14 نوفمبر 2008

لا تقرأني
خالد يكتب مرثيته
عبد اللطيف الاشمر
غدا عندما يستفيق خالد قطمة - بإذن الله - في مكان يقدره الله وحده، لاشك انه سيردعنا عن كتابة أي شيء عنه، وسيكتب بنفسه رثاءه او انتقاله لكنه بالتأكيد لن يتحدث عن مآثره.. فالمأثرة عنده واجب طالما انه تصدى للقلم والورق، امتهن عشق الحروف التي تجمع نفسها في كلمة لدرجة انه لم يكن يرى أحدا يكتب.كان بالفعل «ديكتاتورا» في الكتابة فلم يسمح للمتطاولين عليها بتدنيسها في لحظات الاسترخاء.. فالكتابة تتطلب استنفارا للتاريخ، للواقع في جهات الأرض الأربع.. استنفارا للمستقبل.. فهو يريدك ان تكون مقروءا من أصحاب المعلقات السبع والمتقعرين في حكاية اللغة المرتحلة في العصور ومن متصفح البرقيات الالكترونية بسلاسة في آن.غداً عندما يستفيق خالد المتفلت من سياط الجلادين، سيقرأ من مكانه ما كتبت وسيعطيك دائما الدرس الأخير.. ولكل محاولة عنده درس أخير! الرجل امتطى صهوة السحاب وافترش العشب ونام بين قصرين وخيمة.. لم يكن يترك للوقت فرصة لممارسة غدره فيه.. الى ان غدره وكان يحتسب ذلك لكنه كان يستهين به.. فالموت غدار اما عند خالد فلقد تمهل ليأكله قضمة قضمة. ويريه ما تآكل منه.وعندما تقاعد كان يمارس قتل الذات في مهنته ومسؤولياته فهو عدو الفشل مع انه لا يريد لأحد ان يتحدث عنه.ومن كان مثل خالد الذي يتقن صناعة الاحساب والأنساب والأجداد، كما يتقن صناعة الاستشراف بوعي وبغيبوبة يعرف ماذا يترك لنا.. لأولاده.. لأحفاده.. لمحبيه.أما سفره العصيّ على التزوير فهو حكايات يقولها في كل مناسبة ودائما ما كان يختطف الكلمات من الألسن قبل ان تنطلق لتحتل حيزا في المسمع.وصورة لمفردة مرسومة بألوان العين.. وخط البصر.. وارتماءات النفس في حقول المعرفة.. حتى توكأ الموت على عكازه واختلسه على مراحل حتى كاد ان يقول «خذني»!

ليست هناك تعليقات: