04 نوفمبر 2007

شرطة مرور حلب حفظها الله تستخدم طائرات الهلوكبتر

إذا كنت- على غير العادة- تعبر الشارع من ممر المشاة، محتمياً بالإشارة الضوئية الخضراء التي تعني –إعبر- وكانت السيارات مازالت تندفع من حولك، رغم أنف الإشارة الضوئية الحمراء التي تعني – توقف
..
إذا كانت الأرصفة محطمة، وبارتفاعات مختلفة، وتُستخدم كمصف للسيارات، بحيث يصبح المشي فوقها أشبه بمشي البهلوانات فوق سلك
..
إذا رأيت دوار (عين الله عليه) مع ذلك فهو محاط بالإشارات المرورية، فاعلم أنه إنجاز خاص لا علاقة له بعجائب الدنيا بل بتنظيم السير، ورغم ذلك فهناك سيارات توفر على نفسها البنزين، فلا تتكلف مشقة الالتفاف الكامل حول الدوار
..
إذا كنت شاهدَ عيان على مخالفة سرعة صريحة، أو وقوف في الممنوع، أو عرقلة سير، والتفت لتجد شرطياً مستكيناً يرى ما رأيته دون أن يحرك ساكناً
..
إذا هاجمتك سيارة فخمة أو حتى سيرفيساً شعبياً (المساواة الطبقية هنا واضحة)من غير أن تخفف سرعتها، رغم أنك تركض بكل طاقة ساقيك، ولهفتك على الحياة، لتصل مقطوع الأنفاس إلى الرصيف المقابل
..
إذا كنت في شارع عجائبي (له علاقة بعجائب الدنيا السبع) قديم ورصين في منتصفه جزيرة من الأشجار الظليلة والوارفة الممتدة لكن كلا الطرفين باتجاه واحد
..
إذا كنت في طريق بين المطب والمطب هناك مطب، هذا غير المطبات التي أحدثتها الطبيعة في الإسفلت القديم والمشروخ، وجميعها مفاجئة لأنها غير مخططة، فعليك إن أردت أن تتفاداها أن تحفظ مكانها.. وإلا
..
إذا كنت في شارع يشبه يوم الحشر، بحيث يختلط فيه الذي يمشي على قدمين، بالذي يركب السيارة، بالذي يقود دراجة هوائية، بالذي يركب – طرطيرة- بالذي يتعكز على عصاه، بالتي تدفع عربة أطفالها، دون أي فارق بين شيء وآخر..
إذا كنت في شارع باتجاه واحد، وفاجأتك سيارة قادمة من حيث لا تعلم، فأنت أمام احتمالين إما أن يرسل لك قائدها ابتسامته اللزجة، أو أن يضطهدك بنظرة فوقية.. وفي كلا الحالين عليك أن تفسح له الطريق
..
إذا كنت ممن أنعم عليهم الله بمقود سيارة، واعترضك كائن يقف في منتصف الشارع دون أن يتحرك، لأنه يريد أن يوقف تاكسياً أو سرفيساً، فعليك أن تعتمد شطارتك فتلتف من ورائه أو من أمامه، دون أن تلمس ظهره أو بطنه أو حتى تخترق نظرته – المستنكرة- التي يطلقها عليك لأنك أزعجته
..
إذا كنت تمر تحت جسر، والسيارات تطلق زماميرها فتملأ الأرض والسماء، دون سبب معروف، وهي تقف في أنساق ( ملخبطة) لأن الخطوط الأرضية مفقودة تماماً، و يقسم العارفون بواطن الأمور أن أي شارع يتم تخطيطه يزول بعد أيام معدودة، أو حتى ساعات معدودة
..
إذا كنت في عز الظهيرة- مسلوق مثل دجاجة- أو في آخر المساء – متعب ومنهك- وأشرت إلى تاكسي كي ينقلك بضمان مكان الإقامة إلى حيث تريد، فإنك ستصدم بأن السائقين هم اللذين يقررون وجهة مسيرهم، وأنت وحظك الذي غالباً ما ينتهي بانطلاقهم، تاركين حضرتك للأقدار السماوية
..
إذا ركبت سيارة إجرة، وأردت أن لا تسمع شتيمة تخص كرمك المشكوك بأمره، فعليك الامتثال إلى ما يطلبه السائق منك بغض النظر عما سجله العداد
..
إذا ركبت تاكسي مع سائق لا يعرف أيا من شوارع المدينة الرئيسية ولا الفرعية، ولا أي معلم من معالم المدينة، وكان ينطلق مثل سهم، و(يزوبق ) بين السيارات الأخرى في حركات بهلوانية، فيما يلتصق ظهرك بالمقعد، وأنت تصلب أو ترتل آيات قرآنية على نية الوصول بالسلامة
..
إذا كنت في سيارة أجرة، وفتح السائق معك حديثاً يسألكِ عن دينك، وعن السبب الذي يجعلكِ تسيرين دون حجاب رغم أنك - ماشاء لله عليك- تبدين بنت ناس أوادم ومحترمين
..
إذا شاءت أقدارك أن تعلق بزحام المدينة دون أن تجد مكاناً تركن فيه سيارتك، أو تجد نفسك محاصراً في شارع ضيق لا تستطيع أن تمر به لأنه مشغول برتل من السيارات على جانبيه
..
إذا صدف أنك مستعجل، وليس أمامك خيار سوى السيارة القديمة المتهالكة التي وقفت لك ، فستجد أن مقعدها وسخ وأنك لا تستطيع أن تسند ظهرك، ولا أن تلمس المسند، ولا أن تفتح النافذة لأنها معطلة، فتتساءل ببراءة متى كانت آخر مرة دخلت تلك السيارة الفحص الفني وخرجت بختم اللياقة
..
فيما لو انطبقت عليك كل الاحتمالات السابقة، فهذا يعني أنك مواطن يعيش في مدينة حلب، وأن احتفالية عاصمة الثقافية الإسلامية قد انتهت وأخذت معها التنظيم الظاهري الذي رافقها، وأن أياً من المسؤولين المعنيين بقضية المرور والتنظيم لم يعد يستخدم شوارع المدينة، بل صاروا يركبون طائرات الهلوكوبتر، لأنه السبب الوحيد الذي يجعلهم يتغاضون عما يحدث في شوارع الموت والفوضى
..

ليست هناك تعليقات: