13 نوفمبر 2008

رثاء محمد خالد القطمة


بعد صراع طويل مع المرض وحياة حافلة بالعطاء الصحافي والإعلامي
خالد قطمة ودع دنياه وترك إرثاً مميزاً وإبداعاً نادراً

كتب أحمد حمودة:
بعد رحلة طويلة من الابداع الإعلامي والشعري والإداري وبعد صراع طويل مع المرض رحل عن دنيانا المبدع والإعلامي الكبير محمد خالد القطمة عن عمر يناهز «74 عاما».ساهم الفقيد في تأسيس وتدعيم العديد من المؤسسات الصحفية الكويتية وكان احد رواد الصحافة الكويتية والعربية.ولد الراحل في عام 1934 في مدينة حماة السورية ودرس الابتدائية فيها ثم ذهب الى لبنان للدراسة في المدرسة الامريكية ومنها الى الجامعة الامريكية في بيروت.تعرض الفقيد للسجن في بداية حياته وكان اول ماكتبه من انتاجه في جريدة «صدى لبنان» ثم اتجه بعد ذلك للعمل مديرا لتحرير جريدة البناء التي كانت تصدر عن الحزب السوري القومي الاجتماعي.كما عمل الفقيد مديرا لادارة البرامج الثقافية في التلفزيون السوري وسرح من عمله ايام انفصال الوحدة بين مصر وسورية في عام 1963.وبعدها قرر القطمة ان يدفع بدل الخدمة العسكرية في الجيش السوري الى ان قرر السفر الى الكويت وكانت بدايته العملية في جريدة «الرأي العام» ثم اسس مجلة اليقظة تلتها الهدف ثم الوطن لينتهي به المطاف به في جريدة الانباء.عمل دؤوبواثناء الغزو الغاشم اسند اليه القائمون على جريدة الانباء اصدار الجريدة من القاهرة واستمر في عمله المجهد والمضني الى ان قرر ان يستريح من العمل الصحفي ويكتفي باطلالات سريعة من خلال بعض الكتابات في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية.وانتهى به المطاف مديرا لدار سعاد الصباح للنشر ثم بعدها تمكن منه المرض الذي قاومه طويلا الى ان تمكن منه اخيرا واسلم روحه لبارئها ولكنه كان كاتبا جريئا وصاحب رأي قوي فقد دخل في صراعات عنيفة وطويلة مع انظمة واشخاص لا تعرف معنى الحرية ولا تقيم لها وزنا.يقول الراحل خالد القطمة عن مشواره المليء بالمتاعب والصعاب انه لأمر كبير ان تتمكن من التعبير عن ذاتك بالكتابة اولا وبالنشر ثانياً:ويتابع اطالع ما ينشر لي وكأنني اقرؤه لاول مرة ويمتعني ان يكون اسمي هناك في جريدة او مجلة والاروع ان يكون على كتاب.وكان رحمه الله يؤكد انه ليست هناك سعادة تعدل امساكك بالنسخة الاولى من كتابك الاولي، مستذكراً انه عندما صدر العدد الاول من «الاسبوع اليوم» حمل نسخة منها وراح يقرأ الغلاف مرات ومرات، كما انه قبله وانتشى كأنه يقبل اجمل امرأة في الدنيا.ومع انه كان يكتب الشعر وله اسلوب خاص به يتميز عن باقي الشعراء الا انه كان يرفض تسميته بالشاعر لانه كان يؤمن بأن انتاجه مهما بلغ فلن يحقق له ما يريد حيث كان يقول عن ذلك «الشعر مملكة لست صاحب عرش فيها ولا طامعاً فيه».كتاباته الصحافيةواما عن كتاباته الصحفية فيقول رحمه الله ان المقالة هي انا حيث استطيع ان اقول ما أؤمن به وما يجول في صدري بكل حرية.واما عن الصراعات والمشاكل التي واجهها بسبب اتجاهاته السياسية فكان يقول: ليس هناك ما يستحق ان تموت من اجله ان ما اراه في لبنان وغزة والعراق والجزائر يجعلني لأول مرة كارهاً لعروبتي واشعر بالمهانة.نظرة واحدة الى غزة وما يحدث فيها تجعلني اتمنى لو لم اولد في هذا العصر وفي هذه الارض باللسان العربي، امام حمام الدم هذا لا اجد ما اقوله.وعن رؤيته للواقع العربي ومدى هامش الحريات التي تتمتع به الشعوب العربية كان يؤمن بان الانظمة التي تعاقبت علينا هي المحنة التي نزلت علينا ضد ارادتنا وضد احلامنا، فالنظام الذي لا يراك من ثقب حذائه كيف تريد له ان ينهض بالأمة.النظام الذي يتصرف وكأنه وريث العناية الإلهية.وعن حياته الشخصية فقد نشأ في اسرة مترابطة، وكان يحب والده كثيرا معجبا به لاقصى درجة بسبب ذكائه ونجاحه في عمله كمحام.ثم كانت علاقته بوالدته مميزة جدا على الدوام لعطفها وحنانها عليه وتشجيعها الدائم له، الا ان علاقته باخوته واخواته لم تكن متواصلة بسبب هجرته وتركه البيت منذ عام 1947.تزوج من السيدة «نورا عازار» حيث تم التعارف بينهما في احدى الحفلات حتى انهما سجنا معاً في اوائل 1962 وعندما خرجا من السجن تزوجا في اليوم التالي مباشرة.له من البنات نضال ومنى وحبيبة ومجد، وبسبب ظروفه الصحية لم يعد يستطيع مزاولة هواياته في ايام الشباب حيث كان يكتفي بمشاهدة مباريات كرة القدم.رحم الله فقيد الصحافة الكويتية والعربية واحد اعلامها الكبار والهمنا وذويه الصبر والسلوان.

ليست هناك تعليقات: