15 يونيو 2016

تفاءلوا .. ولن تجدوه!



بمناسبة الاحتفال بيوم الطفل العالمي قبل أيام، والذي صادف في الـ 20 من الشهر الجاري بحسب توصية الأمم المتحدة، قررت أن أتفاءل بما يتناسب مع هكذا مناسبة سعيدة تتعلق بالبراءة. حدث أن الصباح كان باهراً والعصافير تزقزق، فاسترجعت طفولتي الرائعة وذكريات الهناءة المفرطة مع أبنائي حين كانوا صغاراً. وإمعاناً مني في التفاؤل؛ قررتُ الابتعاد عن منابع القلق ومصادر التوتر العالي بأنواعها، خاصة تلك التي تأتي من جهة النشرات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الحوارية والتحليل السياسي.. إلخ. فالفكرة منطقية، ولا غبار عليها. إذ ما الفائدة من إيلام القلب وكسر عنق الأمل، وركل جدوى الحياة بعيداً؟ فالعلم بالشيء كالجهل به، ما دمنا لسنا سوى شهود على عالم يتدحرج بكليته نحو الهاوية.

لكني بدوتُ كمن قفز عالياً، في الهواء، دون أن يثق بأن ثمة ضفة أخرى، ضفة آمنة ستستقبله. ورغم أن القرار الشخصي غير كاف، صرتُ "أكش" النكد بعيداً، وتجاهلت خبر الماعز الذي وزعته الحكومة السورية لأسر "الشهداء". تغاضيت عن الريح التي تصفر في الجناح السوري بمعرض الكويت الـ 38 للكتاب، وتجنبت إحصائية ضحايا الزلزال الأخير في الفيلبين. حتى أنني أشحت بوجهي عن "داعش" التي تأمر بقطع رؤوس من يؤيد الائتلاف والأسد!

ولأنه كان يوماً للطفولة، أردت أن أعرف كيف يهدهد هذا العالم أطفاله الطيبين، فوجدت أن (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) وثقت أكثرمن 12 ألف طفل قتيل، بينهم 92 طفلاً ماتوا تحت التعذيب، و10 أطفال ماتوا جوعا، وقُرابة الـ 300 ألف طفل سوري جريح، و1.6 طفل لاجئ، و9 آلاف طفل معتقل. أما تقارير (اليونيسيف) فتقول أنه رغم التقدم الذي طرأ في مجال الرعاية الصحية، فما يزال حوالي 600 طفل دون سِن الخامسة يلقون حتفهم المبكر سنوياً في "العالم العربي". فيما يبدي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، القِلق دائماً، قَلقه... فيشير إلى وجود انتهاكات كبيرة ضد الأطفال في دول عدة بينها سوريا، لبنان، العراق وليبيا، إضافة إلى تجنيد الأطفال في النزاعات العسكرية الدامية هناك. ناهيكم عن الأرقام المفزعة لإحصائيات تناولت أطفال الشوارع، والتسرب من المدارس، وزواج القاصرات، وفقر الرعاية الصحية، وعدم توفر اللقاحات، وظهور حالات جديدة لشلل الأطفال في سوريا.

تلاشت حماستي لمشروع التفاؤل، لأن قرار التفاؤل شيء؛ والحصول عليه "طموح" آخر تماماً.

ليست هناك تعليقات: