22 مارس 2007

تحولات المزاج

(أن أكون ممتلئة بالخراب(عادي).. أن أكتب التالي(عادي

للشاي طعم كابوس، ومثله ساخن وحارق ، الآلام تخترع لسعتها، تبحث عن ثغور تعبر منها، تجده في الظن، المكان الرطب جداً، تقيم، تذوب في فنجاني..
يركض هذا الصبح نحو الوجوه الحزينة، والدمع معلق مابين الزرقة والغيم ..

الكتابة شحاذة من نوع ما.. وباب للاشفاق على الذات البايرة (بمعنى العانس- أجلكم الله) مفتوح دائماً، فتبكي الحروف.. لتكتمل اسطورة الحزن البليدة.. يبقى الحزن نيئاً حتى نقدده مكتملاً، وحين نقرأه من جديد، نبكي من جديد..كأننا في ماراثون مع النكد..وطبعاً لاأريد من يسبقني، أنا الكائن الأكثر خراباً..

كان يمكن لهذا الحال أن يستمر خاصة وأن أحداً من العرافين أو قارئي الكف ، أو محللي أوضاع الشرق الأوسط، نطق حرفاً عن الأمل بأيام قادمة تفوح بنعناعها
لكن الذي حصل أن الصديق اللطيف " أحمد محجوب" والصديق اللطيف " أحمد المنشاوي " وكلاهما من أخوانا المصريين المتنامي الظرافة، مافتئوا(بمعنى كل ماشافوا خلقتي) .. يحاولون تعديل طقسي المزاجي بطقس ضحكاتهم الربيعي
"فأحمد الأول كتب كتعليق على أحد نصوصي:" ليه كده بس ياخالتي
وحين قرر الصديق اللطيف أحمد الثاني أن يدخل عالم البلوجات متأخراً بعض الشيء ، بدأه بمقال ساخر لمشكلة تنقط
..وهكذا أنقذ نفسه وأنفسنا من مشكلة حرق الدم رغم خطورة الموضوع وسخونته
:عندئذ أنا خجلت من حالي وأحوالي، ومن تخثر دمي، وتوقف الموجة عند : وشششششششششش جاءنا البيان التالي
مما جعلني أفكر ملياً – كذا ونص تقريباً – بأن أكمل نصي المأساوي، بطريقة الكوميديا السوداء
فجاء على النحو التالي
بالنسبة لكِ، لتكن الأمور واضحة، حتى لو جعلك هذا تكفين عن التحليق في سماء – الرجل الذي يحبني لاغنى له عني- فالحقيقة باينة كعين الشمس قبل الخسوف.. ولاداعي البتة لأن تقولي له

.عيناك المعصوبتان إلى الأمس كي لاتراني
.على الله الآن أن يتداركني

العلم عند الله، لكن في هذه الحالة ليته يتدراكه قبلك، كي تجدي الوقت لرثائه، وكتابة نص يعلقه التاريخ على أحد بواباته الإبداعية، نوبل مثلاً : فيما لو فتحوا باب ترشيح نصوص النعي الحزينة
وهي أمنية لاتعتبر خبيثة على الإطلاق، بل أظن أن نصف حواءات بلادنا، يرفعن أيديهن إلى السماء في لحظة يعتقدن أنها قريبة ومنصتة، ويدعون كي " يجعل يومو قبل يومها" أما النصف الثاني من حواءات بلادنا، فأعرف أنهن "يلهجن بغضب ما: " أي شيء ياربي .. ياأنا ياهو .. المهم نخلص

فزع نافر وجبيني مرهق بالرؤى، لحياة أخرى لاتغرسك في تفاصيلها مثل نشيج
النسيان، وما تركناه فوق أديم الماء
ظلالنا متعانقين، والورود التي تصغي
يعوي الألم يمزق ما في الصدر من وحشة وخوف
"أضيع ،كأن الضياع وجهي، وكأن الضياع لايفلت يدي، وكأنه يعلنني "غريبة لم يتعرف عليها أحد
..!ولست جثة بعد
لكن أحداً لايسألني، لماذا ترحلين، لماذا تتشرد خطاك بين الملح والملح، لماذا تتجاوزك النبوءة ، لماذا يختلط اللون باللون، فلايبقى من لونك أثر

أظنك تتكلمين عن الخوف، وتحولين النية المشكوك بأمرها إلى مصدر للقلق، لنا عيوبنا، التي تجعلنا نتربص بلأخطاء قبل وقوعها، ومن ثم نقحمها بالكثير من النتر والشد والغلظة إلى صميم علاقاتنا
كأننا نختصر الطريق، فنزعل قبل أن يحل وقت الزعل
نحمل الهم قبل أوان وقوعه، فقط لإثبات ذكاءنا، فنبدو متباهين بقدرتنا على تحليل المواقف، واستجلاء أهدافها القريبة والبعيدة لأمر قد يحدث وقد لايحدث.. في هذه الحالة أليس الغباء نعمة؟؟.. والتطنيش على رأي المطنشين تطول العمر وتحيي العظام وهي رميم
هكذا يبقى الأصدقاء أصدقاءاً إذا تجاوزنا هفواتهم الصغيرة، أو على الأقل لم ننبشها
ويبقى الأحباء أحباءاً لأننا لم نكتم على أنفاسهم، ونطرق قشرة دماغهم بالمطرقة والمسامير
ويبقى أولادنا لايغادرون الغرفة فور دخولنا، لأننا قررنا أن لا نفتح لهم سير أبوزيد الهلالي الذي صنع نفسه بنفسه، ولم يكن يعرف النت وسماعات الام بي فور، وتسريحات الشعر المجنونة

لأنهم غواية الليل، يتركون الندوب والحروق، يذرون الرمل داخل العين التي أحبتهم
الضلالات .. الضلالات
الشاردون.. الشاردون
هالات الأرق
البحث عن ولع مات صغيراً ومابلغ الحلمٌ.. كانت له عينين مدورتين صغيرتين ويدين ناعمتين تفوح منهما رائحة الحنة

كل شيء قابل للتغير، مادامت الكرة الأرضية تدور، الثبات حالة وهم خالصة، وبقاء المشاعر حيث هي أمر يخرج عن مدركات الطبيعة
طبيعي جداً أن كل شيء يولد صغيراً ثم يكبر ويهرم وبعدها يموت.. لكن ال(مش) طبيعي والقابل للتشكيك ماأشاعه جابرييل مركيز في " الحب في زمن الكوليرا"
ورغم أنها من أروق قصص الحب التي تستلبك حين قراءتها وبعد قراءتها، إلا أنها أضغاث أحلام
رواية ياعالم، يختلط بها العقل بالجنون والواقع بالمتخيل .. الزلمة بعد أن نال نوبل جالس في إحدى مدن المكسيك وقد جاوز الثمانين أو يكاد ، متفرغ للتحليق وراء الخيالات،و فيما هو يتأرجح في أجوائه الماركيزية ، يتحسس في عمق ذاكرته دقة قلب قديمة، لا يضيعها بل يضع لها سماعات ألف فولت، ويتفرغ لكتابة ذلك الصوت، مضيفاً ماشاء له من بهارات كولومبيا حيث ولد
في الحب في زمن الكوليرا يكتب جابرييل عن فلورنتينو اريثا الذي وقع في حب فيرمينا اديثا منذ كان يافعاً، وبقى ثابتاً بعناد فظيع على مشاعره، حتى تلاقيا أخيراً، ليقررا أن كل الاوقات تناسب الحب، وأن شيخوختهما ليست عائقاً، هكذا يبقيان على ظهر سفينة- مصابة بالكوليرا- تذهب وتجيء عبر النهر فيما هما متعانقان
من تلك الرواية يقول جابرييل:
" كان يكفيه سماعها لمرة واحدة بشكل عابر، حتى يعجز الرب نفسه عن انتزاع خيط اللحن من رأسه لعدة ليال"
.
.
ياوعدي.....

ليست هناك تعليقات: