كل مَنْ مازال قادراً على متابعة أحداث اجتياح غزة من خلال الصوت والصورة، يلاحظ الفروق الواضحة بين التنديدات والشجب والمظاهرات الشعبية التي تطالب بوقف نزيف الدم المهدور، وبين اللغة الدبلوماسية الباردة والعاجزة عن اتخاذ قرارات حاسمة أو غير حاسمة، وبين البيانات المقتضبة لاسرائيل، وردودها التي تبدو غير معنية الا بما صرح به الناطق باسمهم في الاذاعة بأن العملية (تحقق أهدافها).. ما يعني أن عين العدالة العوراء هي إحدى الحقائق القاسية للحياة، وأن القوة تفرض منطقها حتى مقابل الصور المروعة لأشلاء الأطفال في حرب الابادة بين طرفين غير متكافئين، لتصبح ارادة القوة هي القيمة الأخلاقية المطلقة، والمصدر الأساس للحق، أما بالنسبة لأهالي غزة الواقفين في طابور الموت، فليس لهم سوى التكيف مع دعواتنا الصادقة بصرف البلاء عنهم، واغماض العينين وتغطية الوجه أو الرأس لاتقاء القذائف التي تمطر فوق رؤوسهم.. اذ لا يبدو أن أحدا أقرب من فنزويلا على خارطة العالم الجغرافي سيستحي، والا لطبقت القرارات الخجولة لمجلس الأمن الدولي بوقف الحرب، ولأجبرت الأطراف المتعنتة على الجلوس الى طاولة المفاوضات، لكن العملية (تحقق أهدافها) وكي تتحقق أهداف العملية على كل الأصعدة، حتى تلك التي تتم في الخفاء، لابد من أن تدفع الشعوب الثمن غالياً من أرواحها وأمنها وبيوتها والبنية التحتية لمدنها. ان الاستبداد، والطغيان، والظلم، وآليات التدمير الاسرائلية لا منطق لها، والمضحك المبكي أن الفزعة العالمية لمناهضة الارهاب، والتي باتت تقوم على مبدأ ارهاب الارهاب، ستنتبه لاحقاً الى أن عدد القتلى المدنيين في غزة، والذي تجاوز «حتى كتابة هذه السطور» الـ 900 هم من ضحايا الارهاب الاسرائيلي..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق