لا تؤمن بنسوية الأدب وتصدر روايتها بعد قرن
سوزان خواتمي: ستبقى القبل خرساء
حوار: محمد هشام المغربي
جريدة القبس
منذ أن اقترفت الكتابة ذنباً شهياً كانت بدايتها، تلك الصبية الحلبية، أن فازت عام 1993 بجائزة سعاد الصباح عن «رسالة إلى شهيد»، و عام 2002 حصلت على جائزة البتاني في الرقة للقصة القصيرة. والحكايات نهر يسيل.
سوزان خواتمي: ستبقى القبل خرساء
حوار: محمد هشام المغربي
جريدة القبس
منذ أن اقترفت الكتابة ذنباً شهياً كانت بدايتها، تلك الصبية الحلبية، أن فازت عام 1993 بجائزة سعاد الصباح عن «رسالة إلى شهيد»، و عام 2002 حصلت على جائزة البتاني في الرقة للقصة القصيرة. والحكايات نهر يسيل.
• أسميت مدونتك «شبابيك الغربة»، صفي لنا المشهد من شباك غربتك؟
ـــ من مدونتي أطل على نفسي المشتتة في المكان، إنها حالة من التعبير الحر، أو طريقة آمنة للقفز في الهواء، أقتل بها حالة الانتظار الحادة حين يعصف الحنين.. هي شبابيك لتواصل متبادل: أشخبط ، أحكي ، ألعب، أبكي ، وأحتفظ بحالات قلقي داخل ذاكرة الشبكة العنكبوتية ،مثل لقطات فوتوغرافية لغربتي .. المدونة بشكل عام حالة فريدة من الحرية، بعيداً عن أي سلطة.
• هل حقا قلت. «كل شيء عن الحب»؟
ـــ ما من عاقل يستطيع أن يقول كل شيء عن أي شيء، إلا المدّعي..! أحاول أن أحيط بملامح الحب، فما بين لحظتي الولادة والموت هناك فرصة لأن يعيش بنا الحب ونعيشه، وأقصد هنا فهمي للحب كطاقة على العطاء، وفي قصة «كل شيء عن الحب» التي تحمل المجموعة اسمها، أعبر عن أقصى حالات الحب، كما أرصدها من وجهة نظري، والحقيقة أني تعمدت اختيار هذا العنوان الملتبس المغري جداً والمنفر جداً، وقد صحّ توقعي، فالبعض اشترى الكتاب لأنه أراد أن يعرف كل شيء عن الحب ، والبعض امتنع عن شرائه للسبب المعاكس، فهناك من ينظر إلى الحب باعتباره عيباً، فكيف إن كان كل شيء عنه!
• يقال إن هذا العصر عصر الرواية ــ طبعا في مقابل الشعر ــ فما موقع القصة القصيرة في نظرك؟
ـــ بالنسبة إليّ ككائن يتعلق بالأشياء والأشخاص والأماكن، تعلقت بهذا الفن الجميل، فالعشرة بيننا طويلة وتمتد إلى أربع مجموعات قصصية.. القصة القصيرة لماحة، سريعة الإيقاع، مختزلة في المشاعر، عميقة في التأثير، وأيضاً متعددة الدلالات على رغم قصرها بما لايتعدى القليل من الصفحات ، وهو أمر حيوي لمن يهوى التلميح عن التصريح، والمواربة عن اليقين، ليستطيع أن يصل إلى معناه الخاص كقارئ .. إضافة إلى أنها تناسب إيقاع الحياة السريع، ليس بالنسبة إلى القارئ (المستعجل) فحسب، بل إلى الكاتب أيضاً، وأعترف بأني منذ سنة كاملة مضت أدرجت فكرة كتابة الرواية ضمن برامجي المستقبلية، ويبدو أن سنيناً أخرى ستمضي قبل أن تتحول إلى أوراق جاهزة للنشر، وعلى هذا الأساس، تخيل ــ على سبيل المثال ــ كم سأحتاج من العمر لأنشر روايتين أو أكثر قليلاً..!
• كيف ترين المشهد السردي في الكويت بمستوييه الروائي والقصصي خصوصا في ظل ظهور الجيل الجديد؟
ــ أنا من أشد المعجبات بالجيل الجديد الذي ظهر أخيرا ضمن المشهد الثقافي الكويتي، إنه جيل متميز وواع، وإن كنت آخذ عليه بعض الانتقادات والملاحظات، متمنية عليه أن لايضيق الخناق على أنفاسه، وينفتح على كل التجارب، ويوسع نطاق المنافسة الإيجابية، فلا يكتفي بإنجازه الداخلي الضيق.. ولا يحول المنافسة الشريفة إلى عداء لايفيد أحداً.. وأخيراً ألا يقتله الغرور فكلنا يعرف أنه مقبرة العظماء..
• هل القصاصة أو الروائية الكويتية تؤدي دورها والتزامها تجاه قضاياها الخاصة في نظرك؟
ــ لا أظن أن الكاتبة ــ الأنثى في أي مكان من عالمنا العربي استطاعت أن تعبر عن نفسها بالحرية المرجوة، إما تحرجاً من المواضيع المطروحة أو تخوفاً من النتائج. الكتابة وعلى الرغم من أنها شكل من أشكال التعبير عن الذات ، فهي لا تنفصل عن التأثر بالسلوك الاجتماعي والثقافي العام، وتخضع لاحتكامات مرحلتها وثقافة زمانها، مايجعلها جزءا من القضايا الجمعية العامة.. ونجد التمايز واضحاً حين نقارن الكتابات الشابة بالكتابات السابقة من خلال المواضيع المطروحة وجرأة الآراء والمناخ العام المغاير بكل تأكيد.. فحيثما كانت الكتابة فإنها تعبير عن قضية ورأي.
• في ظاهرة شبابية نلاحظ ميل الأعم لكثرة الإصدارات، ما رأيك في ذلك؟
ـــ الاندفاع الذي يقترن بمرحلة الشباب يجعلهم راضين عن قدراتهم الكتابية بما يكفي لدفعها إلى النشر، إضافة إلى عامل الوفرة المادية، لكن من جهة أخرى أنا لاأرى ضرراً من سعي أي من الكتاب الشباب المتحمس للنشر، ففي النهاية هذا يعني اصراره والتزامه في اختيار هذا الطريق، وكلنا يعلم أن المنافع لم تعد مغرية، ولم تعد الكتابة تأخذ حقها من الشهرة إلا ما قل، وفي النهاية تبقى النتيجة في مرحلة مابعد النشر، وهي المعيار الحقيقي لجدوى كل تلك الكتابات..
• تكتبين عن المرأة ، فما موقفك من نسوية الأدب؟
ـــ المصطلح بصيغته الحالية يفترض أن هناك جوهراً محدداً ومفروضاً يميز بينها وبين كتابة الرجل، وهي فكرة غير منطقية، إذ يتحقق الابداع ضمن سياقاته وسماته ومكوناته التي ترتكن إلى اللغة والمخيلة والتنوع وغيرها.. ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالسمة الجنسانية للكاتب، وكون الكتابة صادرة عن امرأة لايعني بالضرورة اشتراطات ذهنية مسبقة، كما أنها لاتحدد مجالات معينة للكتابة، وهي لاتتجه إلى القارئة الأنثى بالضرورة، كما هي الحال في ما ينتج تحت مسمى أدب الأطفال على سبيل المثال.
ـــ المصطلح بصيغته الحالية يفترض أن هناك جوهراً محدداً ومفروضاً يميز بينها وبين كتابة الرجل، وهي فكرة غير منطقية، إذ يتحقق الابداع ضمن سياقاته وسماته ومكوناته التي ترتكن إلى اللغة والمخيلة والتنوع وغيرها.. ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالسمة الجنسانية للكاتب، وكون الكتابة صادرة عن امرأة لايعني بالضرورة اشتراطات ذهنية مسبقة، كما أنها لاتحدد مجالات معينة للكتابة، وهي لاتتجه إلى القارئة الأنثى بالضرورة، كما هي الحال في ما ينتج تحت مسمى أدب الأطفال على سبيل المثال.
• إلى متى ستظل «القبل خرساء»؟
ـــ مامن موعد معين، لكنه ليس قريباً بالتأكيد، مادام المسكوت عنه يتزايد مع التزايد المستمر لهوس القمع والمحاكمات الفكرية. وفي الوقت الحالي يرتهن الكاتب مرغماً إلى حسابات تخضع لمنطق السلطوية، ولأن حرية أي كاتب أو كاتبة مازالت حرية منقوصة فلا مجال أمامه أو أمامها سوى اعتماد اسلوب التورية والتلميح لا التصريح، مما يجعل الحركة الادبية مقيدة ومشروطة بحدود التابوهات الثلاثة المعروفة.
• في قصصك لا نلمس ظهورا للمحكية والدارجة، فهل هذه مجرد مصادفة أم موقف؟
ــ في العموم الحوارات قليلة في قصصي، أعاني من مشكلة شعوري بأن المكان ضمن القصة القصيرة لايتسع للاعتماد على أكثر من تكنيك كتابي، الحوارات ان لم تكن لغاية في حد ذاتها فهي عبء على القصة، ولا اعتراض عندي على استخدام اللغة المحكية الدارجة بدرجتها العليا، تلك التي هي مابين الفصحى والعامية، كي أضمن وصول المعنى للقارئ أيا كانت جغرافية مكانه..
• بناء الحبكة يتسم بالطول في معظم قصصك، فأين أنت من الاختزال ولغة اللقطة في القصة؟
ـــ لا أوافقك في هذا، فأنا لجوجة في الكتابة، أحيانا تجرني اللغة التي أستهويها، وأجاهدها ، فأنجح حيناًً وأفشل حيناً، وفيما عدا الجملة اللغوية فأنا أسعى إلى هدفي لأني ــ كما أسلفت ــ لجوجة بطبعي، وينعكس هذا على كتاباتي وعلى اسلوب حياتي..
• في عناوين قصصك تميلين إلى صيغة مكررة وهي المضاف والمضاف إليه، ألا تولين تنوع صيغ العنوان أهمية لديك؟
ـــ يتعبني اختيار عناوين قصصي أكثر من كتابة القصة بأكملها، أتخوف من العنوان كونه العتبة الأولى للنص، وغالبا ما أترك قصتي دون مسمى وقتاً طويلاً، وأؤجلها حتى لحظة النشر الأخيرة.. لكني أعترف أني لست بارعة في هذه المسألة.
• ما رأيك في تجربة القصة القصيرة جدا وهل فكرت في خوضها، خصوصا في ظل ريادة السرد السوري في هذا المجال؟
ـــ لست من المتحمسات لهذا النوع الكتابي الذي نشأ في سوريا كتجارب أولى جديدة ومستجدة على الانواع الأدبية، أشعر أنه فن بخيل جداً، ويكاد لايعلق بي شيء من اللقطة ــ القصة، وهو رأيي الشخصي على أي حال.
• ما هو جديدك؟
ـــ رواية ستصدر قريبا بعد قرن من الزمن.. ربما!.
اصداراتها
1. ذاكرة من ورق - إصدار دار سعاد الصباح، عام 1999
2. كل شيء عن الحب - إصدار دار سعاد الصباح، عام 2001
3. فسيفساء امرأة - إصدار اتحاد الكتاب العرب، عام 2004.
4. قبلة خرساء - صوت يصعد شجر الحكاية - إصدار دار قدمس، عام 2007.