15 يونيو 2016

العيد.. أو وضع الهموم على رفٍّ مجاور!

منذ كانت الحياة فوق هذا الكوكب، والإنسان يجتهد في محاولة ابتكار حلول للمشاكل والمصاعب التي تعترض سبيله، ببعض الحماسة وشيءٍ من الخيال أوجد النار ليتخلص من العتمة، واخترع الآلة ليرتاح من مشاق العمل، واعتمد الكتابة ليستعين بها على النسيان، واخترع الأعياد ليهزم الأحزان. 

الحزن التراكمي، الحزن اليومي، الحزن الذي بلا جدوى ينفض سامره بالطقوس الاحتفالية للأعياد، إذ يهتم الناس بشراء الملابس الجديدة، ويحلق الرجال ذقونهم، وتتجمل النساء، وتُغلى القهوة فوق مواقد المحبة، وتقدم أصناف الأطعمة والحلوى والسكاكر، ويتم تبادل عبارات التهاني والتبريكات، بل ويحكى أن المتخاصمين كانوا يجعلون من العيد مناسبة لفض خصوماتهم، دعكم من ذلك، اليوم لم يعد أحد يأبه بمن خاصمه بعد أن انقرضت صفة التسامح.

ولأن الغاية الأساسية من العيد، أي عيد، دحر جحافل الحزن والملل والنكد، فإن الأعياد تشترط قبل قدومها رمي الهموم جانباً ووضعها على رفٍّ مجاور، بحيث تكون في متناول اليد، والحمد لله، لم يشتك أحد - حتى اللحظة - بأنه أضاع هماً، أو أنه مد يده ولم يجد همه على حالته التي تركه عليها!

الأعياد، من حولنا كثيرة، وأكثر من أن تحصى، لأن تحويل مناسبة ما إلى عيد، ليست بالعملية الصعبة، فما عدا الاحتفالات الدينية والوطنية، ثمَّة يوم للشجرة، وآخر لسرطان الثدي، ويوم للتخضير، بل ويوم للنباتيين!
 

لكن التعددية لا تلغي الخصوصية، فعيد الأضحى لتقديم الأضاحي، وعيد الفطر لإنهاء شهر الصوم، وعيد النيروز لإشعال النار، وعيد الفصح لتقديم البيض الملون.. أما عيد رأس السنة الذي يضع حداً لـ 12 شهرًا مضوا من العمر، فإنه مناسبة رائعة للـ "الجَرد"؛ بما يشبه ما تفعله الشركات لمعرفة حصيلتها المالية، وأرباحها وخسائرها، ومن ثمَّ وضع خطة لـ 12 شهرًا قادمًا.
 

عيد رأس السنة مناسب لمعرفة ما حصدناه وما سُلبَ منا. ومناسب لترتيب مشاعرنا وتوزيع أمنياتنا بين الضروري والعاجل والعاجل جداً. ومناسب لتقييم من نعرفهم ضمن قوائم جديدة تفصل بين المقربين والمتقلبين والمقصيين. إذْ ما من قوائم ثابتة لهكذا موضوع، وإلاَّ لكنا أقمنا عيداً لأولئك الذين.. لا يتغيرون!
سوزان خواتمي

مقال نشر في موقع اراء الالكتروني

ليست هناك تعليقات: