اتصلت به بعد أن انتقل الى بيته الجديد، أسأله عن سعادته بالاستقرار..فاجأني بأنه لم يستطع النوم جيداً ، وأن حجم البيت الكبير جعله يشعر بالوحشة ..! والحقيقة أن ( البني آدم) عصي على الفهم، فيما فكرنا بمحدودية الاحتمالات التي ترد خاطرك ورغم ذلك يفاجئك الواقع بتفسير لم تفكر به، ففي الوقت الذي يقول به شاعر البيوت بأن (ركن بيته حجر)،يصر الفلاسفة أن معنى البيت نفسي بحت، وهو داخلي أكثر من يخص جدران أربعة، هذا يعني أن كل منا يحمل بيته داخله، ويشرع النافذة التي يريد على المشهد الذي يريد ، عندما يريد.. لعل هذا التفسير الذهني البحت يخفف العناء على الشباب، حين تطالبهم حبيباتهم بشراء بيت يتسع لأحلامهما معاً، مما يعني بشكل مبطن، أن لايقل عن أربعة غرف وصالة ومطبخ حديث بمعداته الكهربائية، وشرفة لها اطلالة ( تشرح النفس) ، وهي مواصفات من المتوقع منها وقاية الحب من مطبات (بكرا) ومشاكله.. وبالطبع البيت لا يشبه الكوخ الذي نراه في أحلام اليقظة ، والذي يشبه الى حد ما مشهدا سينمائيا من فيلم اجنبي، تحيط به الاشجار والى جانبه يمر النهر.. وايضا لايشبه خيام الفلسطينين التي نتابعها في نشرات الاخبار ولا خيام الكشافة التي يقيمونها في مكان ما ليعيشوا حياة الخلاء ويتمتعوا بالحياة بعيدا عن رخاء المدنية والمدن، والبيت بطبيعة الحال يختلف عن المنزل- بس وحياتكم لم اعد أذكر الفرق - والشقة في مصر أو في سوريا أو في دولة نفطية تختلف عن الشقة في بروكلين أو في إحدى ناطحات السحاب في نيويورك، والفروق أتركها لخيال القارئ، أما البيت الذي لايمكن نسيانه، ويتفق على ذلك الفلاسفة والمفكرين والشعراء والمواطنين فهو بيت الطفولة إذ مهما بهتت ملامحه ، الا أنه يضيء في أذهاننا فجأة كضوء خاطف، كلما هاجمنا الحنين.. وهذا ، بالطبع ، لن يقلل من أهمية قلب الحبيب ، باعتباره بيتا دافئا يضمنا مرة ،ويطردنا مرة ،ونحرد منه مرات ومرات ومرات
http://suzankhwatmi.elaphblog.com/posts.aspx?U=144&A=323
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق