدّ يدها بالمفتاح، تقول بأسف: "لم أستطع إقناعها بالبقاء". تهزّ رأسك بارتياح... لطالما تقدمتكَ بخطوة، أنقذتكَ من المبادرة، ووخز الضمير، كم ستشوه من الأشياء بعد غياب ابتسامتها.؟.. آخر مرة رأيت غمازتيها منذ ما لا تذكر... وكان ثالثكما حديث مقطوع... وأنفاس نرجيلة تعدها لك ثم تنسحب... تبرعم شوقٌ صغير مدغدغاً مَوات حواسك، تشرب فنجان شايك. تتقلّب قليلاً فوق فراشك، غداً في المحكمة ينتهي كل شيء... تنام على الجنب الذي يريحك. الباب يقرع ويقطع عليك غفوة الظهيرة... نصف ابتسامة وارتباك كامل يطلان من وجه جارك، يقول: "عرفت أنها تركتك... كل شيء قسمة ونصيب. هل يمكنني الدخول". تبتعد عن الباب مفسحاً له المجال. صوته يخرج غريباً وشائكاً: "ربما أتعجل في طرق الموضوع لكن يقال أعزب دهر ولا أرمل شهر لولا أني أحبك ما فاتحتك بالأمر... ما رأيك بأخت زوجتي!؟. لن أخبرك عنها.. ستعجبك حتماً... إنها ست بيت ممتازة... متأكد ستعجبك... لن أخبرك عنها، سترى بنفسك، صدقني هي تعجب ملك... صغيرة ونشطة و...". ترتعش يدك، وتدغدغ جوانبك تلك الرغبة... أين كوع أختك ليلكزك.؟
هناك تعليقان (2):
السلام عليكم و رحمة الله
فعلا رائعة رقصتك الفالسية الوردية
(o;
تعرفت على مدونتك منذ أيام
لي عودة
و للحديث بقية
مع كامل الود
اهلا بك ضيفة عزيزة على مدونتي
سوزان
إرسال تعليق