12 نوفمبر 2008

رثاء محمد خالد القطمة


رثاء
كان غيمة من بياض

رحمه الله..كان غيمة من بياض..وكان دمعة تسكن قلبا كبيرا...وكان يحب أصدقاءه بشكل استثنائي جدا، ولم يكن يؤلمه أكثر من تنكر بعض هؤلاء له أحيانا.اتصلت به ذات يوم عقب مشاهدتي لبرنامج تلفزيوني كان قد استضافه للحديث عن ذكرياته الكويتية تحديدا. وسألته عمن اتصل به ممن ذكرهم وشكرهم من الشباب الكويتي (آنذاك)، فقال بألم شديد وصوت دامع: لا أحد...، قبل ان يستدرك :تذكرت.. اتصل أحدهم ليلومني بعنف لانني ذكرت اسمه في ذلك الموضوع بالذات...رغم انني مدحته، لكنه كما يبدو يريد ان يتنصل من دوره القديم!!رحمه الله...دمعته كانت أكبر من أن يخفيها عندما رحل صديقه الشاعر نزار قباني، وظل طويلا يتذكر الراحل الكبير وحكاياته معه، وكلما اردت ان استرسل معه في الحديث كنت أسأله عن نزار... تحديدا. وكان يتصل بي كل سنة قبل حلول ذكرى رحيله مطالبا بأن نكتب شيئا في الصفحة الثقافية عنه...رحمه الله...من بين يديه خرجت الطبعة الثانية، الحقيقية، من كتابي الأول، عبر دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع، أو الخيمة التي ظللت بداياتنا بجميلها الكبير، ومنذ تلك الأيام وعلاقتي به مستمرة ومتجددة.رحمه الله..أهداني يوما قصيدة عنوانها «غياب.. غياب.. غياب» تعليقا على صدور ديواني الثاني «تغيب فاسرج خيل ظنوني»، وطلب مني نشر تلك القصيدة في الصفحة الثقافية التي أحررها، وعندما تحرجت من نشر الإهداء الموجه إليَّ كاملا، استبدلت به الحرفين الاولين من اسمي (سين، ميم)، فلم يعجبه الأمر إلا انه اعتمده عندما نشر القصيدة في احد دواوينه بعد ذلك.رحمه الله..كلما أرسل لي، المجموعات الشعرية التي وصلت إلى التصفيات النهائية في مسابقة سعاد الصباح للإبداع الشعري كي أساهم في اختيار الفائزين كل عام، كان يسألني عن واقع الإبداع الشبابي من واقع مستوى تلك المجموعات التي تصلني، فكنت أعلق بكلمة لا بأس... وكان يرد ضاحكا... هذي هي المشكلة!!رحمه الله...كلمني للمرة الأخيرة من خارج الكويت بعد رحيل محمود درويش، طالبا مني أن انشر له شهادته عن الشاعر الراحل، وكانت مقالة مميزة فعلا. سألته يومها عن صحته فقال: ارجوك.. لا تسأليني هذا السؤال..كل الناس يسألونني السؤال نفسه... شو؟ ما وراكم غير صحتي؟... ضحكنا كثيرا.وكان حدس ما يلح علي، ويقول لي انها الضحكة الاخيرة التي اسمعها منه، فقد كانت تشبه غيمة من بياض. ولم اكلمه بعدها حتى لا أسأله ذلك السؤال المزعج.رحم الله محمد خالد قطمة... صديقنا كلنا في الصحافة والشعر والنثر وما لا تدركه المشاعر والكلمات والمهن.
سعدية مفرحwww.saadiah.info

ليست هناك تعليقات: