05 أبريل 2007

فانتازيا الحب.. لامفر

- " اتركيني لشأني " . صرخ زاعقاً وأشاح بوجهه عني . أول دهشتي به يوم كنت أتفلت بنزق من طفولتي .. أهرب من بين ذراعي مربيتي .. ألبس ملابس أمي الفضفاضة ، وأحذيتها التي تطل بي على عالم منتظر .. أسكب ألوان زينتها بسخاء فوق وجهي .. أعتلي منصةالحلم ، ثم أختبئ بذنبي هنا أوهناك ، فلا يجدني العفريت الأزرق .لم تتملكني أدواري التمثيلية حد التشبث ، فما أن تنطفئ طاقتي على اللعب ، حتى أضع إبهامي في فمي ، وأغفومستكينة إلى حضن أمي الدافئ .
لكن الخطى أقدار.كنت ألعب لعبة النصر القديمة ، وأبحث عن فارس ..
حين دخلت عليه، لم يزعجه أزيز مفاصل الباب الصدئةولا ارتطام القبضة النحاسية المتعمد بالحائط الإسمنتي خلفي . بل إن دخولي العاصف ، لم ينتشله منانشغاله . كان وحيداً كما ينبغي لرجل فقد الثقة بعالم مشوش ، مشغولاً بإطفاء الشمعة ولعن العتمة . يخطط دون ضجةل " ترك الشقى لمن بقى " والهروب بجلده .يقف أمام أبواب السفارات كل صباح ، حتى تؤلمه ثآليل قدميه .فرغ رأسي سوى من هاجسي به . يااااااااااه حلم عصي لا بد من تحقيقه . لم آبه كثيراً للعقوبة التي نلتها جراء غيابي الطويل .. ولم أبك أيضاً .. فقط خلعت ثياب طفولتي .. احتفيت على طريقتي بدقة قلب طارئة .. وأغمضت عليه .لم أعد أبداً كما كنت .
***
- " الحب قضية خاسرة .. دعيني لشأني " . صرخ بي .مهزوم من لا يحاول .. بدأت من حيث لا أمل . أخطط لوجودي
الحاسم في حياته . كأنها مهمتي الأخيرة والمستحيلة . حشرت نفسيفاصلة اعتراضية بين جملتين . ففي النهاية - ورغم إصبع الحذر - لن أملك من أمره أكثر من السنتيمتراتالقليلة الشاغرة داخل قضبان صدره ، هو المشغول بهَّم الرحيل غرباً .
تعاقبت علي أوقات أطول من صبري . قلبت الأمور على وجوهها لأكتشف فجوة العبور إليه .تسللت إلى تفاصيل حياته اليومية .
صباح هذا الرجل ، يبدأ بأن ينزل قدميه ببطء عن فراشه ، مغمض العينين ، مستسلماً للمشهد الأخير منحلمه .. راودته على واقع في قبضة اليد ، فانتفض بداء - لا فائدة - .شهريار عنيد ، لا يستسلم بسهولة لحكايات ألف ليلة .. لكن!
طريق الألف ميل يبدأ بخطوة . وهل من بديل عن التقدم اندفاعاً ؟ كانت خيالاته تنعكس في مرايا الروح ، مثل رغبة لا تقهر .
مابين عالمينا برزخ من حكايات فاشلة وحارس ، أشهر في وجهي سيف يأسه وزمجر مقطباً : - " إنه لا يستحق .. ستندمين ". ارتجفت ليقينه . سألته إن كان يضمن الغيب !..قلب كفيه قائلاً :- " ومن يفعل ..! "أذن من طين وأخرى من عجين ، لا أسمع .. من أجرأ من قلب متقد ؟في أول فرصة للانعتاق ، تجاوزت الحواجز الفاصلة ، والسيف الباتر ، وكلمة " لا " التي أصبحت" نعمبالتأكيد "قفزت إليه بخفة عاشقة متلهفة ، فكل ما أملكه وقت ضيق ليس أكثر من إشراقة شبابي الطري ، وتلك الأعذار التي يرطن بها موظفو السفارات ليرفضوا طلبه .
***
- " أيتها الشقية ألا تتراجعين ؟ ". صاح بتعب .لا يمكنني التخلي عنه .اتخذت هيئة العاشقات : انتفاضة بدن .. تورد طفيف .. بريق لا يخفى على أحد .. إيماءة تدعوه ، ثم تستحي . ضحك مني حتى دمعت عيناه ." صغيرة على الحب " ذكرته بسعاد حسني التي انتهت قافزة من برج عال .بدأ يلاحظني ، سعاد .. هند .. سلوى .. رجاء ، لا يهم ، أنا له كل الأسماء . خطتي لا تنتهي عند هذا الحد ، بل تبدأ من هنا .اختصاراً لوقت مهدور يلسعني ، وبحسب ما تقضيه لعبة الأشباح والأرواح ، احتفظت بالموقع المناسب مابين الحنين والذكرى ، فلا أهمد في بقعة واحدة ، أتحرك هنا وهناك ، وتزوغ عيناه ورائي . التصق بي كما أريد ، وبادلني قبلة ساخنة .بقدر ما أذكر أفلتني من بين ذراعيه . التقط سماعة الهاتف الرمادية ، ضغط فوق الأرقام المطلوبة ، طالباً فنجان قهوة وأحد أصدقائه ، لاذ بهما من كارثة شعورية يتحسب لها ، وأعاد من البداية حساباته .أسعدني ارتباكه .. وحدة مزاجه .. وأرجله التي تدور لتعود إلى نفس النقطة ، حيث أنا ..
***
- " من أنتِ .. من أين لك القدرة على كل هذا الحب ؟ " سألني .أدركت أن السهم أصاب هدفه ، وأن جليد مشاعره يذوب .. ويذوب .صار له مزاج البارود ، يشتعل لأدنى سبب ، وحين صرخ مستغيثا مني .. ناداني .في اللحظة الحاسمة ، استجمعت كل ما قد يشكله الشوق ، وظهرت ، ليعلن بخاتم برق في إصبعي ، أنه فكر بيطويلاً ، وأني حبيبته التي فقدها أكثر من مرة وعثر عليها أخيراً .. مزق كل الأوراق الجاهزة للسفر .. وقرر البقاء .
***
- " أفديك يا غالية " . همس في أذني .لا نصر دون فرسان .سماء عريضة وأحلام تترى . أفك حزام العشق الطارئ ، و أتنفس الصعداء .هاأنا أشبه كل النساء اللاتي عرفهن قبلي ، وكل النساء اللاتي لن يعرفهن بعدي ، أتقلب بصعوبة في فراشه ببطن منتفخ ، أمص حبوب النعنع لنبقى معاً على أنفاس الحب النشطة .

ليست هناك تعليقات: