كان القط يركض بحماسة والفئران تفرّ مذعورة منه.. الجميع كان يجري، وكلما اقتربت الفئران من رأس المثلث ضاقت الجدران عن جانبيها. قال الفأر عباس لرفيقه حكيم وهو يلهث: قل لي ياحكيم، إلى متى سوف نركض أمام الخوف؟ قال حكيم: سوف نبقى خائفين وهاربين مادمنا نعتقد بأننا مجرد فئران!
قال الفأر عباس: وهل نحن إلا كذلك؟ قال الحكيم: ولكن تقدير معنى كلمة فأر يختلف بيننا وبين القط، فنحن بالنسبة له مجرد طعام واستثمار، بينما في نظر أنفسنا فإن الفأر أكثر ذكاء من الفهد والنمر، وأكثر إنسانية من الذئب والدب. ومع نطق كلمة دب تعثّر الفأر حكيم وأصدرت دحرجته واصطدامه بالجدار صوت دب دب دب دج آي يا أمي. غير أن يد الفأر عباس تلقفته من عثرته فأنهضته وأخذ يجرّه خلفه لاهثاً. قال حكيم: اتركني ياعباس، اتركني لعلّي أكون فداء لكم. قال عباس: لن تكون سوى وجبة تؤخر وجبة قادمة؛ لقد صلبوا المخلّص يوماً، ولكنهم لم يتوقفوا عن الصلب والقتل إلى الآن. هيا اجرِ بسرعة يا صاحبي.. وكان القط يتقدم والمسافة تقصر إلى درجة أن ظلاله أدركت الرتل الأخير من الفئران المنداحة أمامه والجدران الشاهقة تضيق عن جانبيها دون أن تترك لها منفذاً تتسرّب من خلاله، وكان الفأر حكيم يقصّر في جريه، الأمر الذي دفع صاحبه عباس لأن يردفه على ظهره ويتابع الجري به. قال عباس مخاطباً حكيم: لطالما سخرتَ من أهمية العضلات يا صاحبي مفضلاً الحكمة عليها. قال حكيم وذيله بين ساقيه: الحكمة لا تنفع أصحابها، وهي ليست شيئاً إذا لم يتلقفها الشعب، الحكمة بحاجة إلى جمهور والجمهور يحتاجها ولطالما أكلت الحكمة أصحابها.
نظرة من الأعلى إلى أسفل: كانت الحياة تجري، والفئران تجري، والقط يجري، كل منها لهدف مختلف، لم يكن القط ليبذل كثير جهد في جريه لعلمه أن رأس المثلث مغلق بينما الفئران تجهد نفسها بأمل أن تجد منفذاً في النهاية.
قال حكيم لصاحبه: أنزلني يا عباس فقد صار باستطاعتي أن أجري. قال عباس: نعم فالسرعة أهم من الحكمة في وضعنا الحالي، ثم راحا يجريان مع الجموع المتدفقة نحو المجهول بينما قهقهات القط المرعبة تلطم شغاف الفئران وتضاعف من سرعتها. أخيراً عندما انحشرت الفئران في الزاوية ووصلت القصة إلى ختامها ورفع القط كفّه وأبرز مخالبه وامتدّت ظلالها فوق أرواح الفئران العزيزة عليها، نظرت الفئران عن يمينها ويسارها وخلفها فلم تجد سوى الجدران وجموعها المحاصرة. لحظتذاك صرخ الفأر حكيم: أيتها الفئران ياإخوتي، انظروا إلى أعدادكم الهائلة مقابل قط وحيد! وفجأة أدركت الفئران قوتها فهجمت على القط ومزقته وأكلته حتى لم تترك منه سوى ذيله الملتوي لكي تتذكر سائر القطط أن تترك منفذاً عندما تحاصر الفئران..
نقلا عن موقع ( الجمل بما حمل)
http://www.aljaml.com/node/67521
قال الفأر عباس: وهل نحن إلا كذلك؟ قال الحكيم: ولكن تقدير معنى كلمة فأر يختلف بيننا وبين القط، فنحن بالنسبة له مجرد طعام واستثمار، بينما في نظر أنفسنا فإن الفأر أكثر ذكاء من الفهد والنمر، وأكثر إنسانية من الذئب والدب. ومع نطق كلمة دب تعثّر الفأر حكيم وأصدرت دحرجته واصطدامه بالجدار صوت دب دب دب دج آي يا أمي. غير أن يد الفأر عباس تلقفته من عثرته فأنهضته وأخذ يجرّه خلفه لاهثاً. قال حكيم: اتركني ياعباس، اتركني لعلّي أكون فداء لكم. قال عباس: لن تكون سوى وجبة تؤخر وجبة قادمة؛ لقد صلبوا المخلّص يوماً، ولكنهم لم يتوقفوا عن الصلب والقتل إلى الآن. هيا اجرِ بسرعة يا صاحبي.. وكان القط يتقدم والمسافة تقصر إلى درجة أن ظلاله أدركت الرتل الأخير من الفئران المنداحة أمامه والجدران الشاهقة تضيق عن جانبيها دون أن تترك لها منفذاً تتسرّب من خلاله، وكان الفأر حكيم يقصّر في جريه، الأمر الذي دفع صاحبه عباس لأن يردفه على ظهره ويتابع الجري به. قال عباس مخاطباً حكيم: لطالما سخرتَ من أهمية العضلات يا صاحبي مفضلاً الحكمة عليها. قال حكيم وذيله بين ساقيه: الحكمة لا تنفع أصحابها، وهي ليست شيئاً إذا لم يتلقفها الشعب، الحكمة بحاجة إلى جمهور والجمهور يحتاجها ولطالما أكلت الحكمة أصحابها.
نظرة من الأعلى إلى أسفل: كانت الحياة تجري، والفئران تجري، والقط يجري، كل منها لهدف مختلف، لم يكن القط ليبذل كثير جهد في جريه لعلمه أن رأس المثلث مغلق بينما الفئران تجهد نفسها بأمل أن تجد منفذاً في النهاية.
قال حكيم لصاحبه: أنزلني يا عباس فقد صار باستطاعتي أن أجري. قال عباس: نعم فالسرعة أهم من الحكمة في وضعنا الحالي، ثم راحا يجريان مع الجموع المتدفقة نحو المجهول بينما قهقهات القط المرعبة تلطم شغاف الفئران وتضاعف من سرعتها. أخيراً عندما انحشرت الفئران في الزاوية ووصلت القصة إلى ختامها ورفع القط كفّه وأبرز مخالبه وامتدّت ظلالها فوق أرواح الفئران العزيزة عليها، نظرت الفئران عن يمينها ويسارها وخلفها فلم تجد سوى الجدران وجموعها المحاصرة. لحظتذاك صرخ الفأر حكيم: أيتها الفئران ياإخوتي، انظروا إلى أعدادكم الهائلة مقابل قط وحيد! وفجأة أدركت الفئران قوتها فهجمت على القط ومزقته وأكلته حتى لم تترك منه سوى ذيله الملتوي لكي تتذكر سائر القطط أن تترك منفذاً عندما تحاصر الفئران..
نقلا عن موقع ( الجمل بما حمل)
http://www.aljaml.com/node/67521
هناك تعليق واحد:
احببت ما تطرحى من مواضيع تحلل الواقع بطريقة محببة الى قلبى,,, أتابعك وانقل ما تنثرين للطرف الأخر من الناس بعد اذنك,,, واضع تنويه لكى صاحبة الكتابات الطيبة.
إرسال تعليق