22 فبراير 2017

الأديب (متلو متل غيرو) ...


 -  في البداية ..  نسأل كأديبة  كيف تنظرين إلى علاقة الناس بالأدب بشكل عام والقصة القصيرة على وجه الخصوص ؟  

يتناقص عدد القراء والمهتمين بالأدب بشكل عام، ويعود ذلك إلى الاختيارات البديلة والمتاحة بوفرة، في ظل التطور التقني واكتساح الإعلام المرئي، والتعلل بضيق الوقت، وأحيانا عدم الاقتناع بأهمية النتاج الأدبي مادام غير قادر على تقديم الحلول لآلاف المشاكل الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية..
في الوقت نفسه، ومن الجهة الأخرى للمشكلة، يتحمل المتعاملون بالأدب عدم تطوير أفكاره وأساليبه ومخرجاته ، بحيث تتلاءم مع لغة العصر بإيقاعها السريع والمتجدد..


-  أصدرت  كتبا قصصية عدة ..  كيف تقيمين هذه التجارب، وتعملين الآن على إنجاز عمل روائي، هل بالإمكان إلقاء المزيد من الضوء على هذه الأخيرة ؟

أكاد لاأصدق أن لي 4 مجموعات قصصية، الظروف والصدفة لعبتا دورهما على الوجه الأكمل كي تتاح لي فرصة نشر تلك الاصدارات.. طبعا أنا سعيدة بإنجازي ، وممتنة لكل من ساعدني وساندني، دون أن أكون راضية تماماً عن كل ماكتبت.. وسيبقى هذا الشعور دافعي الأول لمحاولات جديدة في التعبير عن أفكاري. أما الرواية التي أشرت إليها، فمازالت ضمن خططي المستقبلية، لست مستعجلة، وأيضاً لا أعرف إن كانت سترى النور قبل أن تتفسخ فكرتها بالكامل.!                                                                                   


-   ما محرضات الكتابة ، أو كما يسميها البعض ملهمات الكتابة عند سوزان خواتمي  ؟       

لاشيء بالتحديد؛ والقليل كاف، بما هو متاح على ارض الواقع : بعض الوقت، ونظرة فاحصة ومتأنية. إن تجاربنا ككتاب، ولاأجرؤ على قول مبدعين، قاصرة، ولا تتعدى حدود قراءاتنا وواقعنا المعيش، لذلك غالبا ماندور في الأفلاك نفسها دون تميز حقيقي في المواضيع والخيال، لذلك يصبح اعتمادنا على اللغة ضرورة ، كبديل أولا، وكخصوصية لكاتب عن آخرثانيا..                


-  ما رأيك في الواقع الثقافي والفعاليات الثقافية على المستوى العربي وكيف تنظرين  إلى  جديتها وجدواها ؟
لا نبدو على الصعيد الثقافي في أحسن حالاتنا، الابداع والكتابة والفكر مناخات لاتنمو إلا بالحرية .. قيودنا يوما بعد يوم تصبح أكثر ثقلاً ، ويؤسفني بالطبع أن أجد كتبا مطبوعة قبل أكثر من قرن، وتمنع الآن..! أما عن الفعاليات الثقافية فهي أيضا مفرغة من جدواها، لأنها مقسومة إلى نصفين: إما تصفيق وتهليل، أو تعنيف ورفض .. وكلاهما أجواء طاردة، لاتساعد على طرح الأسئلة ، أوتقييم ابداع، أو توليد أفكار الجديدة..

-  لك تجارب مع  أمسيات قصصية  ..  هل تحدثينا عن هذه الأمسيات وماذا تمثل الأمسيات بشكل عام ومايمكن أن تضيفه للكاتب ؟
ينطبق العام على الخاص ، ورأيي بالفعاليات الثقافية ينطبق على الأمسيات التي شاركت بها، والتي أعتبرها إطلالة مطلوبة على الآخر، لأعرفه ويعرفني، لاأكثر من ذلك ولا أقل .


-  يتحدث البعض بين وقت وآخر عن مستقبل الإبداع المكتوب في ظل واقع مغاير  كيف ترين هذه الإشكالية ؟

حتى الآن مازال هناك ولله الحمد مشجعون ومؤيدون للكتاب بصفحاته الورقية، لكن هذا لن يدوم طويلا، فالتطور سيطالنا شئنا أم أبينا، وسيصبح الكتاب مجرد ذكرى، في تراتبية تطور تشبه ريشة المحبرة والقلم والكي بورد اليوم .. إن الحياة التي لاتقبل التطور لامعنى لها.. علينا فقط أن نكون مسلحين دائما بالقدرة على تحمل التغيرات واستخدامها، مادمنا غير قادرين على أن نكون جزءا فعالا ومساهما في آلية هذا التطور.

-  كيف تنظرين إلى واقع حضور الأدب بفروعه كافة  في وسائل الإعلام الآن ؟

هناك دائما قنوات فضائية تخصصية وجادة، بل وأكثر بكثير من السابق، بعضها يختص بالأدب والثقافة ،وأخرى للاكتشافات والأخبار العلمية ، وثالثة للطرب، ورابعة لأفلام الأطفال المتخصصة، والعزوف عنها وإن يكن اتجاها عاماً، سوى أنه أيضا شأن شخصي، فالاستثناءات موجودة، حتى بين صفوف الشباب أنفسهم، و يستطيع كل منا تحمل مسؤولية اختيار توجهه الخاص، دون أن يصبح الاعلام ( مسمار جحا) الذي نعلق عليه ذنوبنا.. الغث والثمين موجودان جنبا إلى جنب، و مادامت الامكانيات متاحة والاختيارات الشخصية حرة،  علينا الوضوح والشجاعة حين نقييم أنفسنا، ولنعتق وسائل الاعلام لوجه الله.                                   

-  ماذا تمثل لك الكتابة وأثرها في حياتك وكيف جاءت علاقتك بها منذ البداية  ؟                        

القراءة كهواية محببة رافقتني منذ طفولتي، وإصرار أبي على أن تكون المكتبة جزءا من حياتنا دون قيد ولاشرط، وأخيرا مساندة وتوجيه استاذي محمد خالد القطمة  رحمه الله.. جميعها أمور أدت إلى ارتباطي الحتمي بالكتابة.

- كان الأديب في زمن ما يتصدر كرمز اجتماعي بارز، الآن يبدو الأمر مختلفا، كيف ترين شخصية الأديب في المجتمع العربي في الوقت الراهن  ؟                                               

( متلو متل غيرو) ، فالوسط الأدبي كخليط بشري يتحمل المساوئ والايجابيات الشخصية شأنه شأن أي حراك اجتماعي آخر، قد يبدو الأديب محملا بهموم الآخرين، وقد يكون أنموذجا ايجابياً لغيره من الناس، ولكن ليس بالضرورة.. الموهبة الابداعية تعزز حضور الأديب، وهي سمة لاتخص الشرفاء والصادقين فحسب..!

- هل لك من طقوس تحرصين عليها لحظة الكتابة ، وماهي  الأجواء التي تدخلك إلى عوالم النص ؟                                                                                        

اكتشفت أن الانفعالات الحادة هي الظرف الأسوء للكتابة ؛ كالفرح والحزن والغضب، لكنها جميعا بعد انقضاء فورتها الأولى، نافعة وجيدة لتوليد الأفكار.. أما متطلباتي في الكتابة فقليلة ومتواضعة؛ ليس أكثر من لحظة هدوء ومكان مريح ومرتب.. بالطبع الليل بساعاته التي لاتقطعها المفاجآت، هي الأنسب دائماً.. على كل حال، أعطني الوقت، وسأعدك بأن تكون كل اللحظات مناسبة للكتابة.

-  بعيدا عن القصة والراوية والأديبة  كيف تقدمين لنا سوزان خواتمي الإنسانة ؟                                
أتحفظ على الاجابة، وأبقيها متاحة للآخرين الذين أعيش معهم وبينهم، فهم الأقدر على تقديمي كإنسانة، إذ يبقى المرء معرضا دائما لصياغات مغلوطة وربما مغرورة حين يتعلق الأمر بشخصه.. أحاول قدر المستطاع محاكمة نفسي ومساءلتها..

حوار (نسيت مع من اجريته، وأين نشر ) 



ليست هناك تعليقات: