منذ نشأة الأرض، والإنسان يتعثر في محاولات إعمارها، ينجح مرة ويفشل مرات، ويتعلم وفق التجربة - باهظة الثمن - تقدير ما هو الصواب وما هو الخطأ. المسيرة الشاقة في هذا الكوكب المتعِب اضطرت الإنسان لأن يرتب "إنسانيته" التي تقوم على مبدأ المشاركة، ويتخلص شيئاً، فشيئاً، من الوحشية التي استهلَّ بها رحلته الطويلة نحو الحضارة.
بسبب ذلك، طرأت على البشر تطورات لم تتوقف عند حجم الجمجمة، والبنيان العظمي، وانتصاب القامة، وتناقص المعدل الوسطي لحدود العمر، بل رافقتها سلسلة من الاكتشافات والاختراعات التي جعلت الحياة أسهل، والمفروض أنها أمتع. رافق التطور الفيزيولوجي والتكنولوجي "باقة" أخلاقية فرضتها الأديان والأعراف والقوانين، وكان الهدف منها تنظيم المجتمعات بشكل لائق؛ وفق مفاهيم عامة يتم التوافق حولها... لكن، هل نجح الإنسان - حقاً - في الامتحانات التي يتعرض لها في الأوقات العصيبة حين الزلازل والكوارث والحروب؟!
قسَّم المؤرخون تلك الأحداث إلى محطات وحقب وفقاً للتحولات المهمة، ما قبل الميلاد وما بعده، واكتشاف النار، واختراع الكتابة، ومرحلة الزراعة، وعصر الآلة، واندلاع الحروب العالمية... ولعلهم يضيفون الآن حقبة (انتكاس الإنسانية)!
ضمناً؛ نحن نعترف بأننا - حيث نعيش - في نصف الكرة الأرضية، نستهلك ما توصلت إليه حضارة النصف الآخر، فنستخدمها ونبقي، بعزم الحريص، على الجهالة. لكن من الصادم أن نتعرض لاختبارات نوعية في هذا القرن ونخسر على هذا النحو. فالإنسان الذي نقش حروفه على الحجر، وتخلى عن القتل، وروَّض الحيوانات، واستخدم عقله في اختراعات مدهشة، واستطاع ابتكار أنواع وأصناف من الأطعمة والمشروبات فتلذذ بما طاب واشتهى، واستخدم المواصلات الحديثة ليعبر القارات، ورغم ذلك يعود في لحظة - غير محسوبة - إلى البدائية الأولى، فتستيقظ عنده غريزة القتل ورفض الآخر والثأر والتعذيب والتشويه.
ما نشهده في ألفيتنا اللاإنسانية من فظاعات، يشبه ما رأيناه في الأفلام التي تتحدث عن العصور الوسطى وما قبلها، الذبح من الوريد إلى الوريد، وقطع الرؤوس، والسحل والمجازر، والإبادة والتفجير. صحيح أن أنظمتنا لم تبخل علينا بأنواع التعذيب المبتكرة داخل أقبية الأمن، لكن المزري حقاً هو تحول سلوكياتنا الشخصية نحو كل أطياف العدوانية والعنف اللفظي والفعلي والاقصاء، فالانحياز في تقييم أي حادث يقع في العراق أو ليبيا أو سوريا أو مصر أو البحرين لا بد أن يتبع انتماءك "الضيق" وليس فداحة الفعل نفسه!
إن خسارة الإنسان لإنسانيته أمر قابل للعلاج، فقط إذا أدركنا أننا نخسر. الإشكال أننا نستهلك القيم التي حفظناها عن ظهر غيب؛ نصم الآخر بكل النقائص، كوننا نظن به ما لا يمكن أن نظنه بأنفسنا، وتلك بحد ذاتها مصيبة المصائب!
بسبب ذلك، طرأت على البشر تطورات لم تتوقف عند حجم الجمجمة، والبنيان العظمي، وانتصاب القامة، وتناقص المعدل الوسطي لحدود العمر، بل رافقتها سلسلة من الاكتشافات والاختراعات التي جعلت الحياة أسهل، والمفروض أنها أمتع. رافق التطور الفيزيولوجي والتكنولوجي "باقة" أخلاقية فرضتها الأديان والأعراف والقوانين، وكان الهدف منها تنظيم المجتمعات بشكل لائق؛ وفق مفاهيم عامة يتم التوافق حولها... لكن، هل نجح الإنسان - حقاً - في الامتحانات التي يتعرض لها في الأوقات العصيبة حين الزلازل والكوارث والحروب؟!
قسَّم المؤرخون تلك الأحداث إلى محطات وحقب وفقاً للتحولات المهمة، ما قبل الميلاد وما بعده، واكتشاف النار، واختراع الكتابة، ومرحلة الزراعة، وعصر الآلة، واندلاع الحروب العالمية... ولعلهم يضيفون الآن حقبة (انتكاس الإنسانية)!
ضمناً؛ نحن نعترف بأننا - حيث نعيش - في نصف الكرة الأرضية، نستهلك ما توصلت إليه حضارة النصف الآخر، فنستخدمها ونبقي، بعزم الحريص، على الجهالة. لكن من الصادم أن نتعرض لاختبارات نوعية في هذا القرن ونخسر على هذا النحو. فالإنسان الذي نقش حروفه على الحجر، وتخلى عن القتل، وروَّض الحيوانات، واستخدم عقله في اختراعات مدهشة، واستطاع ابتكار أنواع وأصناف من الأطعمة والمشروبات فتلذذ بما طاب واشتهى، واستخدم المواصلات الحديثة ليعبر القارات، ورغم ذلك يعود في لحظة - غير محسوبة - إلى البدائية الأولى، فتستيقظ عنده غريزة القتل ورفض الآخر والثأر والتعذيب والتشويه.
ما نشهده في ألفيتنا اللاإنسانية من فظاعات، يشبه ما رأيناه في الأفلام التي تتحدث عن العصور الوسطى وما قبلها، الذبح من الوريد إلى الوريد، وقطع الرؤوس، والسحل والمجازر، والإبادة والتفجير. صحيح أن أنظمتنا لم تبخل علينا بأنواع التعذيب المبتكرة داخل أقبية الأمن، لكن المزري حقاً هو تحول سلوكياتنا الشخصية نحو كل أطياف العدوانية والعنف اللفظي والفعلي والاقصاء، فالانحياز في تقييم أي حادث يقع في العراق أو ليبيا أو سوريا أو مصر أو البحرين لا بد أن يتبع انتماءك "الضيق" وليس فداحة الفعل نفسه!
إن خسارة الإنسان لإنسانيته أمر قابل للعلاج، فقط إذا أدركنا أننا نخسر. الإشكال أننا نستهلك القيم التي حفظناها عن ظهر غيب؛ نصم الآخر بكل النقائص، كوننا نظن به ما لا يمكن أن نظنه بأنفسنا، وتلك بحد ذاتها مصيبة المصائب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق