كل من تابع ثورة 25 يناير في مصر التي رفعت بإصرار شعار «إسقاط النظام» تأكد من أن الشعب المصري لا يمكن أن يتخلى عن قدرته على الضحك حتى في أحلك الظروف، عبّر أحدهم عن ذلك قائلا: «عمركم شفتم ثورة دمها خفيف زي ثورتنا؟!» الحقيقة ليس بعد.
يبدو أن ثورات التغيير تهب مختلفة عما اعتدناه، فثورة يناير تميزت بانضباطها، وما كان يحدث في ميدان التحرير من إيثار و تضامن لم يكن متاحاً في سالف الأيام. ولا ننسى بأن الثورة السلمية المدهشة، كانت أيضاً ثورة غضب شعبي، لكن؛ ولأنها في مصر، فقد كان غضباً مختلفاً، امتزج بمستوى عال من حس الدعابة وتجليات النكتة، ذلك بحد ذاته كان مضحكاً. فالمتظاهرون المعتصمون في ميدان التحرير وأولئك الذين مشوا في مظاهرات كانوا يعبرون عن أوضاعهم ومطالبهم بهتافات لاذعة، وسخرية فريدة تضمنتها لافتاتهم التي حملوها. أحدهم كتب «مبارك يتحدى الملل». فيما رفع عاشق شكواه فوق ورقة قائلاً «ارحل، مراتي وحشتني».
تلك اللقطات من الانتفاضة «الضاحكة» وغيرها كثير استأثرت باهتمام الكاميرات؛ فتناقلتها نشرات الأخبار، وصفحات الانترنت، وتسجيلات اليوتيوب، مبرزة روحاً ساخرة ينعم بها شعب كامل.
لكن؛ لماذا في مصر بالذات، هل هو تأثير مياه النيل؟ لا أظن؛ فأنا أعرف أصدقاء يقيمون هناك منذ سنوات، ومنسوب خفة الدم عندهم مازال في الحضيض!
لقد توصل الباحث الألماني راينر شتولمان إلى أن الشعوب الافريقية عموماً، وم.صر على وجه الخصوص، أكثر ميلاً للضحك، رغم أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. فالنكتة الجيدة -حسب رأيه- «تحتاج إلى لحظة مدهشة وإلى تناقض يحيرنا من دون أن يصرف انتباهنا، ولفهم النكتة يجب أن تحتوي على توازن بين الشيء المعروف والشيء الغريب»، إذ تعتبر النكتة وسيلة لماحة لاحتمال ضغوط الحياة ومتطلباتها الصعبة، ومن خلال ذلك الفهم يحق لمصر أن تكون رائدة، على اعتبار أن التناقض اللازم لمفارقة النكتة موجود في كل مشهد، وفي كل لحظة من تدابير الحياة المصرية اليومية.
نجاح الثورة أيقظ أفراحاً نائمة في شوارع العواصم العربية، والقلوب التواقة للحرية، وظهرت «القفشات» الجديدة، يقول أحد الأصدقاء ممن كانوا في الميدان «آسف يا جماعة غيابي عن الفيسبوك، كنت رايح في مشوار صغير أسقّط النظام وأرجع تاني»
ويقول آخر: «المصريون بعد سقوط النظام يرفعون السقف، ويطالبون بإسقاط اوباما»
الحقيقة ان المصري ليس الأمهر في إطلاق النكتة فقط، بل وبحُسن تلقيها بكل قهقهة ممكنة. لاحظت ذلك أثناء حضوري عرضاً مسرحياً، كان المصريون ممن حولي يستسلمون لنوبات الضحك، إلى درجة أنستني النكتة المفترضة فوق خشبة المسرح، لأصاب بعدوى القهقهات.
أخيراً؛ إن كانت النكتة بالفعل تدفع ضغوط الواقع المزمنة، فمن المتوقع سريان عدوى خفة الدم قريباً إلى باقي شعوب المنطقة. وهذا جيد، لكن أكثر ماأخشاه أن يتأثر منسوب خفة دم أخواننا المصريين بعد تحسن أوضاعهم في مرحلة مابعد الثورة!
يبدو أن ثورات التغيير تهب مختلفة عما اعتدناه، فثورة يناير تميزت بانضباطها، وما كان يحدث في ميدان التحرير من إيثار و تضامن لم يكن متاحاً في سالف الأيام. ولا ننسى بأن الثورة السلمية المدهشة، كانت أيضاً ثورة غضب شعبي، لكن؛ ولأنها في مصر، فقد كان غضباً مختلفاً، امتزج بمستوى عال من حس الدعابة وتجليات النكتة، ذلك بحد ذاته كان مضحكاً. فالمتظاهرون المعتصمون في ميدان التحرير وأولئك الذين مشوا في مظاهرات كانوا يعبرون عن أوضاعهم ومطالبهم بهتافات لاذعة، وسخرية فريدة تضمنتها لافتاتهم التي حملوها. أحدهم كتب «مبارك يتحدى الملل». فيما رفع عاشق شكواه فوق ورقة قائلاً «ارحل، مراتي وحشتني».
تلك اللقطات من الانتفاضة «الضاحكة» وغيرها كثير استأثرت باهتمام الكاميرات؛ فتناقلتها نشرات الأخبار، وصفحات الانترنت، وتسجيلات اليوتيوب، مبرزة روحاً ساخرة ينعم بها شعب كامل.
لكن؛ لماذا في مصر بالذات، هل هو تأثير مياه النيل؟ لا أظن؛ فأنا أعرف أصدقاء يقيمون هناك منذ سنوات، ومنسوب خفة الدم عندهم مازال في الحضيض!
لقد توصل الباحث الألماني راينر شتولمان إلى أن الشعوب الافريقية عموماً، وم.صر على وجه الخصوص، أكثر ميلاً للضحك، رغم أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. فالنكتة الجيدة -حسب رأيه- «تحتاج إلى لحظة مدهشة وإلى تناقض يحيرنا من دون أن يصرف انتباهنا، ولفهم النكتة يجب أن تحتوي على توازن بين الشيء المعروف والشيء الغريب»، إذ تعتبر النكتة وسيلة لماحة لاحتمال ضغوط الحياة ومتطلباتها الصعبة، ومن خلال ذلك الفهم يحق لمصر أن تكون رائدة، على اعتبار أن التناقض اللازم لمفارقة النكتة موجود في كل مشهد، وفي كل لحظة من تدابير الحياة المصرية اليومية.
نجاح الثورة أيقظ أفراحاً نائمة في شوارع العواصم العربية، والقلوب التواقة للحرية، وظهرت «القفشات» الجديدة، يقول أحد الأصدقاء ممن كانوا في الميدان «آسف يا جماعة غيابي عن الفيسبوك، كنت رايح في مشوار صغير أسقّط النظام وأرجع تاني»
ويقول آخر: «المصريون بعد سقوط النظام يرفعون السقف، ويطالبون بإسقاط اوباما»
الحقيقة ان المصري ليس الأمهر في إطلاق النكتة فقط، بل وبحُسن تلقيها بكل قهقهة ممكنة. لاحظت ذلك أثناء حضوري عرضاً مسرحياً، كان المصريون ممن حولي يستسلمون لنوبات الضحك، إلى درجة أنستني النكتة المفترضة فوق خشبة المسرح، لأصاب بعدوى القهقهات.
أخيراً؛ إن كانت النكتة بالفعل تدفع ضغوط الواقع المزمنة، فمن المتوقع سريان عدوى خفة الدم قريباً إلى باقي شعوب المنطقة. وهذا جيد، لكن أكثر ماأخشاه أن يتأثر منسوب خفة دم أخواننا المصريين بعد تحسن أوضاعهم في مرحلة مابعد الثورة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق