30 أكتوبر 2006

حوار مع القاصة السورية سوزان خواتمي: المغرب- أجنحة


حوار مع القاصة السورية سوزان خواتمي
لا أصدق كاتبا حقيقيا لا يقرأ
القصة هي التي تهتدي إلي وتسلمني نفسها بذراعين مفتوحين

حوار :عبد الله المتقي


سوزان خواتمي تستغرقها التفاصيل، تهتدي إليها القصة،أما القصيدة فواحة للراحة من تعب القص، في جبتها الكثير من السرود الأنيقة، والأمسيات القصصية ،على هامش تجربتها القصصبة كان هذا اللقاء
***
ماذا يعني كونك قاصة؟
يعني أن تستغرقني التفاصيل ، أن ألامس الكفوف الخشنة والسطوح المجوفة ، أن أسعى وراء الكتيم والصعب أن أتنفس الحياة بأكثر من رئة، أن أبحر ضد السائد، وأن أباغت لحظة عابرة فأجمدها، أن أعري ضحكة فأحولها إلى دمعة..
أن أكون قاصة يتطلب مني حرص خاص كي لا تنفد الكلمات في لعبة سحرية تختلط فيها الحقيقة مع الخيال دون أن تفقد الأولى مصداقيتها ودون أن تتعرى الثانية من روعتها..
أن أكون قاصة تعني أن أتفهم أطياف الحياة لأكتبها ذات قصة بشكل حيادي لا يثبت ولا ينفي ولا يدعي ولا يقاضي.. وآمل أن أستطيع.

_هل من نصوص سردية اثرت فيك حد التحول الداخلي
كل كتابة إبداعية هي محاولة مبررة لاستلابك نحوها وحين تستفز دهشتي فهذا يعني بذرة رائعة لغيرة تحمسني وتشغلني وتفتح نافذة على أفكار طارئة لكتابة ما ولنص وليد.. المخزون القرائي يفوق الموهبة أهمية في المسألة الإبداعية لا أصدق كاتباً حقيقياً لا يقرأ. فالعطش هو إنذار بسيط لصحراء قادمة.
الروايات المترجمة تدهشني غالب مؤلفات غابرييل وكل ماكتبه ايزابيل اللندي وأكثر من عنوان لباولو كويليو وميلان كونديرا . كما أن كتابات غادة السمان أثرت بي في مرحلة ما ، أتابع الأقلام النسائية بحماسة شديدة حنان الشيخ وأحلام مستغانمي وما تنشره فاطمة المرنيسي سحر خليفة
،
كيف تاتيك القصة ؟ من اين تنبع وكيف تهتدين اليها؟
الحقيقة أن الأمر معكوساً تماماً فالقصة هي التي تهتدي إلي وتسلمني نفسها بذراعين مفتوحتين وأنا أشكر لها كرمها هذا خاصة حين تفيض مثل عاشقة وترفرف، ولن أكشف سراً حين أقول للقارئ أن القصة التي تكتب نفسها هي التي تبقى وتصل إلى القارئ بسرعة أكبر وإيقاع أوقع

اول قصة كتبتيها؟متى وكيف؟
كتاباتي الأولى لم تكن قصصية بل كانت كتابات شعرية مثل بوح ذاتي يستلهم خيالاته من دفق شعوري ترافق مع أيام المراهقة .. أما قصتي الأولى جاءت لاحقاً بعد أن نصحني أستاذي خالد قطمة بالكف عن محاولة الشعر لأن كتاباتي تحتفي بالتفاصيل والشعر تكثيف،وكانت نصيحته بألف جمل .. كتبت قصة/ ألم أسنان / ولم تكن قصتي انذاك تلتزم المعايير أو الأصول القصصية .
لذلك غالبا ما أردد أن مجموعتي الأولى – ذاكرة من ورق- لا تحتوي حرفية ومهارة الكتابة القصصية لكنها الأصدق شعورياً على الإطلاق حيث جاءت الكتابة عفوية ودون حذلقة ونوايا إبداعية

فسيفساء امراة،،من هي هذه المراة؟صديقة؟الام؟ام هي سوزان التي تحلمين بها؟
إنها الأجزاء المتشظية من امرأة وحيدة ومتعددة ، نماذج تتبع تكوينها و ظرفها، فالمرأة مازالت رد فعل أكثر من كونها فعل بحد ذاته هذا مايجعلها شديدة التباين حتى في المجتمعات الواحدة .. أتحيز للمرأة كثيراً واغضب منها أكثر حين تخذلني، أملك يقيناً بأن المستقبل لن يشرق إلا في وجه أنثى نضرة تحمل بين كفيها الخصب والسلام لكن المرأة العربية للأسف مازالت على بعد شاسع من حلمي

في قصصك شغف خاص بالحب،بالمناسبة ،ماعلاقة الحب بالقصة القصيرة؟
لا يقتصر الأمر على القصة فالحب يتشابك مع الأشياء جميعها ويعلق بها ، حتى أن الهواء يحتوي على نسب متفاوتة من الاوكسجين ونيتروجين وثاني اوكسيد الكربون و.. الحب

اختيار العناوين لا يخلو من تردد؟ما هي علاقتك بالعنوان؟
علاقتي فاشلة جداً بالعنوان ، فالعنوان مازال يضللني ويضعني في قلب المتاهة أمام اختيارات كثيرة تحيرني وحين اعتمد عنواناً يكون غالباً لان القصة يجب أن لا تبقى دون عنوان أثناء النشر، فلابد مما ليس منه بد، بمعنى تحصيل حاصل وضيق الوقت .. وهي غالباُ لا ترضيني رغم أنها الواجهة الاولى التي تورط الآخر بفضول القراءة أو بالاحجام، طبعاً أحاول تدارك هذا المأزق بمتابعة الدراسات النقدية للعناوين رغم انها مسألة ذائقة فهناك من تعجبه عناويني
.
هل تكتبين قصتك انطلاقا من تصميم،ام تكتبينها تلقائيا؟
لم تضطرني الظروف لكتابة بعينها اضطرارياً سواء لالتزام بزمن أو لالتزام وظيفي، وهذا يتركني بمزاج هاوية رغم السنوات.
الآن أشعر بمدى أهمية هذا الأمر بالنسبة للكاتب حين يكون حراً ومرتاحاً ليقول كلمته ويتفرغ لابداعه دون ملاحقة ودون اضطرار ودون حسابات مسبقة أو لاحقة

هل من طقوس لسوزان ،وهي تسطر مدوناتها القصصية؟
مزاجيتي في الكتابة يمكن احتمالها فلا أطالب إلا بالقليل من الهدوء والكثير من الترتيب في المكان ، الفوضى تعيق ذهني ، الليل عادة ملائم لأنه الأكثر سكوناً وربما إلهاماً، المشكلة في الوقت دائماً إذ أن الاستغراق صار يأخذني من الحياة الاجتماعية والواجبات الضرورية، فانا أعيش نصف حياتي في الكتابة ونصفها الثاني بالاعتذار عن تقصيري أو التحايل لتأجيل الكثير مما يجب القيام به، سواء لعائلتي أو لأصدقائي ،وغالباً ما أطالبهم بالتفهم، وأهم طقس للكتابة الدافع الذي يترافق مع قراءة عمل جميل يحمسني
.
مالذي تعنيه رحلتك لحدائق الشعر؟
إنها واحة للراحة أريح نفسي فيها وأسميها نصوص شعرية وليست شعراً بالتأكيد، تسوقني نحو عالم بلا قيود أنطلق مع كلمات تفرض نفسها وتتدافع دون ضابط وبعفوية إلى ذهني، أؤمن بها كونها غريرة وفوضوية وطفلة مثل شلال دافق يحمل في عصيانه جمالياته وتفرده بعيداً عن شروط الكتابة الصارمة
.
ماذا تقول سوزان بعدما قطعت مسافة من الحياة والابداع؟
الكتابة لم تعد هامشاً بل متن يشعرني بالرضا أكثر من أي شيء آخر، فأنا أتداخل مع الحياة عبر الكتابة كأنها الوسيلة الوحيدة الباقية لي، ورغم كل الاحباطات التي تواجه عالم الكتاب والنشر فهي وعود جميلة تستحق وتستهويني مهما كانت نتيجتها، أليست أثيكا ال
..
ماهو تعليقك على مايلي
*القصة القصيرة جدا
تنوع جديد في أسلوب القصة لم يستهويني كتابة ولا تذوقاً له مؤيديه وكاتبيه
*قصيدة الهايكو
قصيدة الهايكو كما اقرأها تمثل اشراقة مكثفة للشعر، وهي مخففة من البلاغة كما يظهر ذلك عبر الترجمة طبعا لكن هناك ترجمات لها قدمتها محتفظة بروحها التي ابدعت بها كما قرأت ايضاً في تقديم بعض الترجمات
*مسرح الطفل
اولا المسرح بشكل عام هو ابو الفنون وهكذا بمعزل عن كونه مقدما للطفل أعتقد إن اعتياد الاطفال على المسرح يقوي لديهم ملكة التخييل والابداع لكن المشكلة اننا نعاني عربيا من نقص وفقر النصوص المسرحية التي تحاكي عقل الطفل دون إن تستخف به ومسرح الطفل واقعه اكثر مأساوية من واقع المسرح المأساوي الان
*الادب النسائي
مصطلح اخذ كفايته من النقاش واظنه توصيف خاطئ لنوع كتابي حتى لو استخدم بحسن نية .. لان ادب الأطفال لايكتبه أطفال بالضرورة أليس كذلك؟
*الرواية الرقمية
الرواية الرقمية تجربة جديدة الحقيقة لم اقرأ شيئا منها قرأنا عنها لكن لم اقرأ رواية رقمية للان لأبدي رأياً لكنها تمتلك مشروعيتها من انتشار العصر الرقمي عربيا وانتشار ثقافة النت بشكل واسع

_وختاما،ماهو جديدك
مجموعة قصصية رابعة جاهزة للنشر، وبذرة رواية أدون فصولا منها في محاولة لكسر حاجز الخوف الذي أشعر بها مع كل تجربة كتابية جديدة.

خاص ـ أجنحة
جريدة الروافد

ليست هناك تعليقات: